دفاع عن البراعة الإدارية لـ"إيلون ماسك"

إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بغضِّ النظر عن أدائه الاستعراضي، بدءاً من تغريدة عام 2018 التي ذكر فيها أنَّه "يفكر في جعل (تسلا) شركة خاصة"، والتي تكبّد بسببها غرامة قدرها 20 مليون دولار من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وتدخينه الحشيش خلال بث صوتي لبرنامج (بودكاست)، وصولاً إلى عرضه الأخير لشراء "تويتر" مقابل حوالي 43 مليار دولار - فإنَّ إيلون ماسك مدير أعمال جيد جداً.

الأسابيع التي هزت "تويتر": كيف بنى إيلون ماسك حصته في الشركة؟

في الواقع، هو الرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم التي لا مثيل لها.

من بين أكبر 10 شركات مدرجة في البورصة؛ احتلت شركة "تسلا" التابعة لـ ماسك المرتبة الأولى من ناحية النمو خلال العقد الماضي، فقد زادت الإيرادات أكثر من 260 ضعفاً لتصل إلى 53.8 مليار دولار.

شركة "تسلا" هي رقم 1 خلال الـ12 شهراً الماضية، إذ ارتفعت المبيعات 71%؛ وهي الشركة رقم 1 في أداء الأسهم على مدار خمس و10 سنوات، حيث ارتفع تقييم سهمها خلال الفترتين 15 و146 ضعفاً على التوالي ليصل إلى ألف دولار مؤخراً؛ فضلاً عن رقم 1 في التوظيف، إذ باتت لديها قوى عاملة أكبر بخمسة أضعاف منذ عام 2016، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

إنَّ العالم الذي دمّره تغيّر المناخ الناجم جزئياً عن الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري يجعل شركة صناعة السيارات الكهربائية "تسلا" خياراً متزايداً للشركات المشغّلة لأساطيل السيارات بسبب قلة الوقود، وتدني تكاليف الصيانة.

وهذا سبب كبير يجعل نمو مبيعات "تسلا" في أوستن بولاية تكساس في المرتبة الأولى العام المقبل (30%)، ومرة أخرى في عام 2024 (18%)، وفقاً لتقدير متوسط لـ33 محللاً شملهم استطلاع "بلومبرغ".

رؤية إيلون ماسك لحرية التعبير على "تويتر" قد تُبعد المعلنين

من بين الشركات الست التي لا تقل قيمتها السوقية عن تريليون دولار، لم تحقق تلك الشركات هذا الإنجاز بالسرعة نفسها - وبقيت في هذا المستوى – مثل "تسلا"، التي فعلت ذلك بعد 11 عاماً من طرحها العام الأولي.

فقد استغرق الأمر 38 عاماً لشركة "أبل"، و"مايكروسوفت" 33 عاماً، وشركة "ألفابيت"الأم لشركة "غوغل" 16 عاماً، و"أمازون" 23 عاماً.

وصلت "ميتا بلاتفورمز"، الشركة الأم لـ"فيسبوك"، إلى تريليون دولار بعد تسع سنوات من الاكتتاب العام الأولي، لكنَّها تراجعت منذ ذلك الحين إلى 600 مليار دولار، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

تعتبر سوق الأسهم أنَّ "تسلا" تساوي أربعة أضعاف قيمة ثاني أكبر شركة مصنّعة للسيارات، "تويوتا" (Toyota)، وتبلغ قيمة "تسلا" حوالي 57% من أكبر 10 شركات مجتمعة.

إذا نظرنا من زاوية أخرى، نرى أنَّ "تسلا" تمثّل 41% من القيمة الإجمالية للشركات المصنّعة للسيارات التي يبلغ عددها 184 شركة متداولة في الأسواق بجميع أنحاء العالم.

على عكس أقرانها، ثابرت "تسلا" عملها خلال الاضطرابات، التي سبّبها الوباء أولاً ثم الحرب في أوكرانيا ثانياً، بفضل قضائها سنوات ركزت خلالها على تعزيز سلسلة التوريد الخاصة بها.

هذا هو السبب الرئيسي وراء تمكّن "تسلا" من الإفصاح في وقت سابق من هذا الشهر عن عدد قياسي لتسليمات الربع الأول على الرغم مما وصفته بفترة "صعبة بشكل استثنائي" تميزت باضطرابات متكررة، لا سيما إغلاق مصنعها في شنغهاي.

أصبح نجاحها في تأمين المواد واضحاً عندما وافقت "تسلا" في يناير على شراء 75 ألف طن متري من النيكل، وهو عنصر أساسي في بطاريات السيارات الكهربائية، من خلال مشروع في مينيسوتا أنشأته شركة "تالون ميتالز"(Talon Metals).

