الأنشطة غير النفطية تقود نمو الناتج المحلي السعودي

وزارة المالية تتوقع تسجيل القطاعات غير النفطية نمواً بمعدل 5.9% خلال 2023

أبراج الأعمال في مركز الملك عبد الله المالي، الرياض، المملكة العربية السعودية. تواصل المملكة إنفاقها الحكومي الضخم على مشروعات التطوير الكبرى التي تسهم في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط
أبراج الأعمال في مركز الملك عبد الله المالي، الرياض، المملكة العربية السعودية. تواصل المملكة إنفاقها الحكومي الضخم على مشروعات التطوير الكبرى التي تسهم في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سيكون القطاع غير النفطي قاطرة النمو لاقتصاد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم خلال العام الجاري، مما يعكس إلى حد كبير نجاح المملكة العربية السعودية في سياسة تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، وهو أحد أبرز مستهدفات رؤية المملكة 2030.

تشير أحدث توقعات وزارة المالية السعودية إلى أن الأنشطة غير النفطية ستنمو بمعدل 5.9% خلال العام الجاري، في وقتٍ خفّضت الوزارة توقعاتها لنمو الاقتصاد إلى 0.03% من 3.1%، وهو ما أرجعته بشكل رئيسي إلى الخفض الطوعي لإنتاج المملكة من النفط.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نوّه في مقابلته بشهر سبتمبر المنصرم مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية، بتطور مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، الذي ساعد على تحقيق الاقتصاد السعودي أعلى معدل نمو في 2022 بين دول مجموعة العشرين، كما سجل هذا القطاع ثاني أعلى معدل نمو في 2023 ضمن المجموعة أيضاً. وقال إن ذلك "يشكّل تنافساً بيننا وبين الهند، وهو تنافس جيد".

في العام المقبل، سيحقق الاقتصاد السعودي قفزة في النمو إلى 4.4%، ثم 5.7% في 2025، قبل أن يتباطأ قليلاً إلى 5.1% في 2026، بحسب توقعات وزارة المالية التي أصدرتها أمس السبت.

توقعات نمو القطاع غير النفطي في السعودية خلال 2023
توقعات نمو القطاع غير النفطي في السعودية خلال 2023 المصدر: الشرق

كانت المملكة قد بدأت فعلياً خفض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً اعتباراً من مايو الماضي، ثم قررت تمديد هذا الخفض حتى ديسمبر المقبل لدعم استقرار الأسواق العالمية وتوازنها.

ساعدت هذه التخفيضات خام برنت القياسي على الارتفاع فوق مستوى 90 دولاراً للبرميل خلال سبتمبر. ومن شأن ارتفاع الأسعار أن يمنح الاقتصاد السعودي مساحة أكبر للمحافظة على مستويات عالية من الإنفاق الحكومي، لا سيما على المشروعات الضخمة التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص، والقطاعات غير النفطية عموماً في الناتج المحلي الإجمالي.

تتوقع وزارة المالية السعودية قفزة كبيرة في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة
تتوقع وزارة المالية السعودية قفزة كبيرة في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة المصدر: الشرق

الجدعان: الإصلاحات الهيكلية مستمرة

أشار وزير المالية السعودي محمد الجدعان في بيان نُشر على موقع وزارة المالية السعودية بمناسبة صدور البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2024، إلى إطلاق العديد من المبادرات والاستراتيجيات التي تسهم في تطوير القطاعات الاقتصادية، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، إلى جانب رفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات السعودية غير النفطية. كما نوّه بالدور الفاعل والمهم الذي يقوم به صندوق الاستثمارات العامة والصناديق التنموية، إلى جانب استمرارية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزّز من نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بمعدلات مرتفعة ومستدامة على المدى المتوسط.

إنفوغراف: القطاعات غير النفطية قاطرة نمو اقتصاد السعودية

وأكد الجدعان أن المملكة مستمرة "في عملية الإصلاحات الهيكلية على الجانبين المالي والاقتصادي، بهدف تنمية وتنويع اقتصادها، ورفع معدلات النمو الاقتصادي المستدام، مع المحافظة على الاستدامة المالية، وذلك من خلال الاستمرار في تنفيذ برامج ومشاريع رؤية السعودية 2030".

الاستثمارات وزخم النمو

صندوق النقد الدولي كان أشاد مؤخراً بالإصلاحات التي تنفذها المملكة في إطار "رؤية 2030"، مشيراً إلى أن زخم النمو في القطاع غير النفطي مستمر على الرغم من تراجع النمو الإجمالي بشكل عام في ظل زيادة الاستثمارات وتسريع الإصلاحات.

كذلك توقع الصندوق أن تحافظ القطاعات الاقتصادية غير النفطية في السعودية على معدل نمو قوي يصل إلى 4.9% خلال 2023، بدعم من الاستهلاك المحلي، بغض النظر عن تراجع إنتاج النفط.

على الرغم من توقعات وزارة المالية السعودية بأن تسجل ميزانية عام 2024 عجزاً بقيمة 79 مليار ريال (21 مليار دولار) أو ما يمثل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من فائض بقيمة 21 مليار ريال في توقعاتها السابقة؛ فإن شركة "الراجحي المالية" قالت إن زيادة الإنفاق، لاسيما على قطاعات الدفاع والتعليم والصحة، لعبت دوراً في تحوّل الفائض المتوقع إلى عجز، مرجّحة أن تسجل الإيرادات ارتفاعاً طفيفاً عمّا هو متوقّع في الميزانية، بفعل القطاعات غير النفطية التي تمثل دافعاً رئيسياً لنمو اقتصاد البلاد. وأشارت في تقرير لها أمس تعقيباً على البيان التمهيدي لميزانية 2024، إلى أن الحكومة السعودية قد تكون اعتمدت سعراً لبرميل النفط عند 82 دولاراً في تقديرات الميزانية.

منذ أواخر يوليو الماضي؛ تجاوز خام برنت هذا المستوى، وأغلق في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي يوم الجمعة عند 92.20 دولار للبرميل.

مازن السديري، رئيس الأبحاث في "الراجحي المالية" قال في مقابلة مع "الشرق" إن العجز المتوقع في الميزانية يأتي على خلفية زيادة الإنفاق الحكومي بأكثر من 130 مليار ريال إلى 1.25 تريليون ريال.

يُتوقع أن تسهم هذه الزيادة في ارتفاع حجم محفظة الدين العام، بحسب ما قاله وزير المالية في البيان، حيث أشار إلى أن التوسّع في الإنفاق يأتي "لتسريع وتيرة تنفيذ بعض البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المُمكنة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030".

في ظل خفض توقعات نمو اقتصاد المملكة هذا العام بمعدل 0.03% فقط؛ يرى السديري أن نمو القطاع غير النفطي يمثل "النقطة الأهم؛ إذ يقترب من تحقيق معدل نمو يناهز 6% هذا العام، أي ضعف معدل زيادة سكان المملكة سنوياً". وأوضح أن الأنشطة غير النفطية أضافت إلى الناتج المحلّي حوالي 20 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الجاري، وهذه الإيرادات مرشحة للنمو بنسبة 8% إلى 9% سنوياً خلال الأعوام المقبلة.