بوصلة صناديق الاستثمار تتحول من الصين إلى اليابان

شراء الأجانب للأسهم اليابانية تجاوز شراءهم لنظيرتها الصينية للمرة الأولى منذ 2017

رجل يمر أمام شاشة إلكترونية لعرض الأسهم داخل مبنى في طوكيو، اليابان
رجل يمر أمام شاشة إلكترونية لعرض الأسهم داخل مبنى في طوكيو، اليابان المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تخطت اليابان الصين في سباق أكبر سوقين للأوراق المالية في آسيا على جذب التدفقات الاستثمارية، فيما تخيم على بكين مخاوف طويلة الأمد بشأن النمو الاقتصادي والتوتر الجيوسياسي مع الغرب.

تجاوز شراء الأجانب للأسهم اليابانية نظيراتها الصينية للمرة الأولى منذ 2017، وفق تقرير "غولدمان ساكس"، الذي استشهد ببيانات الأشهر الستة الأولى من العام. كتب المحللون الاستراتيجيون في "مورغان ستانلي" في تقرير الأسبوع الماضي أن مديري رؤوس الأموال الطويلة الأجل واصلوا بيع الأسهم في الصين وهونغ كونغ على أساس صاف في يوليو بارتفاع حاد، بينما اتجهوا لشراء الأسهم اليابانية.

تحول المد لصالح اليابان

تحول المد لصالح اليابان مع تهافت الصناديق العالمية على سوق تجنبتها ذات مرة بسبب المخاوف من نمو الأرباح الضعيف. بل إن التفاؤل آخذ في الارتفاع حتى بعد تعديل بنك اليابان موقفه إزاء التيسير الكمي، بينما يبحث المستثمرون عن بدائل للأسهم الصينية وسط عدم وجود قناعة بأن تعهدات بكين بدعم النمو الاقتصادي المتعثر ستؤتي ثمارها.

قال فرانك بنزيمرا، رئيس استراتيجية الأسهم الآسيوية في بنك "سوسيتيه جنرال" : "كان هناك حدثان رئيسيان يتعلقان بالسياسة في آسيا في الأسبوع الأخير من شهر يوليو، وهما اجتماع بنك اليابان واجتماع المكتب السياسي (للحزب الشيوعي الصيني)، ولم يغير أي منهما وجهة نظرنا بشأن تفوق أداء الأسهم اليابانية على الصينية. السبب هو أننا نحصل على إشارات متزايدة على أن تطبيع السياسة النقدية في اليابان سيكون تدريجياً للغاية، مما يعني أن الين لن يستعيد قيمته بسرعة".

133 مليار دولار أرباح أكبر صندوق تقاعد في العالم خلال ثلاثة أشهر

يعمل "أليانز أورينتال إنكم" (Allianz Oriental Income)، وهو صندوق يركز على آسيا بأصول تبلغ قيمتها مليار دولار، على تعزيز حيازات الأسهم اليابانية على حساب الصينية ضمن إعادة التخصيص في جميع أنحاء المنطقة. بلغ وزن اليابان في الصندوق 40% في نهاية يونيو، أي خمسة أضعاف تعرضه للصين، وفقاً لبيان الصندوق المالي. حقق الصندوق عائداً مالياً 14% العام الماضي ليتفوق على 96% من أقرانه. كان وزن اليابان 25% والصين 16% في نهاية عام 2022.

دفعة بنك اليابان

حتى الارتفاع المحتمل في سعر الين إذا تخلى بنك اليابان عن التحكم في منحنى العائد على السندات لن يكون مثبطاً، إذ "سيكون أداء سوق الأسهم أفضل مما يمكن أن يتخيله الناس"، كما قال ستيوارت وينشستر ، كبير مديري الاستثمار في الصندوق. قفز مؤشر الأسهم "إم إس سي آي اليابان" بنحو 21% في 2023، إذ اجتذبت إصلاحات حوكمة الشركات في البلاد وتأييد من وارن بافيت المشترين. ونظراً لكونها في المرتبة الثانية بعد الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادي من حيث الحجم، فقد أثبتت السوق اليابانية أنها بديل مربح للمستثمرين العالميين في وقت يظهر فيه الاقتصاد الصيني أعراض ركود على غرار الياباني. ارتفع المؤشر "إم إس سي آي تشاينا" (MSCI China) %0.5 فقط هذا العام.

