بيانات لقاح "إسرائيل" درس للجميع

قوارير من لقاحات فايزر-بايوإنتك
قوارير من لقاحات فايزر-بايوإنتك المصدر: بلومبرغ
Lionel Laurent
Lionel Laurent

Bloomberg Opinion. Writing my own views on Flag of European UnionFlag of FranceMoney-mouth face(Brussels/Paris/London) here: https://bloom.bg/2H8eH0P Hate-love-mail here: llaurent2 at bloomberg dot net

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عادت الولايات المتحدة إلى التعاون العالمي في مجال الصحة بعد تراجع إدارة الرئيس جو بايدن عن قرار مغادرة منظمة الصحة العالمية، كما وقَّعت على "كوفاكس" (Covax)، المبادرة العالمية للقاح التي تضمُّ 92 دولة، بعد رفضها من قبل الرئيس السابق. وتعزِّز هذه الخطوة بشكل كبير من الإطلاق العالمي للعديد من اللقاحات الآمنة والفعالة، التي تعدُّ أفضل مرحلة في نهاية المعركة ضد وباء كورونا.

وسيتطلَّب الوصول إلى الهدف التحلي في هذا الوقت الضاغط بالإيثار بدلاً من التصرف بأنانية. كما تعدُّ جرعات اللقاح مورداً نادراً ومحدوداً في الوقت الحالي، وإذا نظرنا إلى لوجستيات اللقاحات المعقدة، سنجد أنَّ الدول الغنية ذات الميزانيات الوفيرة تتمتَّع بميزة شرائها وتوزيعها. كما لم يمضِ وقت طويل على قيام الدول بالمزايدة الشديدة على حلفائها لتأمين الأقنعة والمعدَّات الطبية، وستكون مبادرة "كوفاكس" حيوية، ولقد قامت بالفعل بتأمين ما يقرب من ملياري جرعة لتطعيم ما يصل إلى خمس سكان الدول بحلول نهاية عام 2021.

اقتصاد اللقاحات

ومع هذا، فإنَّ المال مقابل الجرعات ليس هو المفتاح الوحيد. فالبيانات تعدُّ قوة أيضاً في اقتصاد اللقاحات بالقرن الحادي والعشرين. وقبل شهور من قيام الدول الأكبر والأكثر ثراءً بتطعيم سكانها؛ تعتزم إسرائيل الصغيرة حجماً تحصين سكانها جزئياً عن طريق طلب اللقاح مبكِّراً لقاء مبالغ باهظة، وفقاً لما ورد في التقارير، وأيضاً من خلال مشاركة معلومات المرضى بعد التطعيم. وفي وقت سابق من هذا الشهر، سرَّعت شركتا "فايزر" (Pfizer Inc)، و"بايوإنتيك" (BioNTech SE) من تسليم لقاح وباء كورونا إلى إسرائيل بعد صفقة لمشاركة بيانات شاملة حول برنامج التلقيح، وفقاً لزملائي في بلومبرغ.

وبهذه الصفقة يحصل الجانبان على عدَّة مزايا. فستحصل إسرائيل على الجرعات التي تحتاجها لحماية شعبها بشكل أسرع من أي مكان آخر، فيما يعدُّ نظام الرعاية الصحية المتفوق تقنياً لديها، وبرنامجها الفعال للتطعيم أرضية اختبار قيِّمة للقاح "فايزر" الذي تمَّ طرحه في وقت قياسي.

ويتيح هذا فرصة لكي يتعلَّم بقية العالم من تجربة إسرائيل. فيمكننا مشاركة البيانات بطريقة لا تستطيع الجرعات فعلها. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتناياهو، إنَّ المعلومات ستساعد الدول الأخرى على تطوير استراتيجيات لإنهاء تفشي المرض. وقال لي ياردين فاتيكاي، الرئيس السابق لمديرية المعلومات الوطنية الإسرائيلية:

"لا يوجد مكان آخر تستطيع أن ترى فيه تطعيم مجتمع بأكمله. إنَّه برنامج ريادي مقدَّم للعالم."

