حرب أوكرانيا تُفاقم أزمة نقص العمالة في الاقتصاد الروسي

بنك روسيا يحذر من محدودية القدرة على تعزيز الإنتاج بسبب ظروف سوق العمل

سيارة شرطة بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل في الميدان الأحمر في موسكو، روسيا
سيارة شرطة بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل في الميدان الأحمر في موسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتفاقم النقص في العمالة بسبب مساعي الرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز حجم القوات المسلحة الروسية، إذ تجذب حربه في أوكرانيا مئات الآلاف من العاملين في قطاعات أخرى من الاقتصاد إلى الجيش.

تشير بيانات هيئة الإحصاء الفيدرالية الروسية إلى زيادة صافية في عدد أفراد الجيش العام الماضي ناهزت 400 ألف في ظل معدل البطالة المنخفض انخفاضاً قياسياً بالفعل، بحسب تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس"، بعد أن أمر بوتين باستدعاء 300 ألف مجند احتياطي في أول تعبئة جزئية في الدولة منذ الحرب العالمية الثانية.

يُرجح أليكساندر إيساكوف، خبير الاقتصاد الروسي لدى "بلومبرغ"، أن يكون إجمالي العدد الذي بدأ الخدمة العسكرية قد تجاوز نصف مليون، وذلك لأنَّ البيانات تخفي عمليات التجنيد الجديدة لملء الفجوات من القوات التي تم تسريحها منذ بداية الغزو، كما لا تأخذ في حسبانها التجنيد من قبل الشركات العسكرية الخاصة مثل مجموعة المرتزقة سيئة السمعة "فاجنر".

تعبئة بوتين للجيش تضرب الاقتصاد الروسي المتدهور في مقتل

حالياً، يسعى الكرملين لتجنيد 400 ألف مجند بالتعاقد، العام الجاري، للقتال في أوكرانيا، في الوقت الذي يستعد فيه "بوتين" لمعركة طويلة، وفق أشخاص مطلعين على الخطة. وافق "بوتين" على هدف لزيادة عدد الجيش الروسي إلى 1.5 مليون من 1.15 مليون، وهو هدف قد لا يتحقق قبل 2026.

التجنيد العسكري يعوّض تراجع التوظيف

كما فر أيضاً مئات الآلاف من الروس في سن التجنيد من البلاد بعد إعلان "بوتين" التعبئة في سبتمبر، مما فاقم التراجع الديموغرافي الذي يشير إلى احتمال تقلص عدد السكان في سن العمل 6.5% العقد المقبل، وفي هذا الشأن، حذر بنك روسيا في ديسمبر من "محدودية القدرة على تعزيز إنتاج الاقتصاد الروسي إلى حد كبير بسبب ظروف سوق العمل".

أظهر حوالي ثلث القطاعات التي تتبّعتها هيئة الإحصاء هبوطاً في الوظائف العام الماضي، لكنَّ التجنيد العسكري عوّض كل التأثير السلبي على الرقم الإجمالي. مع ذلك؛ قاد التجنيد الإجباري وتجنيد المتعاقدين، بجانب النزوح الجماعي للروس من الدولة، إلى انخفاض في عدد العاملين من الذكور، وإلى شحٍ في العديد من الصناعات.

روسيا تتخطى سنة من العقوبات القاسية بفضل استثمار الشركات

من جهتهم، أشار صنّاع السياسة في موسكو مراراً إلى أنَّ المخاوف التي تزيد من نقص العمالة تعيق الاقتصاد الروسي في وقت تحاول فيه الشركات والقطاعات التكيف مع العقوبات الدولية غير المسبوقة المفروضة بسبب الحرب.

هبطت البطالة في روسيا إلى 3.6% في يناير، فيما زادت الأجور الحقيقية في كل شهر من الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022 نتيجة نقص العمالة. ومن المقرر أن تنشر هيئة الإحصاء أحدث بياناتها اليوم الأربعاء.

يقول "إيساكوف" إنَّ البطالة ارتفعت بنسبة 2.4% في المتوسط خلال أحدث ثلاث فترات ركود في روسيا، إلا أنَّ رقم البطالة وصل أدنى مستوى في 2022 ويواصل التراجع.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

هناك ثلاثة أسباب لتراجع البطالة. الأول يتمثل في ارتفاع الإنفاق العام السنة الماضية، ما عزز قدرات معظم القطاعات، وكانت المكاسب البارزة في قطاعات التصنيع المرتبط بالدفاع والإنشاءات جميعها أمثلة على التحفيز الناجم عن الإنفاق العام. أما السبب الثاني؛ فتمثّل في أنَّ زيادة التجنيد في الجيش والتوظيف في القطاع العام عوّضت خسائر الوظائف في القطاعات المرتبطة بالدورات الاقتصادية مثل التجزئة، أما السبب الثالث؛ فمفاده أنَّ الهبوط الكبير في الواردات، خاصة في المراحل الأولى من الأزمة، أدى إلى زيادة هوامش أرباح المنتجين المحليين، وظلت هناك حوافز للاحتفاظ بطواقم العمل قائمة.

أليكساندر إيساكوف، خبير الاقتصاد الروسي.

قالت ناتاليا دانينا، مديرة قسم التحليل في "هيد هانتر" (HeadHunter)، وهي شركة توظيف في روسيا، إنَّ الزيادة الشهرية في الوظائف الشاغرة تجاوزت عدد السير الذاتية التي استقبلتها الشركة في فبراير، وذلك لأول مرة في الاثني عشر شهراً الماضية.

الإنفاق الحربي والسري يلتهم ميزانية روسيا

أضافت أنَّ مؤشرات معروض العمالة قد تعود إلى مستوى شُوهد بعد جائحة كوفيد 19 في روسيا من عام 2021 "عندما كان نقص العمالة عند أقصى حالاته".

قالت دانينا: "انخفاض البطالة الذي يصاحبه النقص في العمالة يعرقل عملية التحول الهيكلي في الاقتصاد، فإما أنَّه لا يوجد أناس، أو أنَّهم لا يسعون لتغيير وظائفهم وسط الظروف الخارجية الصعبة".