بوادر استقرار اقتصاد الصين مع نمو الائتمان وأسعار المستهلكين

زيادة ملحوظة في الطلب على القروض.. وضغوط انكماش الأسعار تبدأ في الانحسار

عامل يلحم إطاراً فولاذياً في حوض بناء سفن.
عامل يلحم إطاراً فولاذياً في حوض بناء سفن. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهدت الصين تحسناً في الطلب على الائتمان، وتراجعت ضغوط انكماش الأسعار، وصعد سعر صرف اليوان، ما عزز من حفنة مؤشرات حديثة تدل على أن الاقتصاد والأسواق المالية ربما تستقر بعد التراجع الحاد.

أظهرت بيانات الائتمان القوية التي نُشرت اليوم الإثنين أن الإجراءات الأخيرة الرامية لتعزيز سوق العقارات ربما بدأت تزيد من طلب الأسر على الرهون العقارية، وازدادت قروض الشركات أيضاً. ارتفع اليوان بعد أن كثف البنك المركزي الصيني دفاعه عن العملة.

تُضاف تلك المؤشرات إلى البوادر المشجعة التي بدأت في الظهور الأسبوع الجاري، مع عودة تضخم أسعار المستهلكين للصعود بعد التراجع خلال يوليو الماضي، وإن كان ذلك بأقل الهوامش. كما تقلص انكماش أسعار المنتجين.

سياسات داعمة

قال تشانغ تشيوي، كبير خبراء الاقتصاد في "بينبوينت أسيت مانجمنت" (Pinpoint Asset Management): " ساعدت تدابير السياسات الاقتصادية على تحقيق الاستقرار، والسؤال المهم هو إلى أي مدى يمكن الحفاظ على استمرارية هذا الزخم الاقتصادي".

يسعى ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم لاستعادة قوته الدافعة مع استمرار أزمة قطاع العقارات وعرقلة ضعف الثقة بالاقتصاد للتعافي، ما يمثل خطراً على هدف النمو السنوي للحكومة البالغ 5% تقريباً. يدل تحسن بيانات أغسطس الماضي على أن الأرقام القاتمة لشهر يوليو الماضي - التي بيَّنت انحدار أسعار المستهلكين صوب الانكماش، وهبوط القروض الشهرية لأدنى مستوياتها خلال 14 سنة- ربما كانت أسوأ فترات التراجع الاقتصادي.

نمو الائتمان في الصين يفوق التوقعات في أغسطس مع صعود الإقراض

صعد مؤشر "سي إس آي 300" الرئيسي 1.3% خلال تعاملات ما بعد ظهر اليوم الإثنين، ويُرجح أن يوقف سلسلة خسائر دامت لـ4 جلسات متتالية. كما ارتفع سعر صرف اليوان، في أعقاب تراجعه لأضعف مستوى له منذ 2007، أمام الدولار الأسبوع الماضي، إذ أصدر بنك الشعب الصيني توجيهاته الحازمة وشدد على ثقته في القدرة على الحفاظ على استقرار اليوان.

جهود الحكومة الداعمة للاقتصاد -بما فيها عمليات خفض معدلات الفائدة على القروض والرهون العقارية ومتطلبات الدفعات المقدمة لمشتريات المنازل- من الأرجح أن تساعد على التعافي نسبياً. يقدر خبراء اقتصاد " غولدمان ساكس غروب" أن إجراءات السياسات الاقتصادية المعلنة حتى الآن لها تأثير إجمالي بما يعادل 60 نقطة أساس تقريباً، أو 0.6%، من الناتج المحلي الإجمالي.

قطاع العقارات

يدور السؤال المطروح حالياً حول ما إذا كان باستطاعة قطاع العقارات الصيني تجاوز المأزق بصورة حاسمة وتعزيز الثقة الشاملة في الاقتصاد.

كتب محللو "غولدمان ساكس" بمذكرة بحثية أمس أن السياسات الأخيرة "ربما تسفر عن تعافٍ قصير الأجل للصفقات العقارية، لكنها لا تكفي لتحقيق الاستقرار بسوق العقارات"، مرجحين تدابير تيسيرية أكثر، تتضمن عمليات تخفيض لأسعار الفائدة أو تدابير داعمة للسوق العقارية، في حال واصلت مبيعات المنازل تراجعها وتباطأ النمو بدرجة أكبر.

هل تستمر الصين في دعم القطاع العقاري المتعثر؟

وتوجد أيضاً مؤشرات على أن نمو قطاع الخدمات آخذ في الانحسار بعد أن كان محركاً أساسياً للتعافي الاقتصادي بوقت سابق من السنة الجارية، وربما يدل ذلك على وجود حاجة لسياسات داعمة أكثر لتعزيز إنفاق الأسر.

لم تتبدد ضغوط انكماش الأسعار تماماً أيضاً، حيث ما يزال مؤشر أسعار المستهلكين دون الهدف الرسمي للحكومة البالغ حوالي 3% للسنة الحالية.

الدفاع عن اليوان

يبدي محللو السوق أيضاً وجهات نظر متحفظة. في حين أن تعليقات بنك الشعب الصيني اليوم الإثنين للدفاع عن اليوان تشير إلى أنه "ليس من المرجح أن يبقى دون تدخل" فربما تكون هناك حاجة للحفاظ أكثر على تحسن الثقة بالاقتصاد، بحسب أليكس لو محلل الاقتصاد الكلي لدى "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities)، مضيفاً: "بدون دعم مالي كبير من المسؤولين، لن نلحظ على الأرجح تحولاً في سعر صرف اليوان، وقد يكون الصعود قصير الأجل".

ما يزال مؤشر "سي إس آي 300" الرئيسي متراجعاً بنحو 10% عن أعلى مستوياته التي بلغها يناير الماضي. في هذه الأثناء، تحتفظ صناديق الاستثمار حول العالم بأقل حجم من المراكز الاستثمارية في الأسهم الصينية منذ أكتوبر الماضي -أو بالعودة إلى ما كانت عليه قبل انطلاق موجة الصعود مع إعادة فتح الاقتصاد أواخر 2022، بحسب تحليل مصرف "مورغان ستانلي" الكمي الأسبوع الماضي.