وفاة رجل الأعمال المصري محمد الفايد المختلف مع الأسرة المالكة في بريطانيا

رجل الأعمال المصري محمد الفايد
رجل الأعمال المصري محمد الفايد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توفي محمد الفايد، رجل الأعمال المصري الذي بدأ حياته المهنية في بيع المشروبات في شوارع الإسكندرية وجمع ثروة شملت بعضاً من أشهر الأصول البريطانية، عن عمر يناهز 94 عاماً.

ذكرت صحيفة الغارديان وصحف بريطانية أخرى وفاته، مع توفر القليل من التفاصيل على الفور. وقالت صحيفة ديلي ميل إن الفايد توفي يوم الخميس، وأُقيمت مراسم الجنازة في مسجد لندن المركزي في ريجنتس بارك يوم الجمعة.

اقتحم الفايد المؤسسات البريطانية بعد وصوله إلى البلاد في السبعينيات بأموال وفيرة وتعطش للوضع الاجتماعي، وتغلب مراراً وتكراراً على أسئلة حول مصدر ثروته التي حصل بها على حصص في الأصول الثمينة بما في ذلك محلات هارودز، ونادي فولهام لكرة القدم، وفندق ريتز في باريس.

أصبح الفايد معروفاً باشتباكاته المريرة مع العائلة المالكة في بريطانيا بعد وفاة الأميرة ديانا في حادث سيارة في باريس عام 1997 بصحبة دودي، ابن الفايد المحبوب الذي ارتبط بالأميرة ديانا، وسائق السيارة.

كان ذلك الحادث بمثابة نقطة تحول بالنسبة للفايد، الذي كان ذات يوم ملكياً من نوع ما وكان يتوق إلى احترام الطبقة الأرستقراطية البريطانية.

اتهم الفايد العائلة المالكة بالرغبة في "التخلص" من ديانا وروج لسنوات لمؤامرة مفادها أن الحادث كان بتحريض من دوق إدنبره وأفراد آخرين من العائلة المالكة لقتلها. ولكن تم دحض ادعاءاته بعد تحقيق استمر 11 عاماً وخلص إلى حكم هيئة المحلفين عام 2008 بأن الحادث نتج عن الإهمال الجسيم في القيادة.

اتسمت مسيرة رجل الأعمال المهنية بالمشتريات البراقة والمشاحنات المتكررة مع المؤسسات القيادية في كل من لندن وباريس. وأثار عقده للصفقات استياءً في دوائر الأعمال التي كانت تهيمن عليها لفترة طويلة نخبة من الطبقة العليا الراسخة. ولم يخف الفايد استياءه من تلك الدوائر.

قال الفايد لشبكة سي إن إن في مقابلة أجريت معه عام 2004: "أعيش في بلد أشعر فيه بالأسف تجاه الناس العاديين.. مصيرهم وحقوقهم الإنسانية يتم اختطافها من قبل رجال سلطويين وأشخاص يطلقون على أنفسهم اسم المؤسسة، والذين ما زالوا عنصريين حتى النخاع".

معركة هارودز

اتسمت تعاملات الفايد في المملكة المتحدة بالشك المتبادل، ويرجع ذلك جزئياً إلى المصادر الغامضة لثروته.

بدأ رجل الأعمال المصري الاستثمار في الشركات البريطانية في الستينيات بعد نقل شركة الشحن التي أسسها مع شقيقه من مصر إلى أوروبا. وشغل منصب المستشار المالي لسلطان بروناي وحاول ذات مرة عقد صفقات نفط مع الدكتاتور الهايتي جان كلود. كان متزوجا لفترة من سميرة خاشقجي، شقيقة تاجر الأسلحة السعودي عدنان خاشقجي، والتي عمل معها ذات يوم في التفاوض على العقود.

تغلب الفايد مع شقيقيه على المستثمر المنافس رولاند والتر "تايني" في عام 1985 ليحصل على العرض الفائز لشراء متجر هارودز الشهير في لندن مقابل 615 مليون جنيه إسترليني (669 مليون دولار في ذلك الوقت). اشتكى رولاند لاحقاً من أن عائلة الفايد تجاوزت بشأن بيانات ثروتهم وتزوير أصولهم لتأمين الصفقة التي تم تحقيقها من خلال الاستحواذ على الشركة الأم لـ"هارودز"، "هاوس أوف فريزر".

