الصين تكثف جهودها لتحفيز اقتصادها العليل

بنك الشعب يخفض الاحتياطي الإلزامي من النقد الأجنبي

مقر  مبنى بنك الشعب الصيني في بكين
مقر مبنى بنك الشعب الصيني في بكين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كثفت الصين جهودها لتحفيز الاقتصاد ودعم عملتها، مع استمرار مخاوف المستثمرين بشأن توقعات النمو.

قال بنك الشعب الصيني (المركزي) اليوم الجمعة إنه سيخفض حجم الودائع بالعملة الأجنبية التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها في صورة احتياطيات لأول مرة هذا العام.

جاءت هذه الخطوة بعد ساعات من إعلان السلطات عن تقديم تحفيزات جديدة لقطاع العقارات المتعثر، وكشفت عن خطط لتوسيع الإعفاءات الضريبية لأهداف رعاية الأطفال والوالدين والتعليم.

هذه الخطوات هي أحدث الجهود الرامية إلى تعزيز الثقة لدى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يئن تحت وطأة أزمة الإسكان المستمرة، وتراجع الطلب عالمياً وارتفاع معدلات البطالة.

لجأت السلطات الصينية حتى الآن إلى التحفيز المتدرج عبر التدابير المستهدفة، لتجنب نهج التحفيز الكبير الذي استخدمته خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 وسط مخاوف بشأن ارتفاع مستويات الديون.

قال تشاوبنغ شينغ، كبير الخبراء الاستراتيجيين بشأن الصين في مجموعة "أستراليا أند نيوزيلندا بانكينغ غروب": "إن حزمة السياسات تتجاوز توقعات السوق.. سيتم تعزيز الثقة على المدى القريب. ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الأدلة لتأكيد ما إذا كان يمثل تحولاً".

نشاط التصنيع في الصين يفوق التوقعات مبشراً بقرب نهاية الركود

قال بنك الشعب الصيني إن المؤسسات المالية يتعين عليها الاحتفاظ بنسبة 4% فقط من ودائعها بالعملة الأجنبية في صور احتياطي اعتباراً من 15 سبتمبر، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 6%. تعزز هذه الخطوة بشكل فعال كمية العملات الأجنبية المتاحة في السوق المحلية، ما يعزز بشكل فعال من قيمة اليوان.

علامات إيجابية على الاستقرار

مع تزايد عدد تدابير التحفيز، بدأت الأسواق الصينية تظهر علامات الاستقرار. اعتبر المتعاملون هذه الخطوات الأخيرة إيجابية بشكل معتدل، حيث حقق اليوان والأسهم والسلع المختلفة مكاسب متواضعة. ارتفع اليوان في المعاملات الخارجية 0.5% مقابل الدولار قبل أن يقلص حركته، مرتفعاً 0.1%، في طريقه لتحقيق صعود للأسبوع الثاني على التوالي.

صعد مؤشر أداء شركات التطوير العقاري في الصين 1.2% وارتفع مؤشر شنغهاي شنزن (سي إس أي 300) الأوسع 0.7%، مدعوماً أيضاً بالأرقام التي تظهر توسعاً غير متوقع في نشاط التصنيع. ارتفعت المعادن بما في ذلك الألمنيوم والنحاس حيث إن دعم الاقتصاد الصيني قد يحفز الطلب على المواد الخام. تم إغلاق سوق الأوراق المالية في هونغ كونغ اليوم بسبب إعصار.

مع الإعلان عن التدابير لدعم قطاع العقارات وما يُسمى بخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية قبل افتتاح السوق، "قد يكون هناك بعض عناصر هذا التوقيت المستخدمة للمساعدة في الحفاظ على الأصول الصينية، خاصة مع إعطاء مؤشرات مديري المشتريات بعض الإشارات الإيجابية"، حسبما قال إيدي تشيونغ كبير خبراء الأسواق الناشئة لدى "كريدي أجريكول سي آي بي" (Credit Agricole CIB) في هونغ كونغ. أضاف: "لكن حتى الآن، ما يزال رد الفعل تحت السيطرة للغاية".

الصين تتعهد بتسريع الإنفاق المالي لإنعاش الاقتصاد

هبطت العملة الصينية صوب أضعف مستوى لها منذ عام 2007 مقابل الدولار في أغسطس، بعدما أخفق التخفيض المفاجئ لأسعار الفائدة في تعزيز ثقة المستثمرين التي تضررت بسبب استمرار ضعف أداء الاقتصاد. انخفضت العملة الصينية نحو 5% منذ بداية 2023 وسط اتساع فجوة سعر الفائدة في الصين مع الولايات المتحدة، وأصبحت من بين أسوأ العملات من حيث الأداء في آسيا بجانب الين الياباني والرينغيت الماليزي.

