غياب الشفافية يُفقد إسبانيا 129 مليار يورو مقدمة من صندوق التعافي الأوروبي

علم إسبانيا يرفرف فوق ميدان "سيبيليس"، مدريد.
علم إسبانيا يرفرف فوق ميدان "سيبيليس"، مدريد. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أضاعت إسبانيا مُهلة نهائية ثانية الشهر الماضي كانت مقررة لتنفيذ الإصلاح المطلوب للاستفادة من أموال صندوق التعافي من الأوبئة التابع للاتحاد الأوروبي، مما يعرّضها لخطر الدفعات الجديدة من أصل 160 مليار يورو (156 مليار دولار) كانت مؤهلة للحصول عليها.

أخفقت الحكومة الإسبانية في إنشاء نظام تدقيق جديد، وهو أحد المعالم التي وافقت عليها كجزء من الاشتراطات المطلوبة للاستفادة من صندوق تسهيل التعافي والمرونة التابع للاتحاد الأوروبي البالغة قيمته 724 مليار يورو، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وجرى بالفعل تسليم مدريد نحو 31 مليار يورو من إجمالي المبالغ المخصصة لها وهو ما يعني حرمانها من نحو 129 مليار يورو تمثّل قيمة المبالغ المتبقية لها من التمويل.

قال المطلعون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لخصوصية الأمر، إن إسبانيا لن يتسنى لها الحصول على أي أموال إضافية حتى يتم إنجاز هذا المطلب.

طالع أيضاً: إسبانيا تعلن تدابير لحماية الاقتصاد من تداعيات حرب أوكرانيا

تُعدّ إسبانيا أحد الاقتصادات الأوروبية التي تضررت بشدة جراء "كوفيد-19"، وهي ثاني أكبر مستفيد بعد إيطاليا من الصندوق، حيث تمثّل أموال التعافي أمراً أساسياً للبلاد وهي تواجه رياحاً معاكسة ناجمة عن أزمة الطاقة. يأتي ذلك فيما واجهت مدريد صعوبات طويلة الأمد في إصلاح الاقتصاد.

كانت إسبانيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتلقى دفعات من صندوق التعافي بعد استكمال الإصلاحات الرئيسية، بما في ذلك الإصلاح بمجال العمالة، مما يبدّد الشكوك الأولية حول قدرتها على المُضي قُدماً في التغييرات التنظيمية والقانونية والالتزامات الاستثمارية.

ولم تنفذ مدريد بعد منظومة تكنولوجيا المعلومات بالكامل للتحكم في استكمال المعالم والأهداف في خطتها ومطالبات التدقيق والدفع، وغيرها من عمليات الإشراف الأخرى المخطط لها أصلاً للربع الثالث من عام 2021، وفقاً لما ذكره الأشخاص المطلعون.

وأشار المطلعون إلى أن إسبانيا مُنحت تسعة أشهر إضافية لإنجاز مسألتين عالقتين بشأن جمع بيانات الشركات الأجنبية والمزيد من المعلومات عن المالكين المستفيدين. لكن الحكومة لم تفِ بمطالب الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء المهلة الجديدة الممنوحة لها في سبتمبر دون تحديد موعد واضح للانطلاق.

اقرأ أيضاً: إسبانيا تنفق 16مليار يورو للحدّ من تأثير الحرب في أوكرانيا

تحذير المفوضية

قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن كبار المسؤولين في المفوضية حذّروا الحكومة الإسبانية، خلال زيارة إلى البلاد الشهر الماضي، من أنه لن يكون هناك المزيد من الدفعات حتى يتم تطبيق نظام التدقيق وتفعيله بشكل كامل.

المتحدثون الرسميون من المفوضية الأوروبية، وهي الجهة التي تشرف على صندوق التعافي، ومسؤولون من وزارة الميزانية الإسبانية، رفضوا التعليق على الأمر.

قالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية نادية كالفينو إن توزيع الأموال قد وصل بالفعل بسرعة كبيرة، مما يساعد على تعزيز النشاط بتمويل أكثر من 28800 مشروع في جميع أنحاء البلاد. مع ذلك، فلا تزال الوتيرة السريعة للتحويلات إلى الحكومات المحلية غير متوافقة بعد مع الإنفاق الفعلي، في ظل شكوى الشركات الصغيرة من عدم إمكانية الوصول إلى المناقصات، وهو ما حذّر منه "اتحاد مؤسسات الأعمال الإسباني" (CEOE)، وهو الجهة التجارية المؤثرة في البلاد.

تلقت إسبانيا حتى الآن ثلاث تحويلات من صندوق التعافي، لكنها أصدرت قدراً محدوداً من المعلومات بشأن الإنفاق الفعلي على وجه التحديد لأن نظام الرقابة غير فعّال بشكل كامل، وفقاً لأكاديميين ومحللين اطلعوا على مدى تقدمه. وفي العام الماضي، أنفقت إسبانيا نحو 27% من ميزانيتها لنفقات أموال التعافي، أو نحو 6.5 مليار يورو، وفقاً لحسابات مؤسسة الأبحاث "فيديا" (Fedea) ومقرها في مدريد.

كان إنشاء النظام الموحّد صعباً بشكل خاص بسبب المستويات المختلفة للحكومات المسؤولة عن الإنفاق في إسبانيا. وترفض العديد من الحكومات المحلية الإنفاق حتى يتم تطبيق النظام ووضوح قواعد التدقيق.

قال خوسيه مويسيس مارتن، الشريك في "ريد تو ريد" (Red2Red) للاستشارات ومقرها في مدريد: "بمجرد تطبيق هذا النظام، سيبدأ الإنفاق لأن العديد من المناطق والكيانات العامة لديها بالفعل الأموال وتنتظر فقط الضوء الأخضر".