تبين فيما بعد صحة الاتهامات من خلال تحقيق برلماني توصل، من بين أمور أخرى، إلى أن الفايد وإخوته قدموا شهادات ميلاد مزورة وكذبوا بشأن تاريخ عائلاتهم وتعليمهم وصافي ثرواتهم لمفتشي وزارة التجارة الحكومية القائمين بجمع البيانات قبل الاستحواذ على "هارودز".

بحلول ذلك الوقت، كان شيك الفايد قد تمت تسويته منذ فترة طويلة وتم تعزيز سيطرته على محلات هارودز. لتكون أثمن أصوله على الإطلاق، وهي التي جعلت منه مليارديراً.

استثمر محمد الفايد في المطاعم في المتجر الفاخر، وافتتح متاجر أخرى تحمل علامة "هارودز" من بينها متجر في مطار هيثرو بلندن، وأنشأ غرفة مصرية عرض فيها تمثالان لنفسه إلى جانب نصب تذكارية لدودي وديانا. كما فرض قواعد لباس لمرتادي المتجر، يمنع المتسوقين حال ارتدائهم السراويل القصيرة أو النعال أو الملابس المتسخة.

باع الفايد "هارودز" لصندوق الثروة السيادية القطري في عام 2010 مقابل 1.5 مليار جنيه إسترليني.

وباعتباره مالكاً لنادي فولهام من عام 1997 إلى عام 2013، كان له الفضل في تغيير حظوظ نادي كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز. كما كان يمتلك عشرات الآلاف من الأفدنة من الأراضي في المرتفعات الأسكتلندية.

طموح الفايد

ولد محمد فايد -الذي أضاف "أل" بعد انتقاله إلى إنجلترا- في 27 يناير 1929. وخلص التحقيق البرلماني في ماضيه إلى أن الفايد "جاء من أصول محترمة ولكن متواضعة" كواحد من خمسة أطفال لوالدين. مدرس في مدرسة بالإسكندرية اسمه علي علي فايد.

كان الفايد طموحاً منذ صغره، وكثيراً ما كان يتغيب عن المدرسة للقيام بأعمال غريبة، مثل بيع المشروبات الغازية في الشوارع أو آلات الخياطة من الباب إلى الباب.

التعرف على تاجر الأسلحة خاشقجي رفع نشاطه إلى نطاق عالمي وغرست فيه أهمية إبراز صورة الثروة من خلال أشياء فارهة مثل الطائرات الخاصة والبدلات المصممة خصيصاً.

كانت جهود الفايد لتسلق السلم الاجتماعي في بريطانيا، إلى حد كبير من خلال ارتباطه بالعائلة المالكة، بمثابة قصة في الموسم الخامس من مسلسل The Crown على Netflix. الذي جسد فيها سليم داو شخصية الفايد.

أدى امتلاكه "هارودز" إلى جلب شهرة الفايد على المستوى العام وزيادة التدقيق العام. وأفادت العشرات من النساء اللاتي عملن معه بأنهن تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الملياردير وادعين أنهن تعرضن للانتقام إذا رفضن. ونفى الفايد تلك الاتهامات، بما في ذلك ادعاء واحد بالاغتصاب.

انتقلت علاقة الحب والكراهية بين الفايد والمؤسسة الحاكمة إلى البرلمان، حيث تودد إلى عدد من السياسيين، وهي العلاقات التي أثبتت أنها نهاية الحياة المهنية لبعض أعضاء البرلمان بعد أن كشف الفايد عن أسماء أولئك الذين دفع لهم المال لطرح الأسئلة في المجلس نيابة عنه. اشتبك الفايد مراراً وتكراراً مع سلطات الضرائب، وعلى الرغم من نفوره الواضح من حكومة المملكة المتحدة، فقد تقدم مرتين بطلب للحصول على الجنسية البريطانية. وفي المرتين تم رفضه.

كان للفايد طفله الوحيد، دودي، من زواجه الذي استمر عامين من سميرة خاشقجي خلال الخمسينيات ثم تزوج من عارضة الأزياء الفنلندية السابقة هيني واثين عام 1985 وأنجبا أربعة أطفال هم، ياسمين وكريم وكاميلا وعمر.