الصين تتحكم في الغاز المسال وسط انتعاش الطلب عالمياً

بكين باتت بصورة متنامية الوسيط الرئيسي لاستيراد وإعادة بيع الغاز دولياً

أنابيب على ناقلة للغاز الطبيعي المسال بمحطة "بي جي بي" كونسورتيوم" بكراتشي في باكستان.
أنابيب على ناقلة للغاز الطبيعي المسال بمحطة "بي جي بي" كونسورتيوم" بكراتشي في باكستان. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبشر إسراع الصين إلى توقيع اتفاقيات جديدة طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال، بمنحها مزيداً من السيطرة على السوق العالمية، في وقت تتصاعد فيه المنافسة على الشحنات.

تبرم الشركات الصينية غالبية اتفاقيات شراء الغاز الطبيعي المسال مع أي دولة، وباتت بصورة متنامية الوسيط الرئيسي لعمليات الاستيراد بالقطاع. يعيد المشترون الصينيون بيع شحنات عديدة بأعلى سعر يطرحه المزايدون من أوروبا وآسيا، ما يجعلهم مسؤولين بالفعل عن شريحة ضخمة من الإمدادات.

تعاقدات غاز صينية جديدة

تشكل الشركات التي يقع مقرها بالصين 15% تقريباً من كافة العقود التي تبدأ في عمليات تسليم إمدادات الغاز الطبيعي المسال حتى 2027، بحسب تحليل بيانات "بلومبرغ إن إي أف". يرجح أن يتصاعد هذا الاتجاه، إذ تسعى الشركات لعقد اتفاقيات أكثر طويلة الأجل، والتي ستعطي السيطرة على العقود لتجارها لعقود مقبلة.

انتعاش الاقتصاد في الصين قد يزيد أسعار الغاز في 2023

من النحاس وصولاً إلى المعادن النادرة، بدأت الصين تعزز سطوتها في سوق السلع الأساسية التي تعتبر حيوية لكل من اقتصاد البلاد ولعملية تحول العالم بعيداً عن الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً للبيئة. باتت الصين واحدة من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم خلال فترة وجيزة في ظل جهود بكين لضمان تحقيق أمن الطاقة.

قد تكون مكانة البلد الآسيوي بالسوق سلاحاً ذا حدين: تستطيع الصين توفير الاستقرار في الإمدادات خلال فترات النقص العالمي، لكن قد تقلص المعروض وتزيد الأسعار في حال كان عليها الوفاء بالاحتياجات المحلية.

توازن بسوق الغاز عالمياً

ذكرت شركة "شل" بتقريرها السنوي حول توقعات سوق الغاز الطبيعي المسال الصادر الأسبوع الماضي: "تتحول الصين من سوق استيراد سريعة النمو للعب دور أكثر مرونة من خلال مقدرتها المتنامية على إحداث حالة توازن بسوق الغاز الطبيعي المسال العالمية".

اتضح تأثير الصين تماماً السنة الماضية أثناء أزمة شح الطاقة عالمياً، عندما قلصت سياسات احتواء مرض كوفيد الصارمة وأسعار العقود الفورية باهظة الثمن من طلب البلاد، ما اضطرها لتحويل الشحنات غير الضرورية للمناطق الأشد احتياجاً لها.

بورصة "إنتركونتيننتال" تطلق سوق غاز منافسة في لندن

أكد شاول كافونيك، وهو محلل طاقة بمصرف "كريدي سويس غروب": "لولا تراجع الطلب الصيني على الغاز الطبيعي المسال خلال 2022، لكانت سوق الغاز العالمية وأمن الطاقة في أوروبا في وضع شديد الخطورة للغاية".

حجم عمليات إعادة البيع الصينية

يقدر حجم عمليات إعادة بيع الصين بـ5.5 مليون طن غاز طبيعي مسال على الأقل خلال العام الماضي، بحسب تقرير البحث الشهري لشركة "إي إن إن إنرجي" لشهر يناير الماضي. يعادل ذلك 6% تقريباً من إجمالي حجم سوق العقود الفورية، ما يجعل للبلاد مورداً بديلاً ضخماً.

أبرمت الصين عقوداً مع برامج تصدير أميركية أكثر من أي دولة أخرى منذ 2021، بحسب بيانات "بلومبرغ إن إي أف"، ووقعت "سينوبك" واحدة من أكبر صفقات قطاع الغاز الطبيعي المسال في التاريخ مع قطر العام الماضي. توجد صفقات في المدى المنظور، إذ تفاوض الشركات المصدرين بالولايات المتحدة الأميركية، كما بدأت محادثات مع قطر وعمان وماليزيا وبروناي، بحسب أشخاص على دراية بالمناقشات الجارية.

"شل" تحقق نتائج أعمال قياسية مع ازدهار أعمال الغاز

أشار محللو "بلومبرغ إن إي أف" في تقرير خلال يناير المنصرم إلى أن حجم التعاقدات طويلة الأجل الصينية ستصعد غالباً 12% في 2023 بداية من الاتفاقيات الموقعة مع الولايات المتحدة وقطر. ربما تعتمد درجة حدة أزمة نقص الطاقة العام الجاري مرة ثانية على الكميات التي ستقرر الصين بيعها بالسوق الخارجية.

يمثل مدى تعافي الاقتصاد الصيني عاملاً أساسياً. تساور السوق المخاوف من نقص المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال إثر حدوث تعافٍ قوي ما سيرفع مرة أخرى من الأسعار، إذ اعتبرت وكالة الطاقة الدولية البلاد واحدة من المخاطر الخارجية الأساسية خلال العام الجاري. رغم ذلك، فإن حجم ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال بالصين غير واضح في ظل قوة الشحنات عبر خطوط الأنابيب والإنتاج المحلي.

واردات الغاز الصينية تنافس اليابانية

تحول المستوردون الكبار للغاز الطبيعي خلال العقد الماضي فقط إلى بائعين. في ظل وصول إمدادات مرنة من المصدرين الجدد على غرار الولايات المتحدة وتزايد مكاتب التداول الذكية. تمتلك المرافق حالياً القدرة على تحويل وجهة الشحنات عندما يكون الطلب المحلي ضعيفاً.

أصبحت اليابان، التي تعتبر من الناحية التاريخية أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، تاجراً كبيراً لهذا الوقود. لكن يرجح أن يتراجع تأثيرها إذ ستكون الصين غالباً هي أكبر مستورد حول العالم العام الجاري في ظل جهودها المبذولة لزيادة خبرتها التجارية.

أسست شركات الطاقة الكبرى المملوكة للدولة بما فيها "بتروتشاينا" و"سينوبك" وحدات تجارية بداية من لندن إلى سنغافورة. يعني ذلك أنه في حال رغبة مستورد أوروبي في شراء شحنة من الولايات المتحدة، مثلاً، فقد يضطر بصورة متنامية لتنفيذ الصفقة بواسطة مكتب تجارة صيني.