فعالية العالم الحقيقي

وفي حين ظهرت ملاحظات مشجِّعة حول برنامج التطعيم الإسرائيلي بالفعل؛ إلا أنَّ هناك عقبة. فنحن لا نعرف حقاً الشروط الكاملة والآثار المترتبة على هذه الصفقة. فالبيانات التي تمَّت مشاركتها مع "فايزر" هي عبارة عن بيانات وبائية "مجمَّعة" لمراقبة فعالية اللقاح في الوقت الفعلي، ولكنَّها لا تقدِّم معلومات فردية محددة، بحسب قول الشركة. كما أصدرت الحكومة الإسرائيلية نسخة منقَّحة من اتفاقية "فايزر"، إلا أنَّ لورنس غوستين، أستاذ القانون في جامعة جورج تاون، يقول إنَّ الأمر "غير واضح". و يقول خبراء الخصوصية، إنَّ هناك أسئلة لم تتم الإجابة عليها حول مقدار البيانات التي تتمُّ مشاركتها، وكيف ستتمُّ حمايتها بشكل جيد، وهذا أمر مهم في ظلِّ الخطوات العالمية فيما يختص بالتتبُّع والقرصنة.

ومع انتشار اتفاقيات مشاركة البيانات، قد يكون لانعدام الشفافية آثار مضاعفة مقلقة؛ إذ تقول شركة "فايزر"، إنَّها تقيِّم مقترحات مماثلة لـ"فعالية العالم الحقيقي" مع أطراف آخرين. ولكن من سيقرر كيفية استخدام البيانات أو الوصول إليها؟ وما هو نوع الميزة التفاوضية التي تمنحها؟ هل تتعلق بشهور الانتظار حتى يتمَّ تسليم الجرعات أو بتجاوز ذلك وإعطائها لمن هم في الصفوف الأمامية؟ هل يمكن أن تُمنع الدول من التبرُّع بجرعاتها لأشخاص في الخارج كما تفعل النرويج؟

وعندما تكون الأولوية لإعطاء الجرعات في الذراعين، تبدو هذه الأسئلة ثانوية في خضم الأزمة الصحية العالمية. ولكن إذا حاولنا التفكير في الطرق العالمية حول التسوية الأخلاقية فيما يتعلق باللقاحات، فتعدُّ هذه أسئلة مهمة. فـ"كورونا" لن ينتهِ إذا لم يتم القضاء عليه في كل مكان.

الحذر من منح القوة للطرف الخطأ

إنَّ أحد الحلول تكمن في تأسيس منظمات جديدة على غرار "كوفاكس" لتجنُّب إعطاء الكثير من القوة للطرف الخطأ. تقول أوليفيا تامبو، الأستاذة المشاركة في القانون الأوروبي بجامعة "باريس دوفين"، إنَّ التحلي بالإيثار في مشاركة البيانات قد يعزِّز من الثقة التي من شأنها حماية المعلومات، وتحديد من يمكنه الوصول إليها. كما ذكر الطبيب وخبير الإحصاء الحيوي رودولف ثيبوت، أنَّه يمكن للمستشفيات التي تجمع البيانات الاشتراك في معايير الحوكمة والأخلاق.

ولا ينبغي أن يُنظر إلى المطالبة بعقد صفقات لقاحات أكثر شفافية، وبشروط منصفة تتضمَّن حماية البيانات عند مشاركتها على أنَّها عقبات في السباق؛ بل يجب أن يُنظر إليها على أنَّها تتيح تكافؤ الفرص. كما يجب الحفاظ أيضاً على ثقة الجمهور خلال هذا العام الفوضوي الذي يشهد الكثير من الصراعات السياسية الداخلية حول إمدادات اللقاحات، والجدل حول الشهادات الرقمية. وبحلول نهاية هذا العام؛ قد يحالفنا الحظ، ويثبت لنا أن لا أساس لمخاوفنا بشأن عدم المساواة في تسليم اللقاحات، ولكن من الأفضل أن نعمل الآن بدلاً من أن نأمل الأفضل.