شكوك حول فعالية تدخلات البنوك المركزية الآسيوية بعد هبوط أسواقها المالية

كوريا تشتري ديوناً سيادية بقيمة 2.1 مليار دولار.. وتايوان تعرب عن التأهب لحظر البيع على المكشوف

أحد المشاة أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر شنغهاي المركب، طوكيو، اليابان.
أحد المشاة أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر شنغهاي المركب، طوكيو، اليابان. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كثّفت السلطات في آسيا جهودها الرامية إلى منع حدوث دوامة هبوطية بعد موجة التراجع التي شهدتها الأسواق المالية العالمية منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع تكاليف الاقتراض قبل ستة أشهر.

انضمت كوريا الجنوبية إلى قائمة الدول التي تدخلت لحماية السوق المالية أمس الأربعاء، وأعلن البنك المركزي أنّه سيشتري ما قيمته 2.1 مليار دولار من الديون السيادية. أمّا في تايوان، فيدرس المسؤولون فرض ضوابط للعملة وأكّدوا استعدادهم لحظر بيع الأسهم على المكشوف. كما أمرت الصين بعض الصناديق بالإحجام عن بيع الأسهم بعنف، وطلبت من البنوك ضمان "احترام" اللاعبين في سوق الصرف لسعر تثبيت اليوان اليومي.

تواجه الحكومات في جميع أنحاء العالم تداعيات أقوى مسار لرفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي منذ 1980، بجانب الارتفاع السريع في قيمة الدولار الذي يسحب رأس المال من كل الأصول تقريباً. والواقع أن محاولات السيطرة على الأسواق المالية في آسيا- وهي منطقة تطاردها ذكريات الأزمة المالية في عام 1997- لم تسفر حتى الآن عن نتائج مقنعة تذكر.

ضغط مستمر

قال ميتول كوتيشا، كبير استراتيجي الأسواق الناشئة في آسيا وأوروبا في "تي دي سيكوريتيز" (TD Securities) في سنغافورة: "سيساعد تدخّل الحكومات فقط على إبطاء هبوط الأصول الآسيوية، بدلاً من وقفه". مُضيفاً: "تشير أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة والدولار القوي وأسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة نسبياً في جميع أنحاء المنطقة إلى استمرار الضغط خلال الأسابيع المقبلة".

اقرأ أيضاً: أداء متباين للأسواق الآسيوية والجنيه الإسترليني يرتفع بعد هدوء الدولار

دعم العملات

تدخلت السلطات في إندونيسيا واليابان والهند بشكلٍ صريح لدعم عملاتها إلّا أنّ جهودها تبدو غير كافية.

لا يزال الين الياباني قريباً من مستوى 145 مقابل الدولار والذي أثار أحدث جولة من التدخل، كما تراجع اليوان الصيني في الداخل ليسجّل أدنى مستوى منذ عام 2008. وفي بيانٍ عام نادر أصدره بنك "الشعب الصيني" في وقتٍ متأخر من يوم الأربعاء، أشارت هيئة تنظيمية إلى أنّ البنوك يجب ألّا تسهل رهانات المضاربة على العملة، وأن المنظمين سيساعدون في توجيه السوق ووضعها على "المسار الصحيح".

اقرأ أيضاً: البنوك المركزية في آسيا تواصل مقاومة الدولار الصاعد لوقف نزيف عملاتها

قال تيتسوجي سانو، كبير الإستراتيجيين لدى "سوميتومو ميتسوي دي.إس" (Sumitomo Mitsui DS) لإدارة الأصول: "قد يكون من الصعب أن يشتري "بنك الشعب الصيني" اليوان إذ سيستنزف سيولة العملة المحلية من سوق المال في الوقت الذي يحاول به المركزي الصيني تخفيف الظروف النقدية"، وأضاف: "قد تتّخذ الصين بعض الخطوات البسيطة للحدّ من تراجع اليوان وردع هروب رأس المال، مثل تعقيد الإجراء الخاص بشراء المقيمين بالصين للعملات الأجنبية ".

حقّقت السلطات في كوريا الجنوبية نجاحاً نسبياً مع تحول السندات لأجل ثلاث سنوات إلى مكاسب بعد أن قال البنك المركزي إنه سيشتري الدين الحكومي. وقلّص "مؤشر كوسبي" المعياري خسائره ليغلق مُنخفضاً 2.5%.

فعالية التدخل

تتزايد التساؤلات حول مدى فعالية التدخلات المتزايدة لحماية الأسواق المالية لاسيما وأن استطلاعاً أجراه "بنك أوف أميركا" في سبتمبر أظهر أن عدداً كبيراً من مديري الصناديق العالمية يتحملون الآن مخاطر أقل من المعتاد، ورغم اتخاذ المزيد من الإجراءات لوقف الذعر في آسيا، فقد كان يوم الأربعاء أحد أسوأ الأيام لأسواق الائتمان في المنطقة العام الجاري، كما انخفض مؤشر مورغان ستانلي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى أدنى مستوياته منذ أبريل 2020.

بعد تراجع عملتها لأضعف مستوى منذ 2008.. الصين تصعّد دعمها لليوان

التدخل هو عملية حساسة لصانعي السياسات، فقد تؤدّي الإجراءات القليلة والمتأخرة للغاية إلى تصوّرٍ مفاده عجز المسؤولين عن التعامل مع تقلبات الأسواق المالية، ما ينذر بتفاقم التداعيات على الاقتصاد، أما الإفراط في التدخل فقد يقوّض الثقة في حرية الأسواق، مثل تعامل الصين مع فقاعة سوق الأسهم في عام 2015.

وقد يعتبر انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في المنطقة أحد القيود على التدخل، وفقاً لشركة "نومورا القابضة هولدينغز"، ما قد يجبر البنوك المركزية في آسيا على البحث عن طرق بديلة لدعم عملاتها المحلية، مع اتّخاذ تدابير قد تشمل إلزام المصدرين ببيع الأرباح المقومة بالعملات الأجنبية، وفرض قيود على الحسابات التجارية، فضلاً عن فرض تدابير لتعزيز التدفقات الرأسمالية الواردة.