السندات تسترد عافيتها في مايو.. والمتفائلون يرجحون نهاية الضغوط

عامل بناء يقف على سقالة في شنغهاي، الصين. هناك بعض المتخلّفين عن ركب الانتعاش. فما يزال المستثمرون في حالة تخوّف من الديون الصينية، في ظل عزوف المشترين بسبب الإغلاقات المرتبطة بكوفيد، والشكوك المحيطة بسوق العقارات المضطربة في الدولة
عامل بناء يقف على سقالة في شنغهاي، الصين. هناك بعض المتخلّفين عن ركب الانتعاش. فما يزال المستثمرون في حالة تخوّف من الديون الصينية، في ظل عزوف المشترين بسبب الإغلاقات المرتبطة بكوفيد، والشكوك المحيطة بسوق العقارات المضطربة في الدولة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسترد السندات عافيتها في كل ركن من أركان سوق الديون العالمية تقريباً، والتي يبلغ قوامها 63 تريليون دولار، مع بدء المستثمرين في رصد القيمة مجدداً بأصول الدخل الثابت.

حقّقت السندات العالمية ذات الدرجة الاستثمارية عوائد تناهز 1% تقريباً خلال مايو، وهو أول ارتفاع شهري تضيفه منذ يوليو الماضي، في حين تتجه سندات الخزانة الأمريكية لإكمال أفضل شهر لها منذ نوفمبر، وفقاً لمؤشرات "بلومبرغ". ويتأهب مقياس ديون الشركات العالمية لإنجاز أكبر تقدّم له منذ يوليو الماضي، كما تشهد السندات السيادية في الأسواق الناشئة الممتدة من المكسيك إلى ماليزيا انتعاشاً جماعياً.

سندات الخزانة تسترجع تقلبات عصر الأزمة المالية العالمية

حدّد المستثمرون عدداً كبيراً من الأسباب التي تقف وراء ذلك التعافي، بما فيها: الإشارات الدالة على أنَّ الاقتصاد العالمي يمكن أن يتعرض لخطر الركود، والتكهنات بأنَّ الأسواق امتصت بالفعل أنباء اندفاع البنوك المركزية نحو رفع أسعار الفائدة بشكل كبير الآن، بالإضافة إلى حقيقة أنَّ العوائد ارتفعت بما فيه الكفاية لتعزيز جاذبية السندات.

عوائد إيجابية

يتوقَّع أكيرا تاكي، مدير أموال أصول الدخل الثابث العالمية بشركة "أسيت مانجمنت وان" (Asset Management One) في طوكيو، الذي اعتاد على شراء سندات الخزانة، أن "تواصل السندات العالمية تحقيق المكاسب لما تبقى من العام الجاري، إذ هبطت العوائد عن قممها التي بلغتها بسبب رصد المزيد من المستثمرين للقيمة في السندات. ويمكن القول إنَّ المرحلة الأسوأ في هذه السوق قد انتهت".

خلال الأسبوع الماضي، عززت شركات إدارة الأصول، بما فيها صناديق التقاعد ومؤسسات التأمين الرهانات الصعودية على سندات الخزانة إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل 2020. في الوقت نفسه، راهنت مجموعات "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت"، و"مورغان ستانلي"، و"باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" جميعاً بوتيرة قياسية على السندات، وقالوا إنَّ المرحلة الأسوأ في موجة بيع الديون العالمية على ما يبدو قد انتهت.

"جيه بي مورغان أسيت" ترجّح انتهاء مرحلة هبوط لسندات الخزانة الأمريكية

أدى انتعاش السندات إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بالفعل إلى 2.74%، بعد أن سجلت أعلى مستوى في 3 سنوات خلال أوائل مايو الجاري عند 3.20%. كما تراجعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى 1.06%، مقارنة بقمتها التي سجلتها عند 1.19% قبل 3 أسابيع.

يرى تاي هوي، رئيس المحللين الاستراتيجيين للأسواق الآسيوية في "جيه بي مورغان" بهونغ كونغ -التي تدير أصولاً بقيمة 2.5 تريليون دولار- أنَّ "هذا توقيت جيد لزيادة حيازات أصول الدخل الثابت. ففي ظل انخفاض التقييم في تلك الفئة من الأصول -بالنظر إلى فرق الائتمان، والمعدلات الخالية من المخاطر- يمكن القول إنَّ هذا القطاع بدأ في استعادة جاذبيته مجدداً".

عوائد سندات الخزينة

شكوك مستمرة

بالطبع؛ يظل هناك بعض المتخلّفين عن ركب الانتعاش. فما يزال المستثمرون في حالة تخوّف من الديون الصينية، في ظل عزوف المشترين بسبب الإغلاقات المرتبطة بكوفيد، والشكوك المحيطة بسوق العقارات المضطربة في الدولة. وبرغم ارتفاع عوائد السندات لمستويات قياسية بوجه عام؛ إلا أنَّ هوامش الائتمان ما تزال تتسع في بعض القطاعات، بما في ذلك السندات الآسيوية ذات الدرجة الاستثمارية، وسط التشكك فيما إذا كان تعافي أصول الدخل الثابت سيدوم أمده.

قال بول لوكاسزيوسكي، رئيس قسم ديون الشركات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة "أبردين" (abrdn) ومقرها سنغافورة: "يتوجب على مستثمري الائتمان الاستعداد لمسيرة متخبّطة محتملة على الأمد المنظور. مازلنا نرى الصين أكبر مصدر للمخاطر الائتمانية في آسيا".

صناديق التحوط تخالف اتجاه مديري الأصول في رهانات سندات الخزانة

خلال الأسبوع الماضي وحده، أدى طلب مفاجئ من شركة "غرين لاند هولدينغز" (Greenland Holdings) المدعومة من الدولة بتأجيل مدفوعات السندات إلى إثارة المخاوف بشأن مخاطر تفشي التعثر بين شركات التطوير العقاري الصينية الأعلى تصنيفاً. وعلى صعيد الأسواق السيادية؛ تعاني سريلانكا حالياً من التخلف عن السداد، كما تتفاقم المخاوف حول وضع باكستان.

على النقيض من ذلك، يشعر آخرون بتفاؤل أكبر، حتى فيما يخص الصين. يرى نيراج سيث، رئيس الائتمان الآسيوي في "بلاك روك" (BlackRock)، في سنغافورة، أنَّ سندات الشركات الآسيوية ستستعيد جاذبيتها لدى المستثمرين قريباً، ممن يؤمنون بأنَّ التباطؤ الاقتصادي ما يزال احتمالاً مستبعداً.

تابع سيث، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "إذا لم تكن قلقاً بشأن حدوث ركود حالياً؛ فاعلم أنَّك تقترب من المرحلة التي سترى فيها أنَّ هذا الوضع يسمح بدخول جاذب إلى السوق عن طريق الائتمان أو أصول الدخل الثابت. نحن متفائلون تجاه الائتمان من الدرجة الاستثمارية، كما أنَّنا انتقائيون حيال العوائد المرتفعة".

آسيا والمحيط الهادئ - عائدات السندات الحكومية 10 سنوات