سوق سندات الخزانة الأمريكية تستعدّ لمرحلة جديدة من العائدات

بنك الاحتياطي الفيدرالي
بنك الاحتياطي الفيدرالي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توشك سوق سندات الخزانة الأمريكية المستمرة في الهبوط على الدخول في مرحلة جديدة، في ظل تنوع عوائد الديون المستحقة، واتجاهها نحو تجاوز أعلى مستوياتها منذ سنة 2018، وعديد من المحفزات المحتملة الأساسية للمساعدة في مثل هذه الخطوة.

سيحتل تضخم أسعار المستهلك خلال شهر أبريل الماضي، والمقرر الإعلان عنه يوم الأربعاء القادم، مركز الصدارة. ومن المتوقع أن تتراجع البيانات عن معدلات شهر مارس الماضي التي كانت الأعلى منذ سنة 1982.

يحتشد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذين زادوا أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة خلال الأسبوع الحالي، وحددوا الأول من شهر يونيو المقبل للشروع في تقليص حيازاتهم من سندات الخزانة، بكامل قوتهم لمناقشة نهجهم الخاص بالتصدي لارتفاع معدلات التضخم.

في هذه الأثناء، ينطلق أكبر شهر لمبيعات سندات الخزانة للربع المالي، الممتد من شهر مايو الحالي إلى شهر يوليو القادم، بعقد مزادات لبيع سندات بآجال استحقاق 3 و10 و30 سنة.

اقرأ أيضاً: خطة التشديد من "الفيدرالي" تطيح بآمال مبيعات سندات الخزانة

حتى لو لم تقدم تلك السندات حافزاً معقولاً لتحقيق عائدات أعلى، فقد شهدت السيولة تدهوراً بالفعل، ما ترك سوق الخزانة عرضة بطريقة أكبر للتحولات الضخمة.

اقترب مؤشر "بلومبرغ" لسيولة الأوراق المالية الحكومية الأمريكية، الذي يقيس متوسط ​​خطأ العائد للأوراق والسندات المستحقة خلال سنة على أقل تقدير، من أعلى مستوى له خلال عام، يوم الجمعة الماضي. وتخطى نطاق العائد للسند فئة سنتين 25 نقطة أساس لثالث مرة خلال السنة الجارية يوم اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

قال جيمس كامب، مدير وحدة الدخل الثابت في شركة "إيغل أسيت مانجمنت" (Eagle Asset Management): "هذه لحظة تحدث مرة واحدة في كل عقد من الزمان في أسواق رأس المال". وتابع: " قوة الارتباط مستمرة في الصعود.. والتقلب في أنحاء الأصول أمر مذهل. ليس بإمكاننا عدم التعرض له".

مستوى تاريخيّ

أظهر استطلاع أسبوعيّ لمستثمري سندات الخزنة الأمريكية أجرته شركة "جيه بي مورغان" خلال الأسبوع الحالي وجود مستوى تاريخيّ مرتفع من تفادي المخاطر. وجاء الموقف المحايد عند أعلى مستوى له منذ شهر مارس لسنة 2020.

كان الصعود في العائدات مدفوعاً بعوائد الأذون والسندات الحقيقية أو المحمية من التضخم، وهو مؤشر على أن تشديد الظروف المالية، فضلاً عن توقعات التضخم، جاء بمثابة المحرك الأساسي. واكب ذلك تراجعات شديدة في سوق الأسهم الأمريكية، ما أسفر عن بلوغ مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أدنى مستوى له منذ ما يقرب من سنة.

بالنسبة إلى سندات الخزانة ذات مدة الاستحقاق الأقصر، على غرار سندات الخزانة فئة عامين وخمسة أعوام، فإنّ تجاوز أعلى مستويات شهدتها في سنة 2018 سيعني العودة إلى المستويات التي سجلتها آخر مرة قُبيل الأزمة المالية لسنة 2008. وبالنسبة إلى مؤشر سندات فئة 10 سنوات، كانت ذروة المستوى لسنة 2018 عند 3.25% هي أعلى مستوى له منذ سنة 2011.

اقرأ أيضاً: عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات يتخطى 2%

بلغ العائد لسندات فئة سنتين خلال الأسبوع الجاري ذروته عند 2.85%، وهو أعلى بمقدار 26 نقطة أساس من مستوى سنة 2018. ووصلت عوائد سندات فئة خمس سنوات 3.08%، وهي أعلى بمقدار نقطتَي أساس من مستويات 2018.