يأتي ذلك بعد أقل من ستة أشهر من عقد صفقة توريد للنيكل مماثلة من شركة التعدين "بي اتش بي" (BHP Group) التي تتخذ من ملبورن في أستراليا مقراً لها.

إنفوغراف.. ماذا لو استحوذ ماسك على كامل أسهم "تويتر"؟

وأفادت "بلومبرغ نيوز" الشهر الماضي أنَّ لدى"تسلا" أيضاً اتفاقية لتوريد النيكل لعدّة سنوات مع شركة "فالي دي ريو دوسي"(Vale) التي مقرها ريو دي جانيرو.

قالت كاثي وود، المؤسسة والرئيسة التنفيذية ومديرة الاستثمار في شركة "آرك لإدارة الاستثمار"، في مقابلة بوقت سابق من هذا الشهر: "كانت استراتيجية التكامل العامودي لشركة (تسلا) بالغة الأهمية".

"فعلى عكس منافسيها؛ فإنَّ (تسلا) تتحكّم في سياراتها... ويمكنها التعديل والتغيير" على عكس بقية شركات صناعة السيارات التي "تم وضع مواصفاتها - كما أنَّك على دراية بذلك - قبل ثلاث إلى أربع سنوات أو خمس سنوات... ولن تتغير"، بحسب ما قالته وود.

صعود لا يتوقف

تعتبر وود، البطل غير المعروف لشركة "تسلا"، إذ إنَّها منذ أن أطلقت صناديقها في عام 2014 توقَّعت تقييماً للشركة بقيمة تريليون دولار، عندما كان معظم المحللين يوصون بالبيع بجزء ضئيل من سعرها الحالي.

قالت وود، إنَّ تكنولوجيا بطاريات الشركة "تسبق أي شركة أخرى مصنّعة للسيارات بثلاث سنوات تقريباً". وترى أنَّ هذا هو السبب الوحيد الذي دفعها إلى زيادة توقُّعها لسعر سهم شركة "تسلا" الأسبوع الماضي إلى 4600 دولار للسهم في عام 2026.

وقالت: "أكثر من مليون ونصف سيارة على الطريق تجمع البيانات لإيلون ماسك... لا يوجد مُصنّع سيارات آخر لديه سيارات مجهزة لإعادة إرسال بيانات القيادة في العالم الحقيقي كهذه".

وأضافت: "من أجل التنافس مع (تسلا)، دعنا نقول ليكن السعر المثل بالمثل، سيتعيّن على الشركات المنافسة إما تخفيض المدى، أو الأداء والاعتماد على علامتهم التجارية، وإلا فسيخسرون المال إذا كانوا يريدون مواكبة (تسلا) بالسعر نفسه".

حصة سوقية ضخمة

من المؤكّد أنَّ إيرادات "تسلا" لعام 2021 البالغة 53.8 مليار دولار تمثّل 20% من سوق السيارات الكهربائية بالكامل، و80% من أول ست شركات صانعة للسيارات الكهربائية (حصراً) في العالم، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

يقول كولين ماكيراشر، رئيس تحليل النقل في "بلومبيرغ إن إي إف": "تحافظ (تسلا) في الغالب على حصتها في السوق حتى مع نمو سوق المركبات الكهربائية بشكل سريع للغاية".

بالإضافة إلى بيانات القيادة على أرض الواقع وتكنولوجيا البطاريات؛ تقول وود، إنَّ "تسلا" تمتلك شريحة ذكاء اصطناعي "لا تمتلكها أي شركة أخرى... شبّهنا هذا الحاجز بحاجز دخول (أبل) عندما صنعت شريحة الهاتف الذكي".

ميزة "تسلا" الرابعة هي أنَّ ماسك "يصف (تسلا) كشركة مصنّعة للمصانع... فلديها مصانع في فيرمونت، وكاليفورنيا، وأوستن، وشنغهاي، وبرلين".

أضافت وود: "مع كل مصنع، تصبح (تسلا) أكثر كفاءة وإنتاجية... إنَّها تعمل من الأسفل إلى الأعلى، إذ تنشئ هذه المصانع ذات الأتمتة العالية، التي تفوق أي شركة أخرى في العالم".

في كثير من الأحيان، يصنع إيلون ماسك الأخبار للأسباب الخاطئة، مما يمنح منتقديه تدفقاً ثابتاً من المواضيع لاستخدامها ضد شخص يقولون إنَّه أكثر قليلاً من مجرد شخص مولع بنفسه ويسعى للإعلان عن شركته. لكنَّ نجاح ماسك كمُعظّم بارع لقيمة المساهمين يثبت عكس ذلك.