"توتال" تخرج من تحالف يتعارض مع مستقبلها

شعار شركة توتال الفرنسية
شعار شركة توتال الفرنسية المصدر: بلومبرغ
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الحقيقة، لم يكن الشهر الأخير رائعاً لعلاقات الطاقة الفرنسية الأمريكية بما شهده من أحداث. أوَّلها، مهاجمة مفوَّض تكساس للسكك الحديدية لشركة "إنجي أس أيه" لرفضها الغاز الأمريكي. والآن تنسحب شركة " توتال إس إي "بطلة النفط الفرنسية من معهد البترول الأمريكي (API) الذي يضمُّ أكبر الحكماء المؤثِّرين بالقطاع.

هذه الخطوة بمثابة قنبلة، لكنَّها منتظرة منذ فترة. ووضعت شركة " توتال " على غرار العديد من شركات النفط الأوروبية الكبرى الأخرى، استراتيجية التخلص من الكربون، وهي تتعارض مع موقف معهد البترول الأمريكي ( جمعية لتجارة وصناعة النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة )، وقطاع النفط والغاز الأمريكي بشكل عام. علاوةً على ذلك؛ فإنَّ تفاصيل إستراتيجية " توتال" ترى أنَّ مواقف معهد البترول الأمريكي ليست فقط متناقضة معها من الناحية الفلسفية. بل سيئة للشركات أيضاً.

إنَّ تحويل عملاق كان يضخ النفط والغاز لعقود من الزمان إلى شركة عملاقة في أسواق طاقة أكثر خضرة (صديقة للبيئة) تعتمد على الطاقة الكهربائية لخفض الانبعاثات الكربونية التي تعني خفض مبيعات المنتجات التي تنتج تلك الانبعاثات - النفط والغاز – لدعم تمويل الشركة، وتعظيم أرباحها من الطاقة النظيفة. ومن أجل وصول" توتال " إلى ذلك؛ فهي تعتمد خطَّة تسمح بمواصلة زيادة إنتاجها من الطاقة، وفي الوقت نفسه تسمح بخفض الانبعاثات لكلِّ وحدة بدرجة كبيرة، بما يؤدي إلى انخفاض انبعاثاتها التي يتحتمُّ عليها الوصول لها.

وللتغلب على تلك المهمة الصعبة باستخدام أهداف "توتال" التي جرى تحديثها في سبتمبر الماضي ، يقدِّر بنك " إتش إس بي سي " أنَّه من أجل أن تخفِّض الشركة انبعاثاتها الحتمية بنسبة 5 % إلى 10 % بحلول عام 2030، مع زيادة إنتاج الطاقة بنسبة الثلث، يجب أن تنخفض كثافة الانبعاثات بنسبة 35 %. وسيتطلَّب تحقيق ذلك الهدف جهداً هائلاً من ناحية خفض الانبعاثات من عمليات "توتال" الخاصة، وكذلك تشجيع مبيعات أسرع لأنواع الوقود منخفضة الكربون بالمقارنة مع النفط. وبشكل عام ، يعني ذلك بيع المزيد من الغاز، والقضاء على انبعاثات الميثان الصادرة من هذا الغاز، وبناء شركة عملاقة للطاقة المتجددة، وجعل عملية فصل الانبعاثات الكربونية قابلة للتطبيق، وكلُّ ذلك مطلوب في غضون عقد من الزمان.

التعارض مع مبادئ معهد النفط الأمريكي

وبحسب تبرير "توتال" للانفصال عن معهد النفط الأمريكي، فإنَّ "الاختلافات الثلاثة" التي أكَّدتها في إعلان انفصالها، هي دعم المعهد لإضعاف معايير انبعاثات الميثان، ومعارضة الإعانات المالية للسيارات الكهربائية، والمواقف المختلفة بشأن تسعير الكربون.

إذا كانت شركتك تخاطر بمستقبلها في زيادة مبيعات الغاز والطاقة المتجددة ، بالإضافة إلى الدفع مقابل فصل الكربون، فإنَّ دفع المستحقات إلى هيئة تقف في طريق التعامل مع مشكلة الميثان، وعدم تشجيع المزيد من المركبات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية؛ كل ذلك ليس مجرد نفاق، بل أمر سخيف.

