وزيرة المالية: المغرب يهدف لاستعادة درجة التصنيف الائتماني الاستثمارية

العلوي: لدينا الوسائل اللازمة لتحقيق طموحاتنا والبرامج المطروحة حالياً

وزيرة مالية المغرب نادية فتاح العلوي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش
وزيرة مالية المغرب نادية فتاح العلوي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يضغط المغرب لاستعادة تصنيفه الائتماني ذي الدرجة الاستثمارية لدى وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال ريتنغز" (S&P Global Ratings)، متعهداً بإبقاء عجز ميزانيته تحت السيطرة، رغم التزامات الإنفاق الجديدة الضخمة الناجمة عن الزلزال المدمر ومشاركته في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2030.

قالت وزيرة المالية والاقتصاد نادية فتاح العلوي في مقابلة إن المملكة تستهدف "صرامة الميزانية" التي كانت عليها قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008، لافتة إلى أنها أجرت محادثات مع "ستاندرد أند بورز" في أعقاب زلزال سبتمبر.

وزيرة مالية المغرب لـ"الشرق": نتوقع نمو الاقتصاد 3.6% في 2024

"لدينا الوسائل اللازمة لتحقيق طموحاتنا والبرامج المطروحة حالياً"، وفق تصريحات العلوي لـ"بلومبرغ" على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش.

خطة إنقاذ

وضعت الحكومة خطة إنعاش بقيمة 11.7 مليار دولار بعد أن ضرب أعنف زلزال يشهده المغرب منذ ستة عقود جبال الأطلس الكبير جنوب الدولة، مما أسفر عن مقتل نحو 3,000 شخص وتشريد كثيرين آخرين. ومن المقرر أن يستضيف المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030، وهو مشروع من المرجح أن يتطلب المزيد من الإنفاق على الملاعب والبنية التحتية.

تقرير: كلفة تنظيم مباريات كأس العالم 2030 في المغرب تناهز 5 مليارات دولار

هبطت تكاليف الاقتراض في المغرب على الرغم من خفض "ستاندرد أند بورز" و"فيتش" التصنيف بشكل أعمق في الدرجة غير الاستثمارية إلى "BB+"، بعد أن ضربت جائحة كوفيد الاقتصاد المعتمد على السياحة. وعادت المملكة ،في فبراير، إلى أسواق الديون الدولية للمرة الأولى منذ خسارتها تصنيفها الاستثماري.

إصلاح أنظمة التصنيف الائتماني

يُنظر للاقتصاد البالغ حجمه 140 مليار دولار، والذي يوصف بأنه جزيرة من الاستقرار، على أنه نقطة مضيئة نسبياً للمستثمرين القلقين من عدم اليقين في أماكن أخرى في المنطقة. لكن على الرغم من الجهود التي بذلها المغرب في الآونة الأخيرة، فإن "تصوّر وكالات التصنيف للمخاطر في أفريقيا ودول مثل بلدنا يُعاقِب الجميع"، وفق العلوي، في إشارة إلى الانتقادات التي غالباً ما تتعرض لها الدول النامية.

وفي أفريقيا، طالب زعماء، بمن فيهم الرئيس السنغالي ماكي سال، بإصلاح شامل لنظام التصنيف الائتماني، واشتكوا من أن التحيّز الغربي يجعل تكاليف الاقتراض مرتفعة بشكل غير عادل.

يدرس وزراء المالية إنشاء وكالة تصنيف ائتماني ككيان مستقل عن الاتحاد الأفريقي.

وحثت العلوي المجتمع الدولي على دعم الدول الأفريقية في مسألة التدقيق في التصنيف الائتماني خلال اجتماعات الأسبوع الحالي في مراكش.

نقاط للمتابعة

ستلتزم الحكومة المغربية بخطة للميزانية على مدى ثلاث سنوات أُعلن عنها قبل وقوع الزلزال. وتستهدف خفض عجز الميزانية واستقرار الدين العام عند نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي.

