أكبر شركة ناشئة في أفريقيا تحارب لحفظ سُمعتها بينما تخطط للاكتتاب

أحد مؤسّسي شركة "فلاترويف" ورئيسها التنفيذي، أولوغبينغا أغبولا
أحد مؤسّسي شركة "فلاترويف" ورئيسها التنفيذي، أولوغبينغا أغبولا المصدر: فلاترويف
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تخوض شركة "فلاترويف" (Flutterwave) وهي أكبر شركة ناشئة في أفريقيا معركة لدحض اتهامات تطالها وتمتد من مدينة لاغوس وحتى نيروبي. حيث تنتشر الادعاءات حول ارتكاب الشركة لمخالفات مالية ووجود حالات تحرش فيها، في الوقت الذي تُفكِّر فيه بالمضي قدماً في خطط طرحها للاكتتاب.

وفقاً لأشخاص على دراية بالأمر طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب خصوصية الأمر فإن شركة التكنولوجيا المالية النيجيرية وظّفت مؤخراً أشخاصاً في عدّة مناصب رئيسية، بما في ذلك مديراً مالياً، بينما تستعد لطرح عام أولي محتمل خلال العام المقبل. لكنهم أضافوا أنّ الأمر قد يستغرق وقتاً أطول، حيث إن الشركة تتعامل مع أزمة تطال سمعتها إضافة لوضع تراجع السوق العالمي.

بعد أسبوع دامٍ.. شركات تنجو من انزلاق أسهم التكنولوجيا

ليست الضربة الأولى

يُذكر أنَّ الشركة كانت تعرّضت لضربة مباشرة في يوليو الماضي، عندما جمّدت المحكمة العليا في كينيا حسابات "فلاترويف" المصرفية بموجب قواعد مكافحة غسيل الأموال، حيث قال البنك المركزي في البلاد إن الشركة ليست مرخصة لتشغيل خدمات المدفوعات في كينما.

من جهة ثانية تكافح الشركة منذ أشهر مزاعم عنها في وسائل الإعلام ودعاوى قضائية، بما في ذلك ما يتعلق برفضها إعطاء موظفين سابقين حقوقهم من الأسهم في الشركة بالإضافة لحالات تحرش ومضايقات.

من جانبها نفت "فلاترويف" الاتهامات المُتعلقة بسوء السلوك المالي، بما في ذلك مزاعم غسل الأموال في كينيا وكذلك اتهامات التجاوزات في أسهم الموظفين، وقالت إنها اتخذت إجراءات ضد أولئك الذين ثبتت مسؤوليتهم عن أي شكل من أشكال التحرش في الشركة. وقالت إن خطتها للاكتتاب تخضع لظروف السوق.

استثمارات ضخمة

لا شك بأنّ هذه المزاعم والاتهامات تُعدُّ ضربة لشركة "فلاترويف" ومؤسّسها المشارك ورئيسها التنفيذي، أولوغبينغا أغبولا، الذي ضاعف تقييم الشركة ثلاث مرات لتصل إلى 3 مليارات دولار في غضون عام واحد بعد أن جذب استثمارات من شركات رأس المال الاستثماري بما في ذلك "بي كابيتال غروب" (B Capital Group) و"تايغر غلوبال مانجمنت" (Tiger). وتبلغ حصة أغبولا في "فلاترويف" أكثر من 370 مليون دولار حتى جولة تمويل الشركة المنتهية في شهر يناير الماضي، وفقاً لتحليل "مؤشر بلومبرغ للمليارديرات" باستخدام بيانات "بيتش بوك" (Pitchbook).

من جهة أخرى، فإن راج كولاسينغام، محامي الشركات الذي نجح بالشراكة مع المصرفي الاستثماري فيشال أغاروال بتحقيق عوائد بخمسة أضعاف جراء تمويل الشركات الناشئة الأفريقية منذ عام 2017، قال عن الموضوع: "كانت "فلاترويف" من قصص التكنولوجيا المالية الأفريقية وكانت رائدة في أفريقيا باعتبارها الوجهة التالية للمستثمرين في مجال التكنولوجيا المالية والمستثمرين المغامرين. بدأ لغز تلك القصة بالتفكك ولم ينتهِ الأمر بعد". وتابع: "مع كل هذا، فإني لا أعتقد أن الأسواق الدولية جاهزة للاكتتاب العام على "فلاترويف"".

