رفع الفائدة في 2023 ينذر بتمديد أسوأ خسائر للسندات منذ عقود

المراهنون على ارتفاع عوائد السندات يتجرعون ألم زيادات أسعار الفائدة المتوقعة

مشاة أمام بورصة "ناسداك" في نيويورك، أميركا
مشاة أمام بورصة "ناسداك" في نيويورك، أميركا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتمثل المواساة الأخيرة للمضاربين على ارتفاع سوق السندات في أنَّ العوائد المرتفعة ستزداد خلال الأشهر القليلة المقبلة، وسيصبح ارتفاع العام المقبل أكبر.

تقرير آخر حول التضخم الأسرع من المتوقَّع في الولايات المتحدة يحفز التكهنات بأنَّ "الاحتياطي الفيدرالي" سوف يقوم برفع أسعار الفائدة مرة تلو الأخرى بمقدار 0.75 نقطة مئوية في اجتماعاته في نوفمبر وديسمبر المقبلين، مما ينذر بتمديد أسوأ خسائر للسوق منذ عقود.

اقرأ أيضاً: مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يتطلعون لرفع الفائدة إلى مستويات أعلى مما هو متوقع

لكنَّ درجة تشديد السياسة النقدية من جانب البنك المركزي تزيد خطر حدوث ركود. وقد يؤدي مثل هذا التباطؤ في النهاية إلى ارتفاع في السندات طويلة الأجل حيث يترقب المتداولون بنك الاحتياطي الفيدرالي ليغيّر مساره، ويبدأ في خفض أسعار الفائدة من أجل تحفيز الاقتصاد.

قال جين تانوزو، الرئيس العالمي للدخل الثابت في "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس" (Columbia Threadneedle Investments): "على مدى 12 شهراً، بالطريقة التي ننظر بها إلى الأسواق، أعتقد أنَّ هناك مجالاً كبيراً لتحرك معدلات الفائدة إلى مسار هبوطي، مما يعكس تغييراً بطيئاً في بيانات التضخم والاحتياطي الفيدرالي".

طالع المزيد: مكاسب متداولي السندات الأميركية مرهونة بنهاية مسار الفائدة لـ"الاحتياطي الفيدرالي"

موجة التحوّلات

ليس هناك ما يشير إلى حدوث مثل هذا التحول في أي وقت قريب، ويفتقر الأسبوع القادم إلى بيانات رئيسية من شأنها إعادة توجيه التكهنات حول مسار بنك الاحتياطي الفيدرالي. من المرجّح أن تظل سوق سندات الخزانة خاضعة لموجات من التحوّلات في المراكز والتقلبات، في ظل التذبذبات الأخيرة التي حفّزتها جزئياً الاضطرابات في المملكة المتحدة.

في أعقاب بيانات التوظيف لشهر سبتمبر التي ما تزال قوية؛ فإن تسارع مقياس أسعار المستهلك الرئيسي إلى أعلى مستوى في 40 عاماً يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي أمام المزيد من الجهد لإنجاز مهمته لاستقرار الأسعار.

محضر اجتماع السياسة النقدية في سبتمبر الماضي من بنك الاحتياطي الفيدرالي أفسح المجال لتوقُّعات باستمرار المسار المتشدّد، في الوقت الذي انتاب العديد من المسؤولين قدراً قليلاً من القلق بشأن تشديد السياسة.

طالع أيضاً: محضر "الفيدرالي الأميركي" يُظهر الحاجة إلى مزيد من رفع الفائدة لهزيمة التضخم

عائدات السندات الحكومية

أعلى مستوى منذ 2007

هذا الأسبوع، لامس عائد سندات الخزانة لأجل عامين المتأثر بالسياسة مستوى 4.53%، وهو أعلى مستوى له منذ 2007، إذ مدّد المسار الصعودي بشكل لا هوادة فيه لهذا العام من حوالي 0.7% في نهاية ديسمبر. ارتفعت عوائد السندات لأجل عشر سنوات للأسبوع الحادي عشر على التوالي، لكنَّها ظلت أقل بنحو 50 نقطة أساس من السندات لأجل عامين، وهو ما يسمى انعكاس منحنى العائد الذي يشير إلى توقُّع تباطؤ الاقتصاد.

