إعادة شراء عمالقة النفط لأسهمهم قمة جبل جليدي بتريليون دولار

إسراف الشركات يتحول لظاهرة عابرة للمحيط الأطسي تطال الشركات الأوروبية

المساهمون يغرقون في عمليات إعادة شراء للأسهم بشركات النفط الكبرى
المساهمون يغرقون في عمليات إعادة شراء للأسهم بشركات النفط الكبرى المصدر: بلومبرغ
Lionel Laurent
Lionel Laurent

Bloomberg Opinion. Writing my own views on Flag of European UnionFlag of FranceMoney-mouth face(Brussels/Paris/London) here: https://bloom.bg/2H8eH0P Hate-love-mail here: llaurent2 at bloomberg dot net

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عملية ضخمة لإعادة شراء الأسهم بقيمة 75 مليار دولار من جانب شركة "شيفرون" أغضبت الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يبدو أن دعوته إلى زيادة الاستثمار في إنتاج النفط - بالإضافة إلى فرضه ضريبة مستحدثة 1% على عمليات إعادة شراء الأسهم – لم تحقق المأمول منها على صعيد توجيه الأموال إلى الوقود الأحفوري البغيض وتجنب الاستثمارات الجاذبة في الأوراق المالية قصيرة الأجل.

ضخت الشركات الأميركية ما يصل إلى تريليون دولار في عمليات إعادة شراء الأسهم خلال السنة المنصرمة.

يرجح أن يغضب الساسة الأوروبيون ويشعرون بقلة الحيلة بطريقة مشابهة مع انتعاش الأرباح الموزعة التي تقدمها الشركات في وقت الحرب.

تشكل أرباح شركات النفط الكبرى المتوقع أن تبلغ 200 مليار دولار - وعمليات إعادة الشراء المرتبطة بها المعلنة من قبل شركة "شل" و"بي بي" و"توتال إنرجيز"- قمة جبل الجليد بمنطقة حققت قفزة في الأرباح والمدفوعات، لكنها ذات المنطقة التي شهدت عمليات إنفاق رأسمالي ضعيفة.

بينما مثل فرض ضرائب على الأرباح الاستثنائية صفعة لقطاع الطاقة، من المتوقع تصاعد دعوات فرض ضرائب على صفقات إعادة شراء الأسهم، والتي قد تجمع على مدى عقد بالولايات المتحدة الأميركية 74 مليار دولار.

إسراف عابر للمحيط

مع ذلك، بات الإسراف الذي يصب في مصلحة حاملي الأسهم حالياً ظاهرة عابرة للمحيط الأطلسي. أعادت الشركات الأوروبية بالوقت الراهن شراء رأس مال السوق بقيمة تفوق نظيراتها بالولايات المتحدة الأميركية حيث بلغت عمليات إعادة شراء الأسهم 27.2 مليار يورو (ما يعادل 30 مليار دولار) و55.2 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 68.4 مليار دولار) في كبرى شركات فرنسا والمملكة المتحدة على الترتيب خلال 2022، بحسب بيانات لمصرف "ناتيكسيس" (Natixis) و"أيه جي بيل".

يأتي من بين الشركات المشاركة بهذا الأمر "إل في إم إتش" (LVMH) وهي شركة سلع فاخرة من العيار الثقيل وشركة الأنشطة الدفاعية "بي أيه إي سيستمز" وشركة تقطير المشروبات الكحولية "دياجيو"، وهي شركات كانت من بين أكبر مشتري الأسهم الأوروبية السنة المنصرمة، بحسب خبراء استراتيجيين بمصرف "غولدمان ساكس غروب".

