لماذا تأرجحت مؤشرات الأسهم الأميركية 5% وحلّقت الخميس؟

موظفان تابعان لشركة تجارة أوراق مالية يعملان في قاعة التداول داخل بورصة نيويورك. نيويورك. الولايات المتحدة
موظفان تابعان لشركة تجارة أوراق مالية يعملان في قاعة التداول داخل بورصة نيويورك. نيويورك. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دفع تحولٌ مفاجئ في أداء مؤشرات الأسهم الأميركية أمس الخميس إلى البحث عن أي شيء يشرح كيف تمت ترجمة إعلان معدل تضخم آخر مرتفع لأن يكون أحد أفضل أيام العام للسوق.

من بين الإجابات: تحديد المواقع القوية بشكل متزايد، بما في ذلك عمليات التحوط جيدة التجهيز، واللحظة الفاصلة لمراقبي الرسوم البيانية، والعديد من تقارير نتائج الأعمال الأقل سوءاً.

دفعت تغطية المراكز المكشوفة (شراء الأسهم المبيعة على المكشوف) إلى تحقيق ارتفاع من القاع إلى الذروة في العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500". كما بلغ نطاق حركة المؤشر 5.6%.

الأسهم الأميركية تقفز وتنفض خسائرها الناجمة عن بيانات التضخم

أصبح تَوَقَُع غير المتوقَّع الشعار الوحيد في السوق وسط تدفق التيارات المتقاطعة من كل اتجاه، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي المصمم على كبح التضخم مع مراقبة الاستقرار المالي.

وبحسب ليز آن سوندرز، خبيرة الاستثمار الأولى لدى شركة "تشارلز شواب"؛ فإنَّ "طبيعة الأمور حالياً تقتضي أحياناً مواجهة تقلبات كبيرة في منتصف جلسة التداول. وكثير من هذه التقلبات له علاقة بآليات السوق، بسبب عدم وجود تعبير أدق، أي في الحقيقة هناك أموال قصيرة الأجل في الأسواق أكثر من طويلة الأجل، وهناك أموال أكثر تتنقل من أصول إلى أخرى استناداً إلى خوارزميات واستراتيجيات كمية في الاستثمار. وفي أي لحظة قد تظهر أمامك أحداث قد تسبب تحولاً بمقدار 180 درجة في وسط التداول".

وبما أنَّ تَوَقَُع اتجاه الأسهم مستحيل تقريباً، انهمك المتعاملون المحترفون في الحد من انكشافهم على التحركات المفاجئة. وقامت المؤسسات الاستثمارية بشراء "خيارات بيع" بقيمة تجاوزت 10 مليارات دولار على بعض الأسهم خلال الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي بالنسبة لهذه المجموعة من المستثمرين، ويقترب من أعلى مستوى تاريخي قامت به أي مجموعة من المتعاملين، وفقاً لشركة "سونديال كابيتال ريسيرش" (Sundial Capital Research).

المتحوطون يجنون الثمار

كانت هناك أدلة ظرفية على أنَّ تلك الرهانات جنت الثمار مباشرة بعد تقرير عن أسعار المستهلكين الذي أظهر تضخماً أعلى من المتوقَّع. لكن بينما ضرب البيع العقود الآجلة للأسهم؛ انخفض مؤشر التقلب (VIX) الذي يقيس قلق السوق المرتبط بعقود الخيارات ذات العلاقة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، في علامة على جني الأرباح من قبل المتداولين المتحوطين. وبما أنَّ هذه المراكز تم تحويلها إلى نقود، فقد دفع ذلك صنّاع السوق إلى التراجع عن المراكز قصيرة الأجل التي قاموا بوضعها للحفاظ على موقفهم المحايد في السوق.

وبحسب داني كيرش، رئيس قسم الخيارات في "بايبر ساندل"؛ فإنَّ ما حصل هو مزيج من تغطية البيع على المكشوف، وبيع "عقود خيارات البيع"؛ واصفاً ذلك بأنَّه تحوط جيد للغاية. وكأنَّ الأمر الذي دعا للتحوط قد زال، وهذا ما دفع إلى بيع التحوطات، وبالتالي؛ المساهمة في ارتفاع السوق.

