البرازيل تستعين بدول الجوار في معركة إنقاذ غابات الأمازون

"قمة الأمازون" تشهد توقيع اتفاقات لدعم النمو المستدام في المنطقة.. وتقارير تقدر هذا الدعم بمبلغ 25 مليار دولار

من اليسار وزير الخارجية الإكوادوري غوستافو مانريكي، رئيس وزراء غويانا مارك فيليبس، رئيس كولومبيا غوستافو بيترو، رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، رئيس بوليفيا لويس آرسي، رئيسة بيرو دينا بولوارت، نائب رئيس فنزويلا ديلسي رودريغيز، ووزير خارجية سورينام ألبرت رامدين، خلال قمة الأمازون في بيليم، البرازيل بتاريخ 8 أغسطس 2023
من اليسار وزير الخارجية الإكوادوري غوستافو مانريكي، رئيس وزراء غويانا مارك فيليبس، رئيس كولومبيا غوستافو بيترو، رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، رئيس بوليفيا لويس آرسي، رئيسة بيرو دينا بولوارت، نائب رئيس فنزويلا ديلسي رودريغيز، ووزير خارجية سورينام ألبرت رامدين، خلال قمة الأمازون في بيليم، البرازيل بتاريخ 8 أغسطس 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اجتمع زعماء الدول التي تتشارك حوض الأمازون في أميركا الجنوبية بالبرازيل الثلاثاء، في وقت يحاول الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا توحيدهم لدعم استراتيجية لإنقاذ أكبر غابات مطيرة في العالم، والضغط على أغنى دول الكوكب لتقديم المساعدة.

"قمة الأمازون" وهي عبارة عن مؤتمرات ولقاءات خلف الأبواب المغلقة، انطلقت أمس في بيليم، وهي مدينة الغابات المطيرة التي من المقرر أن تستضيف اجتماعات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب 30" عام 2025.

رؤساء كل من بوليفيا، كولومبيا، والبيرو، بالإضافة إلى رئيس وزراء غويانا، وكبار المسؤولين من الإكوادور وسورينام وفنزويلا، انضموا إلى لولا في الاجتماع الأول لـ"منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون"، المكوّنة من 8 أعضاء، منذ عام 2009. كما خطط قادة من بلدان أخرى تضم غابات استوائية، بما في ذلك إندونيسيا والكونغو وجمهورية الكونغو، للمشاركة في الحدث الذي يستمر يومين.

يعتبر لولا، القمة بمثابة محاولة لاستعادة دور قيادي للبرازيل في مفاوضات المناخ العالمية، وهو الدور الذي تم التخلي عنه كثيراً في عهد الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي تراجع عن تدابير حماية البيئة، وأثار ازدراءً دولياً بسبب ارتفاع معدلات إزالة الغابات. البيانات الحكومية الأولية الصادرة الأسبوع الماضي أظهرت أن إزالة الغابات في منطقة الأمازون تراجعت بنسبة 66% في يوليو، مقارنة بالعام الماضي.

ما الهدف من قمم المناخ؟ وما تأثير اختيار الدولة المُضيفة؟

البرازيل "تمكنت من قلب صفحة التاريخ الحزينة" وفق ما قال لولا صباح الثلاثاء، مع التشديد على الحاجة الملحة للتعاون الإقليمي والعالمي بشأن تغيّر المناخ.

بعد يوم من الاجتماعات الرئاسية، وقعت الدول على اتفاق مشترك بناءً على اقتراح صاغته البرازيل، يحاول الوصول إلى توافق بين هذه الدول، قبل محادثات المناخ "COP28" في دبي التي تنطلق في نوفمبر المقبل. وأشار لولا إلى أنه يخطط لاستخدام هذا الحدث، لإقناع الدول الغنية بتنفيذ تعهدها المتعثر بتقديم 100 مليار دولار من المساعدات المناخية السنوية، إلى دول العالم النامي.

وقال لولا، إن "الدول الغنية التي سبق ودمرت غاباتها، عليها تحمل مسؤولية تمويل جهودنا في حماية شعبنا".

مساعدات مالية

في نص الاتفاق المشترك المكوّن من 113 نقطة، اعترفت الدول بالحاجة إلى تجنب "نقطة اللا عودة" في الأمازون، ولكنها لم تقدم أي تعهدات مُلزمة بشأن القضايا الساخنة، على غرار استخراج المعادن أو إنهاء العمليات غير القانونية لإزالة الغابات، وهو ما تعهد لولا بالقيام به في البرازيل بحلول 2030.

المشاركون اتفقوا على تعزيز الضمانات، وزيادة التعاون في تطبيق القانون، من أجل مكافحة تهريب المخدرات والجرائم البيئية. ودعوا إلى إنشاء آلية مالية لجذب التمويل، لا سيما من بنوك التنمية الإقليمية والعالمية.

عشية القمة، تعهد تحالف من مؤسسات مالية كبرى، بما في ذلك "بنك التنمية البرازيلي" و"بنك التنمية للبلدان الأميركية"، بدعم النمو المستدام في منطقة الأمازون. لم يتم تحديد المبلغ الدقيق، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أنه قد يصل إلى 25 مليار دولار، وفقاً لما ذكرته صحف محلية.

