التضخم في فنزويلا يتجاوز 300% ويقوض خطط "مادورو" لإنعاش الاقتصاد

الأسعار ارتفعت بمعدل سنوي قدره 359% خلال الأشهر الثلاثة الماضية

عامل يحمل كومة من الدولارات الأميركية والبوليفار الفنزويلي في محطة للتزود بالوقود تابعة شركة النفط الوطنية الفنزويلية  في كاراكاس، فنزويلا، يوم الخميس 8 سبتمبر 2022.
عامل يحمل كومة من الدولارات الأميركية والبوليفار الفنزويلي في محطة للتزود بالوقود تابعة شركة النفط الوطنية الفنزويلية في كاراكاس، فنزويلا، يوم الخميس 8 سبتمبر 2022. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عاود التضخم الارتفاع مجددا في فنزويلا، ما يهدد بتقويض الانتعاش الاقتصادي الهش الذي يديره الرئيس نيكولاس مادورو وإشعال موجة الهجرة من البلاد التي بدأت في التراجع مؤخراً.

ارتفعت الأسعار بمعدل سنوي قدره 359% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقاً لمؤشر أعدته "بلومبرغ".

في حين معدل التضخم يُعدّ انخفاضاً كبيراً عن أعلى مستويات التضخم المفرط إبان السنوات الأخيرة -فقد سجل المؤشر نحو 300000% في عام 2019- فقد ارتفع بشكل ملحوظ عن وقت سابق من عام 2022.

يكشف الارتفاع الحاد في الأسعار عن حدوث تحول مهم في سياسة "مادورو". بعد سنوات من كبح جماح الإنفاق وخفض العجز المتضخم بالميزانية، تعمل الحكومة على تخفيف القيود على الإنفاق مرة أخرى، إذ تقوم بصرف الأموال لكل شيء من مكافآت العطلات إلى المنح المقدمة للموالين للحزب الاشتراكي. تغذّي السيولة النقدية الإضافية في شرايين الاقتصاد الانخفاض في قيمة البوليفار مقابل الدولار وتدفع أسعار المستهلكين إلى الارتفاع.

قال دانييل كاديناس، أستاذ الاقتصاد بجامعة "متروبوليتان" في كاراكاس: "لقد خرجت فنزويلا من الناحية الفنية من التضخم المفرط، لكنها عالقة في معدلات التضخم الشهرية المرتفعة".

أضاف: "نتوقع ألا يتراجع معدل التضخم السنوي دون 100% ما لم يحدث تغيير في السياسة الاقتصادية".

أشار "كاديناس" إلى أن متاعب تقلص القوة الشرائية هي أحد الأسباب التي تدفع الأفراد إلى الهجرة من البلاد. وغادر أكثر من 7 ملايين شخص فنزويلا بالفعل في السنوات الأخيرة وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، مع وصول عشرات الآلاف إلى الحدود الأميركية منذ بداية 2022.

عملة فنزويلا تستقر بعدما فقدت 99.99% من قيمتها

قال "كاديناس":" فنزويلا لديها أسعار شبيهة بدبي للمنتجات بينما يحصل الناس على أجور تشبه السودان. هذا الوضع يؤثر في الغالب على الفقراء أو 93% من السكان".

من خلال السماح للدولار الأميركي بالتداول بحرية، حفزت إدارة "مادورو" زيادة الإنفاق الاستهلاكي، والتي، إلى جانب زيادة متواضعة في إنتاج النفط، تؤدي إلى انتعاش اقتصادي مفاجئ.

من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو 6% خلال 2022، وفقاً لصندوق النقد الدولي. في حين أن معدل النمو سيكون الأكبر منذ 15 عاماً، إلا أن الاقتصاد يظل مجرد انعكاس لنفسه في نسخته السابقة.

روّج "مادورو" للتعافي باعتباره عودة غير مرجحة لدولة تخضع لعقوبات أميركية، وقال الأسبوع الماضي: "لقد وجدت دولة مضطهدة ومعرضة للتعذيب وتخضع للعقوبات والحصار طريقاً لاستخدام محركاتها الخاصة لتنشيط الاقتصاد الحقيقي".

فريق بايدن منفتح على تخفيف القيود الاقتصادية على فنزويلا

خرجت فنزويلا من التضخم الجامح في يناير بعد قرار البنك المركزي بزيادة المعروض بالدولار في سوق الصرف الرسمية. وأسفرت الاستراتيجية عن تحقيق بعض النتائج في بداية العام، مع تراجع التضخم الشهري في مارس.

لكن الزيادات في الأسعار تسارعت في الآونة الأخيرة. أفاد البنك المركزي أن أسعار المستهلك ارتفعت في أغسطس-أحدث البيانات المتاحة- في حين قال المرصد المالي المعارض إن التضخم السنوي يقترب من 157%.

يقدّر مؤشر "بلومبرغ" "كافيه كون ليتشي" (Bloomberg’s Cafe con Leche) -وهو مقياس للتضخم استناداً إلى سعر فنجان قهوة في كاراكاس- معدل التضخم عند 158% في العام الماضي.

توقع بعض الاقتصاديين أن يكون التضخم السنوي أقل من 100% في عام 2022.

عملة أضعف

تراجعت العملة الفنزويلية بمقدار الثلث في الأشهر الثلاثة الماضية، إلى نحو 9 بوليفارات لكل دولار.

قال "كاديناس" إن تخفيف قيود الإنفاق العام أدى إلى زيادة "كبيرة" في المعروض من العملة المحلية، مما يعزز الطلب على الدولار الأميركي.

قالت تامارا هيريرا، مديرة شركة "سينتيسيس فاينانسيرا" (Sintesis Financiera)، إن معدل التضخم من المرجح أن يتفاقم سوءاً مع قيام الحكومة بدفع المزيد من مدفوعات نهاية العام للموظفين العموميين، مما سيعزز الطلب على البوليفار قبل فورة التسوق خلال عيد الميلاد.

تظهر متاعب ارتفاع الأسعار وتأثير سنوات الهجرة في سوق تشاكاو بشرق كاراكاس، وهي منطقة غنية نسبياً في العاصمة، حيث يكافح الباعة هناك لمواكبة العمل.

فنزويلا تفتح قنوات تواصل مع مستثمرين عالميين في ظل انتعاش الاقتصاد

غادر العديد من العملاء الذين كانوا يرتادون مقهى "سونيا بينافيدس" البلاد، أما أولئك الذين بقوا فيشترون قدر احتياجهم فقط.

تفكر "بينافيدس" البالغة من العمر 67 عاماً في استخدام منتجات أرخص وأقل جودة للحفاظ على أسعارها منخفضة، وضاعفت بالفعل تقريباً ما تتقاضاه مقابل فنجان كبير من قهوة "لاتيه" في الأشهر الثلاثة الماضية لتصل إلى 1.95 دولار أميركي. قالت: "إنها إما نوعية جيدة أو سعر جيد، من المستحيل الحصول على كليهما".