ضحايا التحرش الجنسي يدفعون ثمناً مالياً باهظاً

جناح شركة "فلاترويف" خلال قمة أفريقيا للتكنولوجيا في نيروبي، كينيا
جناح شركة "فلاترويف" خلال قمة أفريقيا للتكنولوجيا في نيروبي، كينيا المصدر: بلومبرغ

بيئة عمل "سامة"

أجرت "بلومبرغ" مقابلات مع ثلاثة على الأقل من موظفي "فلاترويف" السابقين الذين قالوا إن ثقافة التحرش والتنمّر من المديرين التنفيذيين تطورت في عهد أغبولا. وطلب الأشخاص عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من اعمال انتقامية.

أما فيما يتعلق بمسألة حصص الأسهم، فإن الموظفة السابقة غبيميسولا أجايي تخوض دعوى قضائية ضد شركة "فلاترويف" للحصول على 800 ألف دولار، أو ما يعادل قيمة الأسهم التي قالت إنها حُرِمت منها ظلماً، وفقاً لأوراق الدعوى المرفوعة في المحكمة الصناعية الوطنية في نيجيريا.

وقالت أجايي إنها قررت مغادرة الشركة في مارس 2020 بعد أن "أصبحت بيئة العمل سامة" وأثّرت على صحتها الذهنية، وفقاً للملفات التي قالت فيها إنَّ الشركة رفضت منحها حصة الأسهم التي وُعِدت بها بدافع "الضغينة".

ورفضت أجايي التعليق بما يتجاوز ما ورد في ملفات المحكمة عند الاتصال بها.

من جانبها قالت "فلاترويف" إن شروط منح الأسهم لم تتحقق قبل استقالة أجايي. وقالت الشركة في ردها على أوراق المحكمة إن الشروط شملت تدقيقاً وتحديثاً لتقييم الشركة، وفترة استحقاق معينة وأداء أعلى من المتوسط. ومن المقرر أن يُنظر في القضية مرة أخرى في شهر أكتوبر المُقبل.

ورداً على الأسئلة قالت "فلاترويف" إن الشركة "اتبعت جميع العمليات والإجراءات القانونية للسماح لأطراف ثالثة، بما في ذلك الموظفين السابقين، ببيع أسهمهم إلى أطراف ثالثة".

شركات التكنولوجيا العملاقة تقود موجة قاسية لتسريح العمالة في 2022

التعيينات الجديدة

تأسّستْ الشركة التي يقع مقرها في لاغوس وسان فرانسيسكو قبل ست سنوات وهي تُسهّل المعاملات عبر الحدود للشركات بعملات متعددة في الأسواق الناشئة والأسواق الوليدة بشكل أساسي، بما في ذلك شركات "علي باي" التابعة لشركة "علي بابا" وشركة "أوبر تكنولوجيز".

وبالنسبة إلى هذه الشركة الناشئة ذات القيمة المُرتفعة كان قضاء أسابيع للرد على الادعاءات "مدمراً بشكل لا يُصدّق لنظامها البيئي عامة، وقد تسبّبت هذه الدراما الإخبارية الأخيرة بالضرر" بحسب إيغوسا أومويغي، المؤسس والشريك العام الإداري لشركة "إيكو في سي بارتنرز" (EchoVC) التي تُمول الشركات في المراحل المبكرة.

وفيما يخص قضية المخالفات المالية، اتّهمت وكالة استرداد الأصول الكينية شركة "فلاترويف" بغسل الأموال وحصلت على أمر محكمة لمنع وصولها إلى أكثر من 44 مليون دولار في الحسابات المصرفية للشركة، وفقاً لوثائق المحكمة. في حين قالت "فلاترويف" إن المزاعم غير صحيحة، وإن لديها سجلات لإثبات ذلك وهي "تعمل على التأكد من الدافع وراء الادعاءات الكاذبة".