أشارت مؤسسات التقييم إلى التحسن المحتمل في المالية العامة المغربية كعامل رئيسي يمكن أن يؤدي إلى رفع التصنيف. وقالت "فيتش" إنها تنتظر لترى ما إذا كان المغرب قادراً على تحقيق "انخفاض ملموس ومستدام" في نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.

فريد بلحاج: المغرب قادر على تحقيق نمو بـ7%

ومن جهتها، قالت "ستاندرد أند بورز" في تقرير صدر في أبريل: "قد نرفع تصنيف المغرب إذا ثبت أن ضبط الميزانية سيكون أسرع بكثير مما نتوقع، مما يؤدي إلى حدوث انخفاض كبير في صافي الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، على أن يظل النمو الاقتصادي قوياً".

صنّفت "موديز إنفستورز سرفيس" (Moody’s Investors Service) ديون المغرب عند أول درجة بالفئة غير المرغوب فيها.

تجدر الإشارة إلى أن آفاق تصنيف المغرب "مستقرة" لدى جميع مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسية، مما يعني أن مراجعته بالرفع أو بالخفض غير مرجح في أي وقت قريب.

خطط مشروعات تحلية المياه

قالت العلوي إن معظم عمليات تمويل إعادة الإعمار ستأتي عبر مخصصات الميزانية للمحافظات الست المتضررة، حيث تخطط الحكومة لزيادة الإيرادات، بما في ذلك مكافحة التهرب الضريبي، من أجل "استكمال التمويل".

أضافت أن السلطات تتطلع أيضاً إلى تخفيف عبء الإنفاق على البنية التحتية من خلال توسيع المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص لبناء المستشفيات ومحطات تحلية المياه.

"أكوا باور" تخطط لنقل تكنولوجيا تحلية المياه إلى المغرب

وتُعتبر المرافق الأخيرة ملحّة على وجه الخصوص، إذ تواجه المملكة انخفاضاً غير مسبوق في إمدادات المياه بسبب حالات الجفاف المتكررة. تسعى الحكومة إلى الحصول على استثمارات خاصة لبناء 10 محطات رئيسية، مستهدفة توفير نصف مياه الشرب في البلاد من البحر بحلول 2027 مقابل أقل بقليل من 10% الآن.

يخطط صندوق الملك محمد السادس للاستثمار لاختيار شركاء من القطاع الخاص بحلول نهاية العام لمساعدته على جمع 30 مليار درهم لمشاريع تشمل أيضاً الزراعة والسياحة، حسبما قال رئيس الصندوق محمد بنشعبون في مقابلة منفصلة مع "بلومبرغ".

"قوي وذو مصداقية"

أوضح بنشعبون أن الشركاء المستقبليين، من بين 46 شركة لإدارة الصناديق ستتقدم بعروض في مناقصة مايو، سيوفرون للشركات المغربية المملوكة للدولة والخاصة خيارات تمويل لتعزيز الاستثمار وتوسيع أعمالها. ويبلغ رأس مال الصندوق المدفوع 15 مليار درهم (1.5 مليار دولار).

وألمح إلى أنه بمجرد اختيار شركات إدارة الأموال والانتهاء من عملها، فإنه يستهدف الاستفادة من إجمالي رأس المال البالغ 45 مليار درهم لتمويل مشاريع بقيمة إجمالية 150 مليار درهم في غضون خمس سنوات.

من جهتها، أكدت العلوي أن "المغرب شريك قوي وذو مصداقية" للمستثمرين في مجال الطاقة المتجددة المتطلعين إلى الاستفادة من احتياجات الإنفاق الكبيرة في أفريقيا.

وبحسب الوزير، فإن المملكة تشهد "تحركاً اقتصادياً إيجابياً، وتستمر في مسارها الاقتصادي الكلي الشامل.. لسوء الحظ، نخرج من أزمة تستغرق عاماً لندير أزمة جديدة في العام التالي".