تحركات لدعم اليوان

عزز بنك الشعب الصيني دعمه للعملة من خلال أدوات مثل تحديد سعر مرجعي يومي أقوى من المتوقع، مما دفع البنوك الحكومية إلى بيع الدولارات وتشديد سيولة اليوان في الخارج لإجبار البائعين على المكشوف لإغلاق مراكزهم. قال هاو هونغ، كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة "غرو إنفستمنت غروب" (Grow Investment Group): "بما أن اليوان هو أساس جميع فئات الأصول، فإن السلطات تحاول تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية الأوسع نطاقاً من خلال هذا الإجراء".

أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة علامات التحسن. أظهرت الأرقام يوم الجمعة أن مؤشر مديري المشتريات الصناعي الذي تصدره مؤسسة "كايسين" ارتفع إلى 51 في أغسطس، وهي أعلى قراءة منذ فبراير.

جاءت هذه الأرقام بعدما أظهر أمس مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي تراجع النشاط مع تحسن الطلبيات الجديدة والإنتاج.

لتعزيز الطلب في قطاع العقارات، تحركت السلطات للسماح لأكبر المدن بخفض الدفعات الأولى لقروض الرهن العقاري لمشتري المنازل وشجعت البنوك على خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية القائمة. قد يساعد ذلك أصحاب المنازل على توفير ما لا يقل عن عشرات المليارات من اليوان، قيمة مدفوعات الفائدة السنوية وتحفيز إنفاق القطاع العائلي، حسب تقارير وسائل الإعلام الحكومية.

انكماش قطاع العقارات في الصين بالربع الثاني

كتب خبراء اقتصاديون في شركة "نومورا هولدينغز"، بينهم تينغ لو، في مذكرة بحثية: "قد توفر هذه الإجراءات فترة راحة قصيرة لأسواق الإسكان، خاصة في المدن الكبرى". ويتوقعون تعزيزاً محتملاً للاستهلاك، ويقدرون أن مقترضي الرهن العقاري يمكنهم توفير 300 مليار يوان سنوياً بفضل القروض الرخيصة.

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس".

إن التدابير الأخيرة "مصممة بشكل جيد لتحفيز الاستهلاك مع تجنب تضخيم المزيد من الفقاعات العقارية". من المتوقع أن يضيف التحفيز نحو نقطة مئوية واحدة إلى النمو الاقتصادي هذا العام و1.1 نقطة مئوية في عام 2024.

تشانغ شو، كبير خبراء الاقتصاد المتخصصين في شؤون آسيا

رفع القيود عن شراء المنازل

ذكرت وكالة "رويترز" أن الصين تقترح أيضاً رفع القيود عن شراء المنازل في المناطق غير الأساسية بالمدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي وشنزن. أضافت أن مثل هذه القيود، بما في ذلك على عدد العقارات التي يمكن أن يشتريها الأفراد، مطبقة في العديد من المدن منذ عام 2010. يمثل وقف تراجع سوق الإسكان المستمر منذ عامين أمراً أساسياً لإنعاش النمو كون القطاع والصناعات ذات الصلة، يشكل نحو خمس الاقتصاد. مما يسلط الضوء على التحدي. تراجعت مبيعات أكبر شركات التطوير العقاري في البلاد 34% خلال أغسطس على أساس سنوي، حسبما أظهر تقرير أمس الخميس، وأصبحت شركة "كانتري غاردن هولدينغز" (Country Garden Holdings) –الشركة الأولى سابقاً– على حافة التخلف عن سداد الديون.

ماذا تفعل الصين لتحفيز اقتصادها المتعثر؟

على الصعيد الضريبي، كشفت الصين أمس الخميس عن خطوات لزيادة التخفيضات الضريبية على الدخل الشخصي لرعاية الأطفال ورعاية الوالدين والإنفاق على تعليم الأطفال. وتمثل أحدث الخطوات لمعالجة التركيبة السكانية المتغيرة بسرعة في البلاد وتعزيز استهلاك الأسر.

كتب المحللون في "سيتي غروب"، بينهم شيانغرونغ يو، في مذكرة بحثية "من الواضح أن زخم السياسات يتزايد .. هذه الأوضاع الكلية يمكن أن تكون أكثر دعماً للأصول الصينية".