بلومبرغ: مهمة أميركا لضم السعودية إلى السلام مع إسرائيل تزداد صعوبة

شخص يسير بجوار علم الإمارات وإسرائيل على جانب طريق في نتانيا، إسرائيل
شخص يسير بجوار علم الإمارات وإسرائيل على جانب طريق في نتانيا، إسرائيل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تفاقمت التوترات بين دول الخليج العربي وإسرائيل بعد ثلاث سنوات من اتفاقيات السلام التاريخية، ما أدى إلى تباطؤ الاستثمارات المأمولة، وإعاقة الجهود الأميركية لتعزيز التكامل في المنطقة بضم المملكة العربية السعودية، التي تُعد القوة الرئيسية، إلى الاتفاقيات.

أعربت الإمارات العربية المتحدة عن إحباطها من خلال اتصالات رفيعة المستوى مع إسرائيل حول نتائج الاتفاقيات الإبراهيمية التي تم التوصل إليها في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2020، بينما ترى البحرين عدم تحقيق الأهداف المرجوة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. يرجع ذلك إلى حد كبير إلى الهواجس المرتبطة بتدهور العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، التي كان آخر فصولها الغارة الإسرائيلية القاتلة على مخيم للاجئين في مدينة جنين، والتصريحات الفجة من قبل بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

من المرجح أن تؤدي التوترات إلى تعقيد هدف الولايات المتحدة -الصعب أصلاً- المتمثل بتعميق العلاقات بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط، وخصوصاً السعودية.

يشجع البيت الأبيض الأمير محمد بن سلمان على التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، لكن ولي العهد السعودي يحجم عن ذلك حتى الآن، بينما أعاد في مارس الماضي العلاقات الدبلوماسية مع إيران وهي العدو اللدود لإسرائيل، من خلال اتفاقية توسطت فيها الصين.

عزيز الغشيان، المحلل المقيم في الرياض والذي يدرس السياسة السعودية تجاه إسرائيل، اعتبر أن "هذا ليس جزءاً من رؤية البعض للاتفاقيات الإبراهيمية التي أرادتها إسرائيل كمحور مناهض لإيران.. المنطقة تتحرك في اتجاه مغاير الآن".

المملكة العربية السعودية أعلنت أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو شرط مسبق للاتفاق مع إسرائيل. كما طالبت، بشكل خاص، بضمانات دفاعية مؤكدة من الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أميركية عالية الفعالية، وضوء أخضر لبرنامجها النووي بما في ذلك تخصيب اليورانيوم محلياً.

العنف الإسرائيلي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أثار احتجاجات حاشدة -فضلاً عن قلق المستثمرين- بخطته لتعديل صلاحيات القضاء، يترأس التحالف الديني الأكثر تشدداً في تاريخ بلاده، الذي يدعم بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، ويضم شخصيات مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال في مارس الماضي: "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني".

عرّضت تلك التصريحات الإمارات والبحرين للإحراج لدى الرأي العام العربي، تفاقم بسبب الهجوم الأخير على الضفة الغربية، والذي قالت إسرائيل إنه كان يستهدف النشطاء ويهدف إلى تدمير أسلحتهم.

أدانت الإمارات العملية العسكرية التي راح ضحيتها 12 فلسطينياً وجندي إسرائيلي واحد، وأدانت تصريحات سموتريتش. ولم ترد حكومة البحرين على الفور على طلب للتعليق.

كما أجلت المملكة المغربية، وهي دولة أخرى أقامت علاقات مع إسرائيل في الوقت ذاته تقريباً مع الإمارات والبحرين، اجتماعاً عربياً إسرائيلياً احتجاجاً على خطط الدولة العبرية لتوسيع الاستيطان.

أعلن المغرب أن إسرائيل تدعم سيادته على منطقة الصحراء المتنازع عليها، مما قد يؤدي بالعلاقات إلى التحسن. عقب ذلك، أفاد مكتب نتنياهو بأنه تلقى دعوة لزيارة المغرب.

بعد أشهر من التباطؤ في تحديد موعد زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، دعت الإمارات نتنياهو إلى حدث دولي يُقام على أرضها فقط، وهو مؤتمر المناخ (COP28) الذي يُعقد في وقت لاحق من العام الجاري في دبي.

تحركات نتنياهو هي أيضاً محبطة للولايات المتحدة، حيث يسعى إلى الحصول على دعوة لزيارة واشنطن منذ أن استعاد السلطة أواخر العام الماضي، فيما أشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن ذلك سيحدث في مرحلة ما.