يمكن أن يساعد هذا أيضاً في توليد تمويل من القطاع الخاص، الذي تقول المجموعات البيئية إنه ضروري لتعزيز المساعدات الأجنبية التي حصل عليها لولا، بما في ذلك مساهمات قيمتها مئات الملايين من الدولارات، تعهدت بتقديمها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى إلى "صندوق الأمازون"، وهو مبادرة بقيادة البرازيل تهدف إلى تمويل عمليات حماية الغابات.

"جبهة موحدة"

قال ماتياس سبكتور، أستاذ العلاقات الدولية لدى "غيتوليو فارغاس فاونديشن" (Getulio Vargas Foundation) في ساو باولو، إن الأهمية التي يوليها لولا الآن للتعاون الإقليمي، تعكس اقتناع البرازيل بأن وجود جبهة موحدة يمكن أن يساعد في جذب تمويل إضافي، وتجنب مواجهة عقوبات مستقبلية.

أضاف: "عادت سياسة إقامة التحالفات.. الأساس المنطقي في برازيليا هو أن البرازيل لا ينبغي أن تعمل بمفردها".

إجماع يواجه صعوبات

قد يكون من الصعب تحقيق توافق في الآراء في منطقة تعتمد بشكل رئيس على السلع، حيث يعيش نحو ثلث السكان في حالة فقر، وتظل التنمية الاقتصادية مسألة ذات أهمية أساسية. كما جعلت الخلافات بين الدول الأعضاء، إمكانية تحقيق توافقات واسعة النطاق، بما في ذلك تعهد محتمل للانضمام إلى هدف البرازيل المتمثل في إنهاء العمليات غير القانونية لإزالة الغابات بحلول نهاية العقد، غير مرجحة قبل بداية القمة.

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أشار إلى "خلافات" بين سياسات الدول في كلمته، وكرر دعوته لحظر عمليات التنقيب الجديدة عن النفط.

حكومة لولا سعت إلى نهج مختلف يهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية المستقبلية والأهداف البيئية، في وقت ما تزال فيه غارقة في نزاع حول خطط الحفر لشركة النفط المملوكة للدولة "بتروبراس"، بالقرب من مصب نهر الأمازون.

في غضون ذلك، يشرف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على اقتصاد يعتمد على النفط، ولم يُبدِ اهتماماً يذكر بالحد من إزالة الغابات في منطقة الأمازون. كما واجه إدانة من الأمم المتحدة بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان، متعلقة بمشاركة قوات الدولة في استخراج الذهب.

خارج مكان الحدث، احتج عشرات النشطاء من السكان الأصليين على عمليات استخراج الموارد في المنطقة.

رئيسة البيرو دينا بولوارت حضت نظرائها على تذكر "الوجه الإنساني" للأمازون، داعية المجتمع الدولي لأن يضع مصلحة سكان الغابات البالغ عددهم 30 مليوناً، وخصوصاً السكان الأصليين، على رأس أولوياته.

أما وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، فقلل من أهمية الخلافات، قائلاً إن البيان أظهر أن المنطقة يمكن أن تعمل معاً لحماية البيئة.

الوزير أعرب عن ثقته في أن المضي قدماً، سيمكن دول المنطقة من "الاستمرار في جذب انتباه العالم إلى منطقة الأمازون، والحاجة إلى إجراءات مشتركة".

مكافحة العنف

قد تسمح الاتفاقات ببعض التقدم في مجال مكافحة تصاعد العنف والنشاط الإجرامي الذي ابتليت به منطقة الأمازون. وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر في يونيو، إلى أن أجزاء كبيرة من الغابات "مزقها نظام معقد لجرائم المخدرات"، يدر عائدات من عمليات التهريب المعقدة، وقطع الأشجار وتربية الماشية واستخراج الذهب بشكل غير قانوني.

كشف لولا النقاب عن سلسلة من الضمانات البيئية الجديدة، ونشر الجيش لاستهداف شبكات من عمال المناجم غير الرسميين على أراضي السكان الأصليين. ويتضمن الاتفاق خطة لإنشاء مكتب للشرطة في مدينة ماناوس البرازيلية، لتعزيز التعاون في إنفاذ القانون بين الدول الثمانية.

وقال بيتو فيريسيمو، الشريك المؤسس لـ "إمازون" (Imazon)، وهي مؤسسة فكرية معنية بشؤون البيئة في بيليم، إن السكان الذين يواجهون تحديات مماثلة في جميع أنحاء المنطقة، يمكن أن يستفيدوا من اتباع نهج منسق.

خفض الإنفاق الحكومي يشكل تهديداً جديداً للأهداف المناخية

متسلحاً بالاتفاق المشترك، من المرجح أن يواصل لولا جهوده لإقناع جيران البرازيل بأنهم أقوى في صورة تكتل، لا سيما في خضم النقاشات حول مقدار مساعدة الدول المانحة وبنوك التنمية الكبرى في تمويل التحول إلى الاقتصاد الأخضر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وقالت إيلونا زابو، رئيسة "إيغارابي انستيوت" (Igarape Institute)، وهي مؤسسة فكرية في ريو دي جانيرو، إن تسارع تغير المناخ يعني أن "جميع القواعد موضع نزاع.. البرازيل حريصة على التفاوض بشأن أهمية المنطقة".