بنك اليابان يكثف تدخلاته لكبح صعود عوائد السندات الحكومية

يزيل أحدث تعديل للسياسة يجريه بنك اليابان عقبة، ما من شأنه أن يمهد الطريق أمام مزيد من ارتفاع الأسهم، وفق خبراء استراتيجيين في "مورغان ستانلي "وغولدمان ساكس".

استحوذت الصناديق العالمية أسهماً يابانية بقيمة 196 مليار ين (1.38 مليار دولار) في الأسبوع المنتهي في 28 يوليو، بحسب البيانات الرسمية. ومنذ نهاية شهر مارس حققت صافياً شرائياً في جميع الأوقات باستثناء أسبوع واحد.

هشاشة التعافي الصيني

قال أوليفر لي، مدير محافظ العملاء في "إيست سبرينغ إنفستمنتس" (Eastspring Investments): "اليابان هي ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وبالتالي فإن وجود بعض انكشاف في محفظة استثمارية على اليابان له الكثير من المزايا". وأضاف أن اليابان "في وضع جيد للاستفادة من التوتر الجيوسياسي في المنطقة من خلال تنويع سلاسل التوريد"، نظراً لأن الشركات اليابانية لديها الخبرة في التصنيع والأتمتة.

في المقابل، هناك شكوك في أن الارتفاع الأخير في الأسهم الصينية قد يستمر حتى بعد أن أصدرت السلطات تعهداً نادراً بإنعاش سوق رأس المال. خفض "مورغان ستانلي" الأسبوع الماضي تصنيفه لأسهم الدولة إلى "حيادي"، وحث المستثمرين على جني الأرباح بعد الارتفاع الأخير. فيما لا تزال اليابان هي الاختيار الأفضل في الأسهم العالمية.

تعافي اقتصاد الصين يفقد قوته وبكين ترد بدعم ضعيف

يدعو البعض بالتأكيد إلى توخي الحذر بعد الارتفاع الحاد في الأسهم اليابانية، نظراً للمخاوف بشأن توقعات الين وحساسية السوق على خلفية تجنب المخاطرة.

عالمياً، والتي برزت بعد خفض "فيتش ريتينغس" للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة. انخفض المؤشر "إم إس سي آي اليابان" (MSCI Japan) %2.7 منذ أعلى مستوى له في 33 عاماً حققه في أول أغسطس. وكان يوليو هو الشهر السابع على التوالي الذي يحقق فيه المؤشر مكاسب. انعكس ارتفاع الأسهم اليابانية على التقييمات، إذ يجري تداول الأسهم اليابانية عند مكرر 15 ضعف الأرباح الآجلة لسنة واحدة مقابل 10 مرات لنظيرتها الصينية.

استمرار التفاؤل

ومع ذلك، من المحتمل أن يكون التفاؤل بشأن الأسهم اليابانية قادراً على الاستمرار في الوقت الحالي في ضوء إعادة ترتيب المستثمرين للمحافظ لصالح الاقتصاد العالمي رقم 3.

قال جوشوا كراب، رئيس أسهم آسيا والمحيط الهادي في "هونغ كونغ روبيكو" "وصلنا لأقصى وزن (للأسهم) في اليابان منذ فترة والآن نحن سعداء بالوزن الحالي". يصل حجم تعرض محفظته لليابان 40% وللصين 16%.

الحماس للأسهم اليابانية واضح أيضاً بين المستثمرين في تايوان، حيث اغتنمت "يوانتا سيكيوريتيز إنفستمنت تراست"، وهي أكبر شركة مالية في الجزيرة من حيث الأصول المُدارة، الفرصة وأطلقت في تايوان أكبر صندوق للأسهم اليابانية في يوليو.

قال ري نيشيهارا، كبير محللي الأسهم اليابانية في "جيه بي مورغان تشيس أند كو"،: "سيستمر الأداء المتفوق لليابان بوتيرة معتدلة. ننتظر لنرى المزيد من ردود فعل السوق، غير أنها رأت فيما يبدو تغيير التحكم في منحنى العائد كدليل على إنهاء الانكماش المالي وانتقال جيد".