أوروبا بصدد توجيه الضربة القاضية لنفط روسيا

محطة تكرير نفطية تابعة لشركة "روسنفت" الروسية
محطة تكرير نفطية تابعة لشركة "روسنفت" الروسية المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يقول مايك تايسون، بطل العالم السابق في الملاكمة للوزن الثقيل، إنه تعلم الحل لتوجيه الضربة القاضية من معلمه كوس داماتو: "فن اللكم هو عندما يمكنك توجيه لكمتين تبدوان وكأنهما واحدة".

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تكرار أسلوب تايسون ضد صناعة النفط الروسية، وهو يلقي بضربتين ويأمل في توجيه ضربة قاضية اقتصادية.

بعد أن أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الأربعاء عن حزمة عقوبات جديدة مقترحة، ركّزت العناوين الرئيسية إلى حد كبير على حظرها لواردات النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة الروسية. هذه هي الضربة الأولى المتوقعة.

لكن هناك ضربة ثانية متزامنة هي الضربة القاضية الحقيقية. تريد بروكسل أيضاً منع روسيا من استخدام الشركات الموجودة في الاتحاد الأوروبي لبيع نفطها إلى دول ثالثة، مثل الهند والصين.

اقرأ أيضاً: الهند تريد من روسيا خفض أسعار النفط إلى أقل من 70 دولاراً للبرميل

وهو حظر واسع نوعا ما:

"يحظر شراء النفط الخام والمنتجات البترولية أو استيرادها أو نقلها، بشكل مباشر أو غير مباشر، إذا كان مصدرها روسيا أو تم تصديرها من روسيا.

يحظر تقديم المساعدة الفنية أو خدمات السمسرة أو التمويل أو المساعدة المالية أو أي خدمات أخرى متعلقة بالحظر الوارد في الفقرة 1 بشكل مباشر أو غير مباشر.

يُحظر النقل، بما في ذلك من خلال عمليات النقل من سفينة إلى أخرى، إلى دول أخرى، من النفط الخام والمنتجات البترولية التي مصدرها في روسيا أو تم تصديرها من روسيا، بوساطة أي سفينة مسجلة تحت علم دولة عضو أو مملوكة أو مستأجرة، يتم تشغيلها أو التحكم فيها بطريقة أخرى من جانب مواطن دولة عضو أو أي شخص اعتباري أو كيان أو هيئة تأسست أو تم تشكيلها بموجب قانون إحدى الدول الأعضاء".

تهيمن أوروبا على تجارة النفط العالمية، وتمويل النفط وشحنه والتأمين عليه. إذا أنقذ النص القانوني المفاوضات الحالية في بروكسل، وفسرته الشركات الأوروبية بشكل صارم، كما يفعل المحامون عندما يتعلق الأمر بالعقوبات، فستواجه روسيا عقبات كبيرة في إيجاد أسواق جديدة للنفط الذي لن تشتريه أوروبا بعد الآن. سيكون التأثير مساوياً تقريباً، من الناحية العملية، للعقوبات الثانوية التي فرضتها واشنطن في الماضي لتوسيع مدى عقوباتها.

مسألة وقت فقط

تكره بروكسل ما يُسمّى مبدأ الاستقلال الإقليمي للعقوبات الثانوية الأمريكية، والذي استخدمها البيت الأبيض مع تأثير كبير على إيران. لكنها تكره أكثر من ذلك احتمال قيام روسيا ببيع النفط الذي اشترته القارة ذات مرة، وربما بأسعار أعلى، لدعم آليتها الحربية في أوكرانيا.

تحدّث إلى أي دبلوماسي بمجال الطاقة في بروكسل، ومن الواضح أن أوروبا تستهدف عائدات النفط -وليس فقط تدفقات النفط- ولهذا فهي بحاجة إلى منع روسيا من إعادة توجيه مسار نفطها الخام.

بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة، الحل هو منع بوتين من شن حملة دبلوماسية بشأن النفط لكسب الأصدقاء.

أوضح روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، هذا التفكير في مقابلة حديثة مع تلفزيون "زد دي إف" (ZDF):" قد يأتي بوتين ويقول: أترى ما يحدث، الغرب الرأسمالي يجعلك فقيراً، سأساعدك وأقدم لك خصماً قدره 20%. أريدك فقط أن تكون حليفي".

منذ أن بدأت الحرب، قلت إن فرض الغرب حظراً على النفط الروسي مسألة توقيت فقط، وليس غير ذلك.

في الوقت الحالي، أعتقد أن الولايات المتحدة وأوروبا ستستخدمان أدوات تشبه العقوبات الثانوية، بالإضافة إلى الضغط الدبلوماسي، لإجبار إنتاج روسيا من النفط على الانخفاض، بدلاً من مشاهدة كل النفط الروسي الذي اشتروه ذات مرة يذهب إلى مكان آخر.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يستهدف النفط الروسي عالمياً بعقوبات على خدمات الشحن والتأمين

الهدف في الوقت الحالي هو إقناع الحلفاء بهدفين: عدم شراء نفط روسي أكثر مما اشتريت عام 2021، وإذا اشتريت قليلاً إضافياً من النفط ، فافعل ذلك فقط بشرط طلب تخفيضات ضخمة.

هذه هي الرسالة التي استوعبتها الهند، على سبيل المثال. في السر والعلن، يقول الدبلوماسيون الغربيون للحلفاء: لا تقوضوا عقوباتنا.

هل يمكن للسياسة تحقيق أهدافها؟ الأمر غير واضح. ستتوقف المؤسسات الغربية لتجارة النفط، عن التعامل مع النفط الروسي، لكن كما أظهرت إيران، ستحل محلها مجموعات تجارية جديدة تعمل في الظل.

مع ذلك، فكلما طال أمد الحرب، زاد الضغط الذي تمارسه واشنطن ولندن وبروكسل على النفط الروسي. رغم ذلك، مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، قد تضطر بروكسل وواشنطن إلى قبول تدفق المزيد من النفط الروسي إلى آسيا.

همسات التجار

حتى الآن، شهدت موسكو انخفاض إنتاجها بنحو 1.1 مليون برميل يومياً، أو 10% من مستواه في فبراير، إلى متوسط ​​10.05 مليون برميل يومياً في أبريل.

من المحتمل حدوث انخفاض كبير آخر في مايو. فقد أفادت وسائل إعلام روسية رسمية أن الإنتاج يرتفع بالفعل، لكن همسات تجار النفط الروس تشير إلى عكس ذلك. إذا كنت تصدقهم، فقد انخفض الإنتاج الذي كان 11.1 مليون برميل يومياً في فبراير، إلى أقل من 9.5 مليون برميل يومياً في الوقت الحالي.

لم تكن أسعار النفط أعلى بكثير بفضل تفشي كوفيد-19 في الصين وسياسة بكين الصارمة للقضاء تماماً على الوباء.

ويتضح كل يوم أن الخوف من الركود في كل من أوروبا والولايات المتحدة بحلول أواخر هذا العام يعمل أيضاً على تقييد الأسعار.

لكن يبدو أن الكثيرين يقللون من شأن خسائر الإمدادات الروسية وتأثيرها على الدولة. إنها حقيقية وتتعمّق.