يُنظر لعمليات إعادة الشراء من قبل مؤيديها باعتبارها الطريقة المثلى لتخصيص رأس المال عندما تبدو البدائل الأخرى، على غرار صفقات الاندماج أو عمليات التوسع، أقل تحقيقاً للأرباح. في حالة شركات النفط الكبرى، ربما يكون ذلك مفهوماً وسط عالم زادت فيه علاوة المخاطر بمشروعات الوقود الأحفوري. وهكذا، فإن هناك حاجة لتعزيز الأوراق المالية القابلة للتحويل للمساهمين مع وجود ضغوط تنافسية مع استثمارات أخرى في قطاعات اقتصادية لا تلتزم بالمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات مثل الأنشطة الدفاعية، أو المجالات التي تخضع لإجراءات تنظيمية محكمة على غرار الخدمات المالية. وبصورة عامة، فإن ذلك الأمر يأتي في صالحها حيث يتفوق أحد المؤشرات التي تتعقب أداء الشركات الأوروبية التي تعيد شراء الأسهم على السوق الأوسع نطاقاً.

"شل" تعزز إعادة شراء الأسهم مدعومة بارتفاع أرباحها

تُلقي أيضاً حقيقة تسريح الموظفين مزيداً من الضوء بطريقة سيئة على طفرات في ثروة حاملي الأسهم. أنفقت شركات التكنولوجيا الكبرى الأموال النقدية على عمليات إعادة الشراء خلال السنة المنصرمة في حين أنها تخفض الوظائف بالوقت الراهن. ستنفق شركة "سيلز فورس" على تكاليف إعادة الهيكلة بنفس القدر الذي أنفقت به على عمليات إعادة شراء الأسهم بالربع الثالث من 2022. بالنظر لممارسة من المفترض أنها مرتبطة بعمليات تخصيص رأس المال تتسم بالكفاءة، فإن إعادة شراء الأسهم ذات القيم المبالغ فيها تبدو تبذيراً بصورة لا يمكن تصديقها. كما أبرز تعليق شركة "ستاربكس" عمليات إعادة شراء الأسهم السنة الماضية بعض المبررات الجوهرية وراء قيام شركات بعمليات استثمار حتى مع حدوث تباطؤ اقتصادي، والتي من بينها سعيها للدفاع عن حصتها السوقية.

نفط

سلاح الضرائب

حتى بدون الإذعان لما يسمى بطريقة لا تهاون فيها "متلازمة اضطراب إعادة الشراء"، توجد أسباب منطقية لاستعمال الضرائب كوسيلة لدفع السلوك صوب مسار مختلف بوقت يشهد ميزانيات حكومية مضغوطة ومحافظ أمول خاصة بمستهلكين مثقلين بالأعباء. لا تعتبر نسبة 1% للضريبة المفروضة بالولايات المتحدة سوى خطأ تقريبي في التقدير، وعلى الأرجح ستكون مجرد بداية. لكن مركز البحوث البريطاني "معهد أبحاث السياسات العامة" (IPPR) يتوقع أن يسفر فرض ضريبة على العمليات الخاصة بالشركات المدرجة بمؤشر "فوتسي 100" عن جمع 225 مليون جنيه إسترليني خلال سنة واحدة. فعلياً، يرجح أن تفرض فرنسا ضريبة ثابتة جديدة على توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم التي تتجاوز المتوسط العام، رغم أنها ستُضاف على نحو مروع للرسوم المطبقة حالياً على تعاملات الأسهم.

تتمثل مفارقة الموقف الراهن في أن طفرة عمليات إعادة شراء الأسهم ربما تخبو قبل أن تنجم عنها مبالغ كبيرة تذهب لمسار الإيرادات الضريبية. ربما يكافئ حاملو الأسهم الشركات قريباً على احتفاظهم بالسيولة النقدية أو تقوية ميزانياتها العمومية وسط بيئة أشد خطورة للغاية. رغم صعوبة العبث بتوزيعات الأرباح مقارنة بعمليات إعادة شراء الأسهم، إلا أنها قد ينتهي بها الأمر تبدو أشد جاذبية باعتبارها تسديداً للأرباح.

لكن في حال استمر التوسع بعمليات إعادة شراء الأسهم، مع وقت تتزايد فيه الاضطرابات الاجتماعية بأوروبا وإطلاق الحكومات لإعانات التكنولوجيا النظيفة، فمن المنتظر أن تنعكس إحباطات بايدن على ما هو أبعد من البيت الأبيض.