يُذكر أن محافظ البنك المركزي الكيني باتريك نجوروج قال في 28 يوليو الماضي إن "فلاترويف" غير مرخِّص لها بالعمل كمزود خدمة دفع في البلاد.

مخاطر الفشل تهيمن على شركات التكنولوجيا المالية غير المربحة

في حين قالت شركة "فلاترويف"، التي سجلت أعمالها في كينيا في عام 2017، إنها تعمل من خلال شراكات مع البنوك وشركات شبكات الهاتف المحمول. وقالت: "لقد عملنا باستمرار مع البنك المركزي الكيني لضمان توفير جميع المتطلبات، ونتطلع إلى الحصول على ترخيصنا. ونحن ملتزمون بالعمل في إطار القوانين واللوائح ومعايير الصناعة المنصوص عليها في كينيا".

الجدير بالذكر أن أغبولا، 37 عاماً، يبحث عن مستثمرين للاكتتاب العام الأولي لشركة "فلاترويف" المخطط له في الولايات المتحدة وربما في نيجيريا. وما تزال المحادثات في مرحلة مبكرة، حيث لم تقم الشركة بعد بتكليف مستشارين ماليين، وفقاً للأشخاص المطلعين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.

وظّفت الشركة اونيال بهامباني من شركة "أميركان إكسبريس" في يونيو الماضي ليكون المدير المالي، وعيّنت غوربج ديلون، الرئيس السابق لمنصة "ماركوس" (Marcus) المالية التابعة لشركة "غولدمان ساكس غروب" كرئيس تنفيذي للتكنولوجيا.

توازن قوي

وقال بهامباني في رد عبر البريد الإلكتروني على أسئلة حول الإدراج المحتمل للشركة: "بالنظر إلى مركز "فلاترويف" في السوق وميزانيتها العمومية القوية، فإنّه لدى الشركة فرصة نمو كبيرة على مدى السنوات القليلة المقبلة؛ ومن الناحية التشغيلية، فإننا نضع جميع جوانب الضوابط والعمليات والبنية التحتية للتحضير للاكتتاب العام الخاضع لظروف السوق".

فضلاً عن ذلك، عزّزتْ الشركة فريقها المالي العالمي ليشمل ريبيكا ميندل، وداني إيدسون، وأوسكار لان، من "أمريكان إكسبريس" والمنصة التابعة لها "كاباج" (Kabbage)، وفقاً لما قاله بهامباني.

كذلك صرح أشخاص مطلعون على خطط الإدراج أن المصرفيين متشككون حول توقيت الطرح. حيث ستستفيد "فلاترويف" من التأجيل حتى العام المقبل على الأقل لمنح الشركة وقتاً لمعالجة الادعاءات المختلفة، كما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، وأشاروا إلى أنّ المساهمين قلقون أيضاً حول الانكماش العام في السوق العالمية، حيث كانت تقييمات شركات التكنولوجيا من بين الأكثر تضرراً.

بينما قال أغراوال: "الانتقال إلى الأسواق العامة هو عملية علاقات عامة وتسويق بقدر ما هو مسألة جمع أموال. وفي الوقت الحالي، تضررت حقوق ملكية العلامة التجارية لشركة "فلاترويف"، وبالتالي فهم يحتاجون إلى معالجة هذه المشكلات".

اتصلت "بلومبرغ" بأكثر من عشرة من المستثمرين الحاليين في "فلاترويف"، بما في ذلك "تايغر غلوبال" و"ويل روك كابيتال" (Whale Rock Capital)، لكنها لم تتلق أية ردود.

في حين قال سورابي نيمكار، الشريك في شركة "غرين هاوس كابيتال" (GreenHouse) التي انسحبت من "فلاترويف" منذ حوالي عامين: "من المهم أن يعمل المستثمرون الأجانب عن كثب مع المستثمرين المحليين الموثوقين للقيام بما يلزم والاستمرار بتقييم صحة محافظهم من الشركات بما يتعدى مقاييس النمو، ويجب أن يتحلى مؤسِّسوا الشركات الناشئة بالشفافية مع المستثمرين".