وتجاوزت زيادة العائد لسندات فئة 10 سنوات بمقدار 19 نقطة أساس لتصل إلى 3.13%، رغم الارتفاع البالغ 27 نقطة أساس للعائد المحمي من التضخم للسندات فئة 10 سنوات، مقارنة بأقل بقليل من 0% خلال الأسبوع السابق.

صعدت العوائد الحقيقية لسندات الخزانة المحمية من التضخم، إذ دعم موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الثقة بأن معدلات نمو أسعار المستهلك قد وصلت إلى ذروتها. وتقدمت عوائد السندات الخزانة المحمية من التضخم فئة خمس سنوات بما يزيد على 150 نقطة أساس خلال 40 يومَ تداول حتى تاريخ 3 مايو، وهي الوتيرة الأسرع منذ سنة 2008.

سندات الخزينة المحمية من التضخم

تشير التوقعات إلى أن تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل الماضي سيكشف عن حدوث تراجع عامّ في معدل الزيادة السنوية للتضخم إلى نسبة 8.1% من 8.5% خلال شهر مارس الماضي. وبالنسبة إلى الزيادة في أسعار معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد الغذاء والطاقة، فمن المتوقع هبوطها إلى 6% من 6.5%.

قال صناع سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في بيانهم الذي أعلنوا فيه عن زيادة سعر الفائدة خلال الأسبوع الحالي، وهي أول زيادة بمقدار نصف نقطة منذ سنة 2000، إنهم "يولون مخاطر التضخم اهتماماً بالغاً".

اقرأ أيضاً: ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية مع تزايد الرهانات على رفع "الفيدرالي" للفائدة

في حين يجري أخذ أسعار الفائدة قصيرة الأجل في الاعتبار عند رفع سعر الفائدة إلى 3.25% خلال السنة القادمة من النطاق الحالي البالغ 0.75% إلى 1%، فإنّ الطريقة التي من الممكن أن يتأثر فيها مسارها بالتداعيات المتأخرة لتشديد السياسة النقدية على الاقتصاد غير واضحة.

فعلياً، صعدت أسعار فائدة الرهون العقارية الثابتة في الولايات المتحدة فئة 30 سنة لتصل إلى 5.27%، وهي أعلى مستوى لها منذ سنة 2009.

أسفرت المرحلة الأخيرة من التراجع عن زيادة فارق العائد لسندات الخزانة، إذ تقدّمت أسعار الفائدة طويلة الأجل أكثر من غيرها، واتسع الفارق الذي بين السندات فئة عامين و10 أعوام بما يفوق 17 نقطة أساس، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ أوائل شهر مارس الماضي.

قال روبرتو بيرلي وبنسون دورهام من "بايبر ساندلر" إنّ الزيادة في علاوة سندات طويلة الأجل -وهي التعويض عن مخاطر النتائج السيئة خلال فترة زمنية أطول- تعكس حالة عميقة من عدم اليقين حيال مسار معدلات التضخم ورد فعل سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

قد تسفر مزادات الأسبوع القادم عن إطالة أمد هذا الاتجاه، إذ تسعى السوق إلى البحث عن سعر فائدة اسمية مرتفع للمزادات الجديدة. وتتأهب كل من سندات فئة 10 أعوام و30 عاماً لزيادة لا تقل عن 3% في عوائد السندات، وهي الأولى منذ سنة 2019.

اقرأ أيضاً: سوق السندات الأمريكية تتأهب لموجة تقلبات جديدة بعد اجتماع "الفيدرالي"

قال جورج جونكالفيس، رئيس وحدة استراتيجية الاقتصاد الكلي للولايات المتحدة في مجموعة "ميتسوبيشي فاينانشال" القابضة (MUFG)، إنّ الزيادات في عوائد سندات الخزانة طويلة الأمد فوق مستوى 3% "يجعلها تبدو جذابة، لكنها من الممكن أن تبدو أكثر جاذبية مما هي عليه حالياً".

وتابع: "يرغب المستثمرون في أن يجري تعويضهم عن امتلاك سندات طويلة الأجل في عالم لا يستطيع فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي التصدي لمعضلة التضخم بأدوات سياستهم النقدية العنيفة".