بعد ازدهار الطروحات الأولية الخليجية.. متى تنتعش الاكتتابات الثانوية؟

طروحات الشرق الأوسط جمعت 30 مليار دولار منذ بداية 2022.. مقابل 35 مليار دولار في أوروبا

مستثمران يتابعان تحركات الأسهم في سوق المال السعودية "تداول"، الرياض، المملكة العربية السعودية
مستثمران يتابعان تحركات الأسهم في سوق المال السعودية "تداول"، الرياض، المملكة العربية السعودية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رغم بروز دول الخليج العربي كنقطة جذب نادرة للطروحات العامة الأولية خلال معظم العامين الماضيين، لم تكتسب الاكتتابات الثانوية زخماً في المنطقة بعد.

بينما يسعى المصرفيون لتطوير سوق الاكتتابات الثانوية كوسيلة لتعزيز السيولة في البورصات المحلية، فمن المرجح أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس إلى زيادة ضعف الشهية على المدى القصير. ويتخوف المستثمرون العالميون من انتشار الصراع في منطقة الشرق الأوسط وقد يؤثر على إمدادات النفط، إذ انخفضت الأسواق الإقليمية 0.8% منذ هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر.

هل تتأثر سوق الطروحات بالمنطقة بالتوتر الجيوسياسي؟

يعزف المستثمرون جزئياً (عن هذا النوع من الاكتتابات) لأنهم غير معتادين على الطروحات الثانوية، وأيضاً بسبب عدم تطابق الأسعار مع تطلعات البائعين. لم تشهد دول الخليج اكتتابات ثانوية تُذكر هذا العام، مقارنة بصفقات بقيمة 53 مليار دولار في أوروبا، حسبما أظهرت بيانات جمعتها بلومبرغ. ومن المرجح أن يتغير ذلك في نهاية المطاف، بالنظر إلى أن بائعين مثل الصناديق السيادية يرغبون في تخفيف بعض حيازتهم الكبيرة ببعض الشركات.

أهمية الاكتتابات الثانوية

قال رودي سعدي، رئيس أسواق رأس المال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "سيتي غروب": "إنها مسألة وقت فقط قبل أن نشهد تسارعاً في عمليات بناء دفاتر الاكتتاب واكتتابات تتم تغطيتها بالكامل.. لأن (الدول الخليجية) تعمل على تعزيز البورصات المحلية، وزيادة السيولة، والتنويع في قطاعات جديدة.. بالتالي، فالخطوة التالية هي الطروحات الثانوية".

"جيه بي مورغان": الشرق الأوسط يشهد عصراً ذهبياً

مبيعات الأسهم الثانوية تشكّل جزءاً مهماً من نشاط أسواق رأس المال في كل مكان من أوروبا إلى الولايات المتحدة والهند، حيث يخفض المساهمون حصصهم أو تقوم الشركات نفسها بجمع رؤوس أموال جديدة بعد طرح أسهمها للاكتتاب العام. وفي الشرق الأوسط، كانت آخر صفقة من هذا النوع هي بيع صندوق الاستثمارات العامة أسهماً في مشغل البورصة السعودية بقيمة 610 ملايين دولار في نوفمبر الماضي. وهذا بالكاد يشكل سابقة جيدة.

ورغم أن أسهم مجموعة تداول السعودية القابضة قد تم عرضها بخصم 9% عن سعر إغلاقها السابق، إلا أنها انخفضت إلى أقل بكثير من سعر البيع، وتكبد المستثمرون الذين اشتروا في الاكتتاب خسارة 28% بعد حوالي شهر من الصفقة. تعافت الأسهم فقط فوق سعر الطرح البالغ 191 ريالاً في يونيو، وتكافح للبقاء فوق هذا المستوى.

طلب ضعيف

أجرى صندوق الاستثمارات العامة محادثات غير رسمية -قبل اندلاع الصراع بين "حماس" وإسرائيل- لجمع ما يصل إلى 800 مليون دولار من بيع جزء من حصته البالغة 17.5% في شركة مرافق الكهرباء والمياه في الجبيل وينبع، المعروفة باسم "مرافق"، وفق ما نشرته بلومبرغ نيوز في الثاني من أكتوبر. ومع ذلك، فقد قال أشخاص مطلعون على الأمر إن الصندوق السيادي أخَّر الطرح بسبب طلب المستثمرين الضعيف.

بلومبرغ: البيع المحتمل لحصة بـ"مرافق" السعودية يُقابل بطلب ضعيف

قال جوكول ماني، رئيس أسواق رأس المال في شوق ووسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "جيه بي مورغان": "سوق المستثمرين الدوليين مطلعة جيداً على الفروق الدقيقة في هيكل بناء سجل الأوامر المتسارع.. حيث تحتاج الأسواق المحلية إلى المزيد من سوابق الاكتتابات الناجحة لبناء تلك الثقة".

"العنصر الأساسي الذي يجعل بناء سجل الأوامر سريعاً هو سيولة الأسهم.. أحجام الأوراق المالية تجب زيادتها في الأسواق المحلية لمعالجة هذا المكوّن الرئيسي"، وفق ماني الذي رجح حدوث ثلاث أو أربع صفقات من هذا القبيل في 2024.

هل تستطيع سوق الأسهم السعودية استيعاب اكتتابات جديدة في 2023؟

أظهرت بيانات جمعتها بلومبرغ أن الشرق الأوسط يضاهي تقريباً قيمة الاكتتابات العامة الأولية في أوروبا البالغة 35 مليار دولار منذ بداية 2022، بعد تسجيله عمليات إدراج بقيمة 30 مليار دولار خلال نفس الفترة.

طفرة الاكتتابات العامة الأولية التي شهدتها المنطقة تُعد أحد مسببات معاناة الطروحات الثانوية التي تكافح حتى الآن للانطلاق، في ظل معدلات التغطية القوية للأولى بشكل كبير، والأداء القوي (للأسهم بعد الإدراج) لدرجة قلصت من الشهية حيال الطروحات الثانية التي لم تُختبَر بعد. وتعني المكاسب الحادة في أسعار الأسهم المدرجة حديثاً أيضاً أن البائعين المحتملين قد يواجهون صعوبة في العثور على مشترين عند هذه المستويات المرتفعة.