هوليوود مغرمة بسيل أفلام عيد الميلاد الرخيصة

طرحت خدمات البث الرقمي 150 فيلماً تحت عنوان العطلات في نوفمبر وديسمبر وسط إقبال شديد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ازدان ركن في مجمع استوديوهات "وارنر براذرز" بأضواء زاهية على طاولات تكتظ بالشوكولاتة وبسكويت الزنجبيل في مساء 16 نوفمبر. بينما راح سانتا كلوز يسأل الأطفال إن كانوا متعبين أم طيبين، كانت سجادة حمراء محاطة بشجرتي عيد الميلاد ترحب بنجوم ثلاثة أفلام في عرضها الأول تلك الليلة وهي "هوليوود كريسماس"، و"هوليداي هارموني"، و"كريسماس ميستري".

لم تكن الأفلام من النوع الذي تشتهر به شركة "وارنر بروس ديسكفري" (Warner Bros. Discovery)، التي تدير امتيازات سلسلة أفلام تحقق مليارات الدولارات مثل "باتمان" و"غيم أوف ثرونز" (Game of Thrones)، بينما يُنتج سائق سيارات السباقات المحترف على أفشار أفلام العطلات بميزانية صغيرة تتراوح بين 3 ملايين و5 ملايين دولار ليبيعها إلى خدمة البث التلفزيوني التابعة للشركة "إتش بي أو ماكس" (HBO Max).

تتزايد أهمية أفلام العطلات لدى هوليوود وسط تحول الاستوديوهات إلى عصر الأفلام الصاخبة برعاية "نتفلكس" و"أمازون" ومنصات أخرى.

إقبال متزايد

إلى جانب كلاسيكيات أفلام عيد الميلاد القديمة مثل "إتس إيه وندرفل لايف" و"ميراكل أون ثرتي فورث ستريت" والأفلام الأحدث مثل "ذا هوليداي" و"بريدجيت جونز دياري" التي تُعرض سنوياً كثوابت، يتزايد الإقبال على أفلام العطلات محفزاً عمالقة الإعلام لإنتاج مئات الساعات من سلاسل أفلام سانتا لعرضها على منصات البث الخاصة بها.

"وارنر برذرز ديسكفري" ترفع تكاليف الشطب إلى 5.3 مليار دولار

قد لا تضاهي أفلام العطلات الأعمال المرشحة للحصول على جوائز الأوسكار، لكن لا يُمكن إنكار شعبيتها الطاغية، حيث تصدر فيلم أفشار "كاليفورنيا كريسماس" قائمة الأكثر مشاهدة على "نتفلكس" على مستوى العالم لأكثر من أسبوعين بعد عرضه في ديسمبر 2020، كما حقق الفيلم نحو 59 مليون ساعة مشاهدة في أول شهر يُعرض فيه.

قال أفشار، مؤسس شركة "إي إس إكس إنترتينمنت" (ESX Entertainment): "الهاتف بدأ يرن إنه عيد الميلاد! طلبت (نتفلكس) ثلاثة أفلام أخرى، لكن اشتراكات (إتش بي إو ماكس) ترتفع أكثر، وكان رد (وارنر براذرز) أن انتظر لحظة إن مكاتبك في استديوهاتنا وستفعل ذلك لصالحنا". أضاف أفشار: "أنتجنا 7 أفلام كوميديا رومانسية جميعها باستثناء واحد كانت من فئة أفلام العطلات".

كعكة كبيرة

خلال نوفمبر وديسمبر، يتم عرض نحو 150 من أفلام عطلة عيد الميلاد على شاشات التلفزيون ومنصات البث. تمتلك 40 منها "هول مارك ميديا" (Hallmark Media) التابعة لشركة "هول مارك كاردز" (Hallmark Cards Inc)، بينما تمتلك منافستها "لايف تايم" (Lifetime 26 فيلم، حتى "فوكس نيشن" (Fox Nation) ذراع البث التلفزيوني لشبكة تلفزيون إمبراطورية عائلة مردوخ تملك 5 أفلام.

جاء فيلم سلسلة أفلام "والت ديزني" الكوميدية، "ذا سانتا كلوزيز" (The Santa Clauses)، المُنتج لصالح منصتها عبر الإنترنت "ديزني بلس" (Disney+) ضمن أكثر 10 أفلام إقبالاً في الولايات المتحدة خلال الأسبوع السابق لعيد الشكر.

كذلك تلقى بعض الأفلام الغريبة التي تم تصنيفها ضمن الفئة (R) مثل فيلم "فيولنت نايت" (Violent Night) من إنتاج شركة "يونيفرسال بيكتشرز" (Universal Pictures) إقبالاً من الجمهور بصالات العرض، حيث يروي قصة إنقاذ بابا نويل مدمن الخمر عائلة وقعت رهائن لمجرمين، إذ تفوقت إيراداته البالغة 13.5 مليون دولار في أولى عطلات نهاية الأسبوع لشهر ديسمبر على توقعات شباك التذاكر.

