التباطؤ جاء بنسبة أقل من المتوقع والطلب الاستهلاكي القوي مع الإنفاق الحكومي دعما النمو
تباطأ الاقتصاد التركي في الربع الثاني بنسبة أقل من المتوقع، وقد يستمر النشاط الاقتصادي خافتاً لبقية العام، فيما يسعى المسؤولون في تركيا إلى تهيئة أرضية أكثر استدامة للنمو عبر رفع أسعار الفائدة.
بحسب البيانات المنشورة يوم الخميس؛ توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8% على أساس سنوي مقارنة بـ3.9% المعدلة بالخفض في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. فيما بلغ أوسط تقديرات المحللين 3.1% في استطلاع "بلومبرغ" الذي شهد تبايناً كبيراً في التوقعات.
أظهرت البيانات أيضاً اعتماد النمو في الربع الثاني على دعامتين رئيسيتين؛ هما: الطلب الاستهلاكي القوي، والإنفاق الحكومي. كما تسارع النمو الفصلي المعدل بوتيرة ملحوظة إلى 3.5% على أساس موسمي وعدد أيام العمل، إذ ظل استهلاك الأسر قوياً خلال شهر مايو بفضل الإنفاق الكبير قبل الانتخابات التي فاز بها الرئيس رجب طيب أردوغان.
بعد الانتخابات التي مددت فترة حكم أردوغان إلى عقد ثالث؛ أشار الرئيس التركي إلى عزمه على الابتعاد عن السياسات غير التقليدية -بما في ذلك أسعار الفائدة المنخفضة للغاية- التي دافع عنها خلال السنوات الأخيرة، التي تسببت في هروب المستثمرين الأجانب من الاقتصاد البالغ حجمه 900 مليار دولار.
كما يحاول الفريق الاقتصادي الجديد للرئيس، بقيادة وزير المالية محمد شيمشك ومحافظة البنك المركزي حفيظة غاية أركان، إبطاء التضخم الذي بلغ حوالي 50%، وتسبب في معاناة الأتراك من أزمة حادة في تكاليف المعيشة.
كيف ترى بنوك الاستثمار قرار "المركزي التركي" برفع الفائدة إلى 25%؟
مع ذلك؛ قد يشجعهم أردوغان على تحقيق التوازن وتعزيز النمو قبل انتخابات المحليات المرتقبة في مارس المقبل، حيث يريد الرئيس استعادة مقعد عمدة إسطنبول بعد تعرض حزبه لهزيمة قاسية هناك قبل أربع سنوات.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في تركيا بنسبة تفوق التوقعات مع تحول في السياسة النقدية لكبح التضخم
— Asharq Business اقتصاد الشرق (@AsharqBusiness) August 31, 2023
المزيد من التفاصيل مع مذيعة اقتصاد "الشرق" نور عماشة@NourAmache#شرق_غرب#اقتصاد_الشرق pic.twitter.com/0DprNMv6Vs
على صعيد البيانات، تشير المؤشرات الرئيسية -بما في ذلك مبيعات التجزئة- إلى أن الاستهلاك ظل قوياً في الربع الثاني، على الرغم من تباطؤ قطاعي الصناعة والتصدير. وما يزال الإنتاج الصناعي يُظهر انتعاشاً محدوداً من الزلازل المدمرة التي وقعت في فبراير الماضي.
تركيا تحدد هدفاً للبنوك لخفض الودائع المرتبطة بالعملات الأجنبية
وأشار شيمشك، يوم الإثنين الماضي، إلى أنه لا يتوقع تحسناً اقتصادياً كبيراً هذا العام، مضيفاً في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقاً): أن "تراجع التضخم والتغيير الهيكلي في الاقتصاد سيتسارع لاحقاً".
من جانبه، توقع بنك "غولدمان ساكس" معاناة تركيا من الركود في بيانات النصف الثاني. وكتب محللو البنك، بمن فيهم كليمنس غراف، في مذكرة الأسبوع الماضي: "تحولت بوصلة السياسة النقدية والمالية على حد سواء نحو التشديد بصورة أكبر".
يرى الخبير الاقتصادي سيلفا بحر بازيكي أن "التحفيز المالي سيتراجع في تركيا خلال الربع الثالث، مع ترجيحات استمرار قوة الطلب المحلي، برغم توقعات زيادة أسعار المستهلكين حتى نهاية 2023".
برز تحول تركيا بصورة أكبر نحو التشديد خلال الأسبوع الماضي عندما رفع المركزي أسعار الفائدة بنحو 750 نقطة أساس، وهي وتيرة أعلى كثيراً من المتوقع. كما أعقب ذلك صعوداً في السندات والليرة التركية على حد سواء. ولمح المركزي أيضاً إلى أنه قد يسعى إلى ترويض الاستهلاك.
وقال البنك في بيان بعد زيادة سعر الفائدة إن "النمو الكبير في الطلب المحلي أحد المحركات الرئيسية لزيادة التضخم الأساسي".
قبل إصدار البيانات؛ توقع دنيز شيشك، الخبير الاقتصادي في "كيو إن بي فاينانس بنك" (QNB Finansbank): "تراجع نمو الطلب المحلي بسبب التشديد النقدي. وفي ضوء النظرة المستقبلية العالمية؛ ستنمو الصادرات بوتيرة محدودة أيضاً على الأرجح، مما يفاقم مسببات خفض النمو الفصلي في تركيا".