استمرت العبثية، عن غير قصد، في ردِّ فعل معهد البترول الأمريكي. ففي وداع شركة " توتال "، استنكرت الجمعية قائلة: "إنَّنا لا نؤيد دعم الطاقة، لأنَّه يشوِّه السوق ويثبت في نهاية المطاف أنَّه ضار للمستهلكين". ولا شكَّ أنَّ في ذلك إشارة إلى الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.

ومع ذلك ، يروِّج معهد البترول الأمريكي أيضاً لتخفيضات الانبعاثات الناتجة عن استبدال الغاز بالفحم، وإمكانية فصل الكربون من الانبعاثات مؤخراً في فاعلية "حالة الطاقة الأمريكية" الأسبوع الماضي. واعتراف ضمنيٍّ بأنَّ هناك قيمة في تقليل الانبعاثات، وهو اعتراف ضمني بأنَّ كل انبعاثات غير مسعَّرة من النفط والغاز الأمريكي تعدُّ دعماً لأعضاء معهد البترول الأمريكي.

والسؤال، ما مدى التشويه لسوق الطاقة، لأنَّ السائقين لا يدفعون تكلفة الضرر الذي يلحقونه بالمناخ؟ على سبيل المثال ، عند 50 دولاراً للطن من الكربون ، كلَّفت انبعاثات الكربون من حرق النفط لقطاع النقل 93 مليار دولار في عام 2019. لكنَّ صناعة النفط لم تدفع ذلك، ولم يدفعه عملاؤها أيضاً ؛ بل دفعها المجتمع. قد يحاول بعضهم إقناعك بخلاف ذلك ، ولكن ليس من المناهض للنفط أن تطالب القطاع - أي قطاع طاقة - بتغطية تكاليفها بالكامل، إنَّه فقط تطبيق للرأسمالية، وإن كانت من النوع الشفاف، والعادل، والمستدام .

كسب تأييد الحكومة الأمريكية

تأمل "توتل" في الانفصال عن معهد البترول الأمريكي الآن، للاستفادة من التغيير في الحكومة في واشنطن، لأنَّ الديموقراطيين لن يتبنوا (موقف) شركة نفط فرنسية كبرى على حساب مؤسسة أمريكية. ولكن عندما يتعلَّق الأمر بقضايا مثل تسعير الكربون والإنفاق على تحفيز الطاقة الخضراء، والحد من الانبعاثات، فإنَّها تقف على أرضية مشتركة مع الحكومة الجديدة. علاوة على ذلك، من خلال كونها أوَّل شركة نفط كبرى تنفصل عن معهد البترول الأمريكي، تضمن شركة " توتال" جذب الاهتمام؛ وهو أمر مهم في تسويق استراتيجيتها؛ ليس فقط في واشنطن، ولكن بين الشركات في "وول ستريت" أيضاً.

ويقول " روبن ويست "، الذي يقود " سنتر أوف انرجي أمباكت " التابع لشركة " بوسطن كونستالتينج جروب"، إنَّه إعلان بأنَّ الطاقة والسياسة قد تغيرتا، ويجب على القطاع أن يواكب ذلك ".

ولا تبدو خسارة شركة نفط أجنبية كبرى بمثابة الضربة الكبرى لمعهد البترول الأمريكي، بقدر ما يكشف عن التناقض المطلق في التحالف الذي يتناقض مع خطَّة العمل الخاصة بأعضائه من الشركات.

إنَّ خطوة " توتال "، على أقل تقدير، ستضغط على شركات "بي بي بي إل سي "، و "رويال دويتش شل بي إل سي " لتحذو حذوها. وفوق كل شيء؛ فإنَّ أي تحدٍ صغير لمواقف معهد البترول، مثل السيارات الكهربائية التي تتغذى على دور النفط (كوقود للسيارات)، ينذر بتغيُّر جوهري في المناخ.