شعبية وإيرادات

قال ديفيد زاسلاف، رئيس "وارنر بروس ديسكفري" التنفيذي إنه لا يستطيع فهم اقتصاديات الأفلام التي تُعرض على قنوات البث عبر الإنترنت، وإنه يفضل أكثر الأفلام ذات الميزانية الكبيرة التي تُعرض في دور السينما وتحقق إيرادات قد تصل إلى مليارات الدولارات. لكن أفلام العطلات ميزانياتها بسيطة، وإنتاج عدد كبير منها يمثل استثناءً لأنه يمكن إنتاجها في أقل من ثلاثة أسابيع كما تتطلب تكاليف تسويقية طفيفة وتعول على ملايين المشاهدين لأنها تصبح جزءاً من طقوس الاحتفال بعيد الميلاد. يتزايد البحث عن أفلام عيد الميلاد سنوياً ما دفع "نتفلكس" إلى إنشاء تصنيف فرعي خاص بتلك الأفلام تضم أفلام "غوفي كريسماس"، وأفلام عيد الميلاد من التسعينيات، وكذلك أفلام عيد الميلاد البريطانية والكندية وغيرها.

مستقبل "HBO" بين يدي رئيس شركة "ديسكفري"

ارتبط المشاهدون بأفلام عيد الميلاد، التي جاء 5 منها بقائمة أفضل 10 أفلام على "نتفلكس" خلال الأسبوع المنتهي في 4 ديسمبر، ومن بينها فيلم النخب الأول "ذا نويل دياري" الإنتاج الذي جاء ضمن قائمة أفضل 10 أفلام في 83 دولة من بينها بعض الدول الإسلامية وإسرائيل، ما يعكس قدرة ذلك النوع من الأفلام على التوسع.

تُفسر تلك الشعبية إدراج أكثر من 200 فيلم طويل جديد وتلفزيوني ضمن تصنيف "عيد الميلاد" بقاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت العام الماضي، ويُعادل الرقم ضعف عدد هذه الأفلام في 2016 ونحو 4 أضعاف عددها في 2011.

وصفة النجاح

تتركز وصفة نجاح إنتاج تلك الأفلام بشكل كبير في انخفاض تكلفة فريق العمل، الذي يضم أحياناً ممثلين مغمورين، وكذلك خفض الإنفاق على بعض البنود التي عادةً ما تستهلك ميزانيات الأفلام مثل ديكور موقع التصوير والمؤثرات الخاصة، لذلك نجد بعض استوديوهات الإنتاج ومن بينها "هول مارك" تعيد تدوير ديكورات أفلام عيد الميلاد. صور فريق عمل أفشار فيلم "كاليفورنيا كريسماس" على ديكور بُنيّ في إحدى مزرعته في مقاطعة سونوما في الولاية.

تكون أغلب روايات تلك الأفلام غير مرتبطة بمجتمع محدد بينما تحمل مشاعر طيبة مليئة بالحيوية حيث تتمحور حول العودة من المدن الكبرى إلى الموطن والعائلة لقضاء العطلات، أو حول أشخاص غرباء يقعون في الحب خلال أقل من ساعتين، وسط صورة تُظهر دائماً عادات العطلات وتفادي الثلج المتساقط. بالتأكيد قد لا تقتصر تلك القصص على عيد الميلاد، لكنها تقف وراء إصدار "هولمارك" في 18 ديسمبر فيلم "هانوكا أون راي" الذي تدور أحداثه حول زبونة تقع في حب عامل يهودي أثناء العطلة.

إنفوغراف.. إيرادات أفلام أعياد الميلاد

تعني تلك التكتيكات قدرة هوليوود على إنتاج مئات الأفلام بتكلفة بخسة وتحقيق عائد استثمار يعتمد على الوقت الذي يقضيه المشاهدون على منصات بث تلك الأفلام. يكون هذا نفيض الإنفاق الكبير على أفلام كبرى شركات الإنتاج التي تُوزع للعرض في دور السينما، فقد حصل النجم توم كروز على نحو 100 مليون دولار عن دوره في الإصدار الأخير من سلسلة أفلام "توب غن" من إنتاج شركة "باراماونت بيكتشرز" (Paramount Pictures)، وقد حددت المبلغ إيرادات شباك التذاكر. قال المخرج جيمس كاميرون إن الجزء الثاني من فيلم "أفاتار" الذي بدأ عرضه بدور السينما في 16 ديسمبر يتطلب تحقيق إيرادات تقارب ملياري دولار لتغطية تكاليفه.

نجوم العطلات

ارتبطت أسماء بعض الممثلين بأفلام عطلة عيد الميلاد ومنهم كانديس كاميرون بوري، المعروفة باسم "ملكة الكريسماس" لأنها كانت بطلة 10 أفلام تدور حول موسم العطلات، ما جعلها ترتبط بشكل كبير بذلك النوع من الأفلام. لكن الآن جذبت تلك الأفلام مشاهير الدراما مثل كريستين ستيوارت، التي شهدت "أفضل موسم لها" بعدما حقق فيلمها المعروض عبر منصة البث "هولو" (Hulu) نجاجاً كبيراً. كما عادت ليندسي لوهان، التي لم تلعب دور البطولة في أفلام هوليوود منذ نحو عقد، إلى مسيرتها التمثيلية هذا العام بفيلم "فولينغ فور كريسماس"، الذي احتل في أول عرض له المركز الثاني بقائمة "نتفلكس" لأكثر 10 أفلام مشاهدة خلال نوفمبر.

يتطلع المنتج أفشار في 2023 لمضاعفة عدد أفلام عطلة عيد الميلاد على أن تُعرض في عطلات أخرى حيث قال: "نفترض استكمال نفس المسار ونخطط لإنتاج 15 فيلماً العام المقبل نصفها من أفلام العطلات، وقد يكون هناك فيلم واحد لعيد الشكر واثنان لعيد الحب ونحو 7 إلى 8 أفلام لعيد الميلاد".