تعثرت بعض الاستثمارات المخططة لشركات خليجية في إسرائيل. وهي تشمل استحواذ شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" و"بي بي" البريطانية على نصف شركة "نيوميد إنرجي" (NewMed Energy) الإسرائيلية المنتجة للغاز الطبيعي بقيمة ملياري دولار. تم الإعلان عن الصفقة في مارس، لكن لم تُنجز حتى الآن، حيث أُرجئت بسبب حاجة الجهات التنظيمية الإسرائيلية إلى بعض الوقت للموافقة عليها. وبحسب شخص مطلع على مفاوضات الصفقة، يجب أن يتم ذلك بحلول نهاية العام.

كما ألغى تحالف من شركات أبوظبي بقيادة الصندوق السيادي (ADQ) خطة لشراء حصة مسيطرة في شركة "فينيكس القابضة المحدودة" الإسرائيلية المتخصصة في التأمين وإدارة الأصول. كان ذلك بسبب القواعد التي كانت ستقيد على الأرجح العديد من أعضاء التحالف من القيام باستثمارات إضافية في إسرائيل، وفقاً لخطاب تلقته "فينيكس"، التي تراجعت أسهمها بعد الإعلان.

مؤشرات إيجابية

مع ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات آخذة في التوسع. إذ بلغ حجم التجارة البينية، الذي لم يكن يتجاوز بضع عشرات الملايين من الدولارات، نحو 2.6 مليار دولار عام 2022، لتصبح الإمارات في المرتبة الـ16 بين أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل. ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 3 مليارات دولار خلال العام الجاري، بحسب التقديرات الإسرائيلية.

زار أكثر من مليون إسرائيلي دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إقامة العلاقات بين البلدين، رغم أن قلة من الإماراتيين سافروا في الاتجاه الآخر.

مايراف زونسزين، محلل شؤون إسرائيل في مجموعة الأزمات الدولية، التي تعمل على منع الصراعات، أشار إلى أن "الدول العربية التي وقعت على الاتفاقيات الإبراهيمية لها مصلحة اقتصادية واضحة في الاستمرار".

وكنموذج لتطور العلاقات، افتُتح كنيس يهودي في أبوظبي في فبراير كجزء من مجمع يضم كنيسة كاثوليكية ومسجداً. وتزايد عدد اليهود في الإمارات بمقدار عشرة أضعاف منذ عام 2014 ليصل إلى نحو 7000 شخص، وفقاً للحاخام المقيم في الإمارات ليفي دوخمان.

الحاخام يرى أن "هذه مجرد البداية.. يرغب الناس في الانتقال إلى هنا، لأن هناك فرصة استثنائية للعيش في بلد يتمتع فيه المرء بالأمان وجودة الحياة".

بدوره، صرح السفير الإسرائيلي في الإمارات أمير حايك بأن افتتاح الكنيس "يمنح الكثير من الثقة لأبناء المجتمع بأنهم مرحب بهم هنا". لكن السفير اعترف بأن العلاقة بين الإمارات وإسرائيل ليست دائماً في اتجاه متقدم. وقال في مقابلة: "نحن نسير في الاتجاه الصحيح.. نحتاج أحياناً إلى الالتفاف، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح". وتأمل إسرائيل في أن تشجع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الإمارات الدول العربية الأخرى على الاعتراف بها.

تعتقد الإمارات بأنه رغم إحباطاتها، إلا أن الاتفاقيات الإبراهيمية نجحت، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل يمكن أن تساعد في معالجة مخاوفها، وفقاً لشخص مطلع على رؤية أبوظبي بهذا الشأن.

رفض شعبي

أظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد واشنطن، تراجع التأييد للاتفاقيات الإبراهيمية في الخليج العربي. ففي الإمارات والبحرين على التوالي، ووفقاً لأحدث الاستطلاعات، رأى 27% و20% فقط من المستطلعين أنها إيجابية بالنسبة إلى المنطقة. بالمقارنة مع 47% و45% عام 2020. وفي السعودية، انخفضت النسبة بمقدار النصف تقريباً إلى 20%.

علقت الإمارات المحادثات بشأن شراء طائرات حربية متطورة من طراز "إف-35" (F-35) من الولايات المتحدة أواخر عام 2021 بعد أن أصرت واشنطن على إلغاء عقد مع شركة "هواوي" الصينية لتكنولوجيا شبكة الجيل الخامس. بعد تلقيها وعوداً بالحصول على الطائرات عندما وافقت على إقامة علاقات مع إسرائيل.

وفقاً للمحلل السعودي الغشيان، تمت مراقبة تجربة الإمارات بالاتفاق مع إسرائيل عن كثب من قبل السعودية، و"أدركت المملكة قيود العمل مع إسرائيل".