أعاصير كابوسية تضرب دون سابق إنذار

سرعة العواصف في التحول إلى أعاصير تحرم البشر القدرة على الاستعداد لمواجهتها

صورة عبر القمر الصناعي صادرة عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تظهر الإعصار "أوتيس" يتجه شمال غرب فوق الطرف الجنوبي الغربي لكاليفورنيا في 30 سبتمبر 2005
صورة عبر القمر الصناعي صادرة عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تظهر الإعصار "أوتيس" يتجه شمال غرب فوق الطرف الجنوبي الغربي لكاليفورنيا في 30 سبتمبر 2005 المصدر: غيتي إيمجز
Mark Gongloff
Mark Gongloff

Mark Gongloff is an editor with Bloomberg Opinion. He previously was a managing editor of Fortune.com, ran the Huffington Post's business and technology coverage, and was a columnist, reporter and editor for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ما يخفف من نتائج الأعاصير مقارنة بسواها من الكوارث الطبيعية كالزلازل والزوابع هو أنها عادةً ما تتكوّن وتتحرك ببطء، فيكون لديهم ما يكفي من الوقت كي يستعدوا، إلا أن التغير المناخي بدأ يحرم البشر حتى من هذه الميزة البسيطة.

ضرب الإعصار "أوتيس" مدينة أكابولكو السياحية صباح 25 أكتوبر بسرعة رياح بلغت 265 كيلومتراً في الساعة. إلى جانب الخوف الذي تسببت به أول عاصفة من الفئة 5 في التاريخ تضرب مدينة مكسيكية بفوق عدد سكانها 700 ألف، فإن الرعب الحقيقي هو أن إعصار "أوتيس" كان مجرد عاصفة استوائية قبل يوم واحد فقط من وصوله إلى اليابسة. بحسب المركز الوطني الأميركي للأعاصير، فإن العاصفة التي كانت تشق طريقها ببطء فوق مياه شرق المحيط الهادئ الدافئة، سرعان ما "تصاعدت بشكل عنيف" في غضون ساعات.

تكوّن الأعاصير

صرّح خبير الأرصاد الجوية في المركز الوطني للأعاصير إيريك بليك قبل وصول العاصفة إلى اليابسة إن "سيناريو كابوسي يتجلى في جنوب المكسيك الليلة". وكي لا يظن أحد أن بليك قد انجرف وراء انفعال، فقد عاد وغرّد عبر موقع "إكس"، "تويتر" سابقاً، وشرح أنه كان يعي تماماً ما يقول، وأضاف: "فكرت مطولاً بكلمة كابوس، ولكن إعصار من الفئة الخامسة اكتسب قوة سريعاً وهو في طريقه نحو مدينة كبرى بعد أن كان مجرد عاصفة استوائية قبل أقل من 24 ساعة فقط. هذا سيناريو كابوسي".

في العادة، تحدث الأعاصير بالشكل التالي:

· تتكوّن بعيداً عن اليابسة وتستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تصبح بالكاد قادرة على تهديد سفينة عابرة.

· يدرسها العلماء ويتوقعون مسارها وقوتها.

· خلال فترة الانتظار يكون لدى الأشخاص أيام للتحصّن أو إخلاء منازلهم في حال الضرورة، حسب القوة المتوقعة للعاصفة.

إلا أن التغير المناخي تسبب بتغيرات خطيرة في إيقاع الأعاصير، فهو إن لم يجعلها أكثر فقد زاد من احتمال تكوّنها بسرعة لتتحول إلى وحش مرعب مثل "أوتيس" بين ليلة وضحاها.

العواصف الاستوائية الأطلسية التي تكتسب قوّتها بالشكل الأسرع باتت شدتها تزداد بوتيرة أسرع بنسبة 29% وسطياً بين 2001 و2020، مقارنة بالعواصف المشابهة قبل 30 سنة، بحسب دراسة نُشرت الأسبوع الماضي في دورية (Nature journal Scientific Reports). كما أن عدد العواصف التي انتقلت من الفئة واحد أو أقل إلى الفئة الثالثة أو أكثر في غضون 36 ساعة فقط ازدادت بأكثر من الضعف خلال الفترة نفسها. من أمثلة ذلك، إعصار ماريا الفتاك في 2017 وإعصارا "هارفي" و"إيرما" في العام نفسه وإعصار "إيدا" عام 2021 وإعصار "إيان" العام الماضي.

لهذه الأسباب.. تغير المناخ هو الخطر الأكبر على تطور البشرية

ضرورة الاستعداد

كيف زاد التغير المناخي من احتمالات حصول ذلك؟ امتصت المحيطات أكثر من 90% من الحرارة التي تسبب بها البشر بسبب حرق الوقود الأحفوري وما ينجم عنه من انبعاثات لثاني أكسيد الكربون وغيرها من غازات الدفيئة المسببة لاحترار الكوكب، ما أدى إلى ارتفاع حرارة المياه إلى معدلات قياسية، لتصبح أشبه بوقود خارق يغذّي الأعاصير.

في حين لم تشمل دراسة اشتداد قوة الأعاصير العواصف في المحيط الهادئ، إلا أن قوانين الفيزياء هي نفسها في كل المحيطات، على الرغم من أن مياه شرقي المحيط الهادئ حالياً أدفأ ممّا يُفترض أن تكون عليه في ظل الاحترار العالمي وحده بسبب ظاهرة إل نينيو المناخية.

ارتفاع قياسي لدرجات حرارة البحر المتوسط خلال الصيف

إذاً لا بد أن يدرك المقيمون قرب السواحل المعرّضة للأعاصير أن مقدمي نشرات الطقس على التلفاز ربما لن يتمكنوا من إعطائهم إنذاراً مسبقاً قبل أيام من اقتراب عاصفة ضخمة أو غيرها. بل يجب أن ننتبه جميعنا إلى العواصف وهي تقترب ونستعد للهرب إلى مكان آمن في غضون دقائق. ستكون لهذه الحقبة من العواصف الأقوى والأكثر تدميراً وقعاً على قطاع التأمين وصناع السياسات الذين يخططون لبناء المدن والدفاعات على السواحل. لا يمكننا أن نقول إننا لم نتلقّ تحذيراً.