تباطؤ التضخم الأميركي يوفر راحة للأُسر والمستثمرين

الاحتياطي الفيدرالي أمامه مجال لتخفيف الزيادات الحادة في أسعار الفائدة

متسوقون في أحد أسواق الخضروات الأميركية
متسوقون في أحد أسواق الخضروات الأميركية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان انخفاض أسعار المستهلك في الولايات المتحدة سبباً في بعث البهجة في نفوس الأُسر والمستثمرين ومسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن ما يزال هناك طريق طويل قبل أن يصبح التضخم المرتفع شيئاً من الماضي.

بلغ معدل التضخم السنوي 7.7% في أكتوبر، وهو الأبطأ منذ يناير، أي قبل بدء الحرب الروسية في أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع عالمي في أسعار السلع والبنزين. والأهم من ذلك بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، أنه مقياس مراقب عن كثب يستبعد الغذاء والطاقة الذي تباطأ أكثر مما توقعه الاقتصاديون.

مع انتشار التباطؤ عبر فئات مثل المواد الغذائية والملابس والسيارات المستعملة، يشير التقرير إلى أن أسرع زيادات في الأسعار منذ عقود قد تبدأ أخيراً في الانحسار في أكبر اقتصاد بالعالم. ربما يمنح البنك المركزي الأميركي ضماناً كافياً لتخفيف زيادات أسعار الفائدة القوية إذا استمر هذا الاتجاه.

تأثير تراجع التضخم على الأسواق

ارتفعت الأسهم الأميركية، التي تضررت هذا الأسبوع بسبب تراجع هائل في الأسهم المرتبطة بالعملات المشفرة، بعد التقرير. وانخفضت عوائد سندات الخزانة وتراجع مؤشر بلومبرغ للدولار. انتقل المتداولون إلى اعتبار رفع الاحتياطي الفيدرالي بمقدار نصف نقطة مئوية في ديسمبر أمراً شبه مؤكد، وخفضوا السعر إلى ما دون 5% وسط اعتقادهم أن تكاليف الاقتراض تبلغ ذروتها العام المقبل.

اقرأ أيضاً: تباطؤ التضخم يشعل فتيل الشراء في "وول ستريت" ويقفز بمؤشراتها

مع ذلك، فإن الأرقام ليست سوى خطوة مبكرة على طريق طويل لكبح التضخم المترسخ منذ شهور، والذي ما يزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل الوباء.

تعليقاً على الأمر، قالت تيفاني وايلدنغ، الاقتصادية بأميركا الشمالية لدى شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت": "أخيراً، هناك تقرير تضخم أقل حدة". وتابعت: "بينما ما زالنا نتوقع تسارع التضخم إلى حد ما خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإن هذا التقرير يزيد أيضاً من ثقتنا في توقف الاحتياطي الفيدرالي مؤقتاً عند النطاق المتوقع بين 4.5% و5%".

ردد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الذين تحدثوا بعد إصدار تقرير التضخم الشعور العام بالارتياح.

قالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي بسان فرانسيسكو، إن التقرير كان يشكل "أنباءً جيدة". في حين أن لوري لوغان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، قال إنه "قد يكون من المناسب قريباً إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة"، رغم أن مثل هذه الخطوة "لا ينبغي اتخاذها لتمثيل سياسة أسهل".

وتيرة نمو التضخم الأميركي تتباطأ وتفسح المجال لتهدئة التشديد النقدي

قال رئيس مجلس إدارة البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بداية نوفمبر الجاري إن المسؤولين بحاجة إلى رؤية نمط ثابت من التضخم الشهري الأضعف وإنه من السابق لأوانه التفكير في إيقاف رفع أسعار الفائدة مؤقتاً.

صُناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون أمامهم تقرير آخر لمؤشر أسعار المستهلك وتقرير الوظائف قبل نهاية اجتماع السياسة الذي يستمر يومين في منتصف ديسمبر.

رأي بلومبرغ إيكونوميكس

"ربما يرتفع السوق استجابةً للتقرير، لكن مقاييس التضخم التي تستثني القيم المتطرفة والمراوغات المنهجية ما زالت تسير بوتيرة تزيد عن ضعف هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، ما يعني أن صُناع السياسة ما زالوا بعيدين عن التوقف عن رفع أسعار الفائدة". آنا وونغ، خبيرة اقتصادية

الأُسر الأميركية

لا شك أن التضخم المرتفع يواصل التأثير على الأُسر الأميركية، فقد أثرت الأسعار المرتفعة على مكاسب الأجور ودفعت الكثيرين إما إلى خفض الإنفاق أو الاعتماد على المدخرات وبطاقات الائتمان لمواصلة الإنفاق.

قال سال جواتيري، كبير الاقتصاديين لدى "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "التضخم ليس في ذروته وهذه البيانات لم تظهر سوى من شهر واحد فقط، ولا يمكنك على الإطلاق أن تثق كثيراً في شهر واحد فقط من التقارير".

رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" في نيويورك يتوقع استقرار التضخم

كذلك، أدت إحدى الانعطافات إلى انخفاض الأسعار في أكتوبر. انخفض التأمين الصحي، الذي كان يساهم باستمرار في ضغوط الأسعار بالولايات المتحدة، بنسبة 4% عن الشهر السابق، نظراً للتغيير السنوي في بيانات المصدر.

لعب التضخم والأداء الأوسع للاقتصاد دوراً في انتخابات التجديد النصفي يوم الثلاثاء، وأثّرا على معدلات تأييد الرئيس جو بايدن، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن القضايا الاجتماعية أثبتت أنها عامل أكبر مما أشارت إليه استطلاعات الرأي التي جرت قبل الانتخابات.

ربما تؤدي الإيجارات والطلب السريع على الخدمات إلى استمرار التضخم عند مستوى مرتفع.

بينما تُظهر بيانات أخرى ثبات أسعار الإيجارات أو حتى انخفاضها، فإن ذلك سيستغرق وقتاً حتى ينعكس في الأرقام الحكومية. في أكتوبر، ساهم المأوى، الذي يشكل حوالي ثلث السلة الإجمالية لأسعار المستهلك، بأكثر من نصف الزيادة الشهرية الإجمالية.

قالت بليرينا أوروتشي، الاقتصادية الأميركية في شركة "تي رو برايس" (T. Rowe Price Associates): "التشدد المستمر في سوق العمل وكذلك تحول الإنفاق الاستهلاكي بعيداً عن السلع ونحو الخدمات يعني أن التضخم عند هذه النقطة سيظل على الأرجح مرتفعاً لبعض الوقت".