العقود المستقبلية الفيدرالية لصناديق الاحتياطي الفيدرالي تضع في الحسبان أنَّ السعر سيبلغ ذروته بالقرب من 5% في مارس.

قالت مونيكا إريكسون، رئيسة شؤون الشركات ذات التصنيف الاستثماري في "دابل لاين كابيتال" (DoubleLine Capital): "الاحتياطي الفيدرالي ملتزم برفع أسعار الفائدة حتى ينخفض التضخم. ويشير المنحنى، مع انقلاب الهامش بين السندات لأجل سنتين وعشر سنوات، إلى أنَّ البنك سيدفعنا إن لم يكن إلى تباطؤ كبير، فسيكون نحو ركود كامل. بهذا ستحصل على معدلات أقل على المدى الطويل، ومعدلات أعلى في المدى القصير ".

طالع المزيد: معدل البطالة في أميركا يهبط إلى 3.5% ويضغط على الفيدرالي لمواصلة التشديد النقدي

توقعات"باركليز"

رفع الاقتصاديون في "باركليز" يوم الخميس توقُّعاتهم للسياسة النقدية على أساس ارتفاعات بمقدار ثلاثة أرباع لكل من نوفمبر وديسمبر، تليها زيادة بمقدار نصف نقطة في فبراير. وفي حين أنَّ ذلك عزّز توقُّعات البنك لمعدل الذروة إلى نطاق يتراوح بين 5% -5.25% في فبراير، ارتفاعاً من توقُّعاتهم السابقة عند 4.5% -4.75%، فمن المتوقَّع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة العام المقبل.

كتب جوناثان ميلار، الخبير الاقتصادي في بنك باركليز، في مذكرة مع زملائه: "في ظل المخاطر المفرطة الناجمة عن تزايد التركيز على العودة للوراء من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، نتوقَّع الآن أن تخفّض اللجنة سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في الاجتماعات الثلاثة الأخيرة لعام 2023. وهذا من شأنه أن يضع النطاق المستهدف لسعر الفائدة عند 4.25% -4.50% بنهاية عام 2023".

طالع أيضاً: مسار أسواق السندات يقترب من نقطة تحول مؤلمة

أسوأ سوق هابطة

بالنسبة لمستثمري السندات؛ فإنَّ أي ارتياح على المدى القريب من أسوأ سوق هابطة منذ أوائل السبعينيات على الأقل يبدو أمراً مشكوكاً فيه إلى أن تخف وطأة بيانات العمالة والتضخم بما يكفي لتمكين "الاحتياطي الفيدرالي" من تعديل وتيرة رفع أسعار الفائدة والإشارة إلى خطط التوقف. وهذا يعني أنَّ العائدات قصيرة الأجل من المرجّح أن تستمر في التوجه صعودياً، مختبرة معنويات المستثمرين الذين انجذبوا إليها بعد توقُّعهم بأنَّ تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي يقترب من نهايته.

قالت منى ماهاجان ، كبيرة محللي الاستثمار في "إدوارد جونز" (Edward Jones): "الكثير من العملاء يقبلون على العائدات قصيرة الأجل، وفي أعقاب تقرير مؤشر أسعار المستهلكين، نرى أنَّ الاحتياطي الفيدرالي يرفع إلى 5% ثم يتوقف مؤقتاً لمتابعة تأثير هذا التشديد".

سوف يشهد الأسبوع المقبل تنافساً بين المتداولين أيضاً على مزاد سندات لأجل 20 عاماً، وهو معيار يفتقر إلى الدعم ويتداول باستمرار فوق عائد 30 عاماً خلال العام الماضي.