صندوق النقد: تنسيق الحكومة مع "بنك إنجلترا" ضروري لحل أزمة المعيشة

الصندوق يصف الوضع الراهن في بريطانيا بشخصين يقودان عجلة قيادة واحدة في اتجاهات مختلفة

رئيسة الوزراء البريطانية ليز ترس ووزير الخزانة كواسي كوارتنغ.
رئيسة الوزراء البريطانية ليز ترس ووزير الخزانة كواسي كوارتنغ. المصور: ليون نيل / غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أكد صندوق النقد الدولي أن حكومة المملكة المتحدة ستحتاج إلى العمل بشكل وثيق مع بنك إنجلترا إذا أرادت التصدي لأزمة تكلفة المعيشة بنجاح.

الصندوق أوضح خلال اجتماعاته السنوية في واشنطن، أن المستشار كواسي كوارتنغ بحاجة للكشف عن خطط الادخار في الأسابيع المقبلة لضمان أن حزمته المالية التحفيزية ستكون متسقة مع ما يحاول بنك إنجلترا فعله.

وصف بيير-أوليفييه غورينشاس، المستشار الاقتصادي لصندوق النقد الدولي، الوضع الراهن بشخصين يحاولان الإمساك بعجلة القيادة، وقيادة السيارة في اتجاهات مختلفة، بالتالي فإن الأمور لن تسير على ما يرام.

طالع أيضاً: "النقد الدولي": الإجراءات المالية "غير الموجهة" في بريطانيا قد تعزز اللامساواة

انتقاد الإعفاءات الضريبية البريطانية

تأتي التعليقات في أعقاب انتقاد صندوق النقد الدولي الشهر الماضي للميزانية المصغرة لوزير الخزانة البريطاني، التي تعهد فيها بمنح إعفاءات ضريبية بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني، مما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه الإسترليني ورفع أسعار الفائدة في السوق وسط مخاوف من ارتفاع الاقتراض والأسعار.

تراجع كوارتنغ عن ما يقدر بملياري جنيه إسترليني من الإعفاءات الضريبية، وقدم خططاً للتصدي للديون في حدث مالي مُحتسب التكاليف بالكامل في نهاية الشهر، وهذه الخطط ستخضع لتدقيق من قبل مكتب مسؤولية الميزانية المستقل. رحب صندوق النقد الدولي بهذه التحركات.

كتب غورينشاس في مدونة دون ذكر اسم المملكة المتحدة على وجه التحديد لكنه كرر نفس اللغة المستخدمة في انتقاداته الشهر الماضي: "السياسة المالية لا ينبغي أن تعمل بشكل متعارض مع جهود السلطات النقدية لخفض التضخم، ولن يؤدي فعل ذلك إلا إلى إطالة أمد التضخم وقد يتسبب في عدم استقرار مالي خطير، كما أوضحت الأحداث الأخيرة".

في حديثه لوسائل الإعلام، حث غورينشاس المستشار على استخدام تحديثه المالي الذي سيقدمه في 31 أكتوبر لتغيير المسار وسحب أو تعويض بعض الحوافز التي تم الكشف عنها الشهر الماضي. وأضاف أن مواءمة السياسة المالية مع البنك المركزي عن طريق إزالة الطلب من شأنه المساعدة في استقرار أسواق المملكة المتحدة.

أفاد: "من الواضح جداً أنه يمكن تحسين الاستقرار في الأسواق المالية وعلى نطاق أوسع من خلال تقديم حزمة مالية متناسقة مع تلك الأسواق".

%6.3 التضخم في بريطانيا العام المقبل

تظهر أرقام صندوق النقد الدولي أن التضخم في المملكة المتحدة سيكون أكثر ثباتاً مما هو عليه في مجموعة الدول الصناعية السبع الأخرى، وسيظل عند 6.3% في نهاية العام المقبل. قدر معهد الدراسات المالية بشكل منفصل أن المملكة المتحدة ستحتاج لتوفير 60 مليار جنيه إسترليني لخفض الديون كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المنتهي في عام 2027، وهو ما يقدر بنحو ضعف ميزانية الدفاع السنوية.

كذلك، شكك صندوق النقد الدولي في خطة النمو التي وضعتها رئيسة الوزراء ليز ترس وحزمة دعم الطاقة، التي من شأنها تحفيز الاقتصاد في وقت يحاول فيه بنك إنجلترا التصدي للتضخم.

اقرأ أيضاً: مؤشرات سريعة على فشل "مغامرة" ليز ترَس التاريخية مع اقتصاد المملكة المتحدة

يعمل كوارتنغ على خفض الضرائب وإلغاء الضوابط التنظيمية لبدء تسجيل نمو اقتصادي، لكن غورينشاس اقترح أن استخدام الأموال للاستثمار سيكون نهجاً أفضل.

قال أيضاً إن السياسة المالية يمكن أن تساعد الاقتصادات على التكيف مع بيئة أكثر تقلباً عبر الاستثمار في القدرة الإنتاجية، مثل رأس المال البشري والرقمنة والطاقة الخضراء وتنويع سلسلة التوريد. أضاف أن تعزيز هذه الأشياء يمكن أن يجعل الاقتصادات أكثر مرونة في مواجهة الأزمات المستقبلية، لكن لسوء الحظ، هذه المبادئ المهمة لا تلعب دوراً إرشادياً للسياسة بشكل دائم في الوقت الراهن.

تخلى كوارتنغ بالفعل عن خطة خفض الضرائب التي يدفعها أصحاب الدخول الأعلى في البلاد، بالتالي توفير ملياري جنيه إسترليني.

حزمة الطاقة تستهدف الفئات الضعيفة في بريطانيا

فيما يتعلق ببرنامج الطاقة الذي سيكلف 60 مليار جنيه إسترليني على مدى ستة أشهر، أضاف أن الحزمة، الهادفة لمساعدة كافة الأسر والشركات التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة، لديها مجال لاستهداف الفئات الضعيفة بشكل أفضل، مما سيخفض التكلفة ويحافظ على الحوافز لتوفير الطاقة.

طغت الانتقادات الضمنية والمباشرة على توقعات الصندوق القوية نسبياً للمملكة المتحدة. يُتوقع أن ينمو اقتصاد بريطانيا بنسبة 3.6% هذا العام، وهي وتيرة نمو أسرع من جميع اقتصادات مجموعة السبع. مع ذلك، تظهر البيانات الرسمية في المملكة المتحدة أنها ما زالت الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لم يتعافَ ناتجها المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل الوباء.

لقراءة المزيد: المملكة المتحدة تواجه ركوداً تضخمياً حالياً يستمرّ حتى 2023

يتوقع صندوق النقد الدولي أيضاً أن ينمو اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 0.3% في العام المقبل، وهي وتيرة نمو أسرع من ألمانيا وإيطاليا المنتميتين إلى مجموعة السبع، وستكونان في حالة ركود. قال الصندوق إن التوقعات وضعت قبل الإعلان عن الميزانية المصغرة لكوارتنغ، ومن المتوقع أن ترفع حزمة إجراءاته "النمو إلى حد ما فوق التوقعات على المدى القريب، لكنها ستعقد عملية التصدي للتضخم".

قبل قرار كوارتنغ بمنح إعفاءات ضريبية، كانت التوقعات المتعلقة بالدين العام في المملكة المتحدة أفضل أيضاً من معظم أقرانها في مجموعة السبع. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل إجمالي ديون المملكة المتحدة عند 68% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2027، بالقرب من ألمانيا عند 60%، وسيكون أقل بنسبة 20% على الأقل من أي دولة أخرى في مجموعة السبع.