من ناحية أخرى، ظهرت مجموعة من الإشارات الفنية الداعمة للنظرة الصعودية، من بينها ارتداد عن مستوى الهبوط الذي بلغت نسبته 50% دام 22 شهراً في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منذ مارس 2020. عندما انخفض المؤشر عن مستوى 3517 نقطة، أخذ بعض مراقبي السوق ذلك كإشارة إلى أنَّ عمليات البيع التي استمرت تسعة أشهر قد بلغت ذروتها.

جاء الدعم الآخر من خط متوسط أداء المؤشر على مدار 200 أسبوع، وهو حد يحوم حول 3600 نقطة، وأصبح الخط الفاصل بين المضاربين على الصعود والهبوط (من المتفائلين والمتشائمين) خلال الأسابيع الأخيرة. في عامي 2016 و2018، مثّل خط الاتجاه طويل الأجل مستوى دعم للمؤشر بعد انخفاضات كبيرة.

التغلب على الخسارة بانقلاب سادس

وقالت إيلين هيز كبيرة استراتيجيي السوق ومديرة المحافظ في "إف إل بوتنام إنفستمنت مانجمنت": "شهدنا ارتداد المؤشر عن مستوى الدعم هذا، وأصبح ذلك محققاً". ولفتت في الوقت نفسه إلى وجود الكثير من عدم اليقين في السوق، والتضارب بين العديد من نقاط البيانات بحيث تستجيب السوق لأحدث الأمور.

إنَّها المرة الأولى منذ يوليو التي عكس فيها مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" انخفاضاً خلال اليوم بأكثر من 2%. ومع ذلك؛ فإنَّ التقلبات العنيفة الأخرى بمثابة بصمة مميزة لسوق الأسهم في 2022، إذ يكافح المتداولون لتخمين مسار السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وتأثيره على الاقتصاد.

الجانب الأخلاقي لأسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة

سجل المؤشر عمليات عكس لهبوط بنسبة 2% خلال يوم 6 مرات منذ يناير هذا العام، مما يجعله مهيئاً لمواجهة أعنف عام يشهد تقلبات بهذه الحدة منذ الأزمة المالية لعام 2008.

وبينما قدّمت السوق دعماً للمضاربين أصحاب التعاملات التكتيكية؛ فإنَّ محو نصف المكاسب التي حققتها في فترة انتعاشها يمثل بقعة أخرى قاتمة تذكر بمدى قسوة السوق في عام 2022.

مع تعرض المؤشر لخطر خسارته للسنة الثالثة بما يزيد على 20%؛ فإنَّ الحالة الحالمة التي حكمت الأسواق في أعقاب تفشي كوفيد-19 تتلاشى ببطء، تاركة المستثمرين عرضة لتأثير سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي بالغة الشدة، وتقييمات الأسهم التي تشبه الفقاعة.

إحدى حجج المتفائلين التي صمدت طوال فترة البيع الكثيف هي قوة أرباح الشركات. ومع اقتراب موسم إعلان نتائج الأعمال عن الربع الثالث من ذروته الكاملة، ربما كان المتفائلون يلتقطون الإشارات من نتائج أعمال بعض الشركات التي فاقت توقُّعات المحللين يوم الخميس مثل شركة "دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines) وشركة "والغرين بووتس ألايانس" (Walgreens Boots Alliance).

إثبات موعد الشراء

على الرغم من فقدانها 15 تريليون دولار لهذا العام؛ فإنَّ الأسهم بعيدة كل البعد عن إثبات أنَّ موعد الشراء قد آن. فمع وجود "مكرر أرباح إلى السعر" قدره 17.3 مرة؛ فإنَّ مضاعف ربحية المؤشر أعلى من التقييمات الدنيا التي شوهدت في جميع دورات السوق الهابطة الـ11 السابقة، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". بعبارة أخرى، في حال تعافت الأسهم من المستوى الحالي؛ فإنَّ قاع السوق الهابطة سيكون الأغلى منذ فترة الخمسينيات.

اعتقد الناس أنَّ التراجع الطويل للأصول المحفوفة بالمخاطر يجب أن ينتهي في وقت ما، بحسب قول لاري فايس، رئيس تداول الأسهم في "إنستينت". ويضيف: "الخوف من تضييع الفرصة يقود الناس إلى مطاردة هذا الارتفاع. لكن لسوء الحظ، ما يزال لدينا متسع من الوقت لإفساد هذا المسيرة".

الأميركيتان