انكماش استثمارات الحوكمة البيئية عالمياً بعد تدهورها في أميركا

في مناطق أخرى سجل الاستثمار في الأصول المراعية لمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة نمواً بنسبة 20%

تصاعد الدخان بينما يعبر المشاة شارعاً بالقرب من بورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الخميس، 27 ديسمبر 2018.
تصاعد الدخان بينما يعبر المشاة شارعاً بالقرب من بورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الخميس، 27 ديسمبر 2018. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسبب تراجع الولايات المتحدة عن الاستثمار في الأصول التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة في تدهور قيمة هذه الاستثمارات في السوق العالمية.

في تقريره عن عام 2022 الذي نشر يوم أمس الأربعاء، قال "التحالف العالمي للاستثمار المستدام" (Global Sustainable Investment Alliance) أو (GSIA)، والذي يوفر أرقاماً حول حجم هذه السوق كل سنتين، إن إجمالي الاستثمارات في الأصول المستدامة بلغ 30.3 تريليون دولار، انخفاضاً من 35.3 تريليون دولار في عام 2020.

انتقد أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري (الأميركي) المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة المؤسسات. وقد انخفض الاستثمار في الأصول المستدامة في الولايات المتحدة إلى 8.4 تريليون دولار في العام الماضي مقارنة مع استثمارات تزيد قليلاً على 17 تريليون دولار قبل عامين. ويعود هذا الانخفاض بدرجة كبيرة إلى تغيير المنهجية المستخدمة في حساب هذه الأرقام.

اقرأ أيضا: حزب العمال البريطاني يدرس خفض تعهد صندوق الرخاء الأخضر

لا تزال الشكوك تحيط بمستقبل التمويل المستدام في الولايات المتحدة مع محاولة أعضاء في المجلس التشريعي يمثلون أكثر من 12 ولاية، من يوتا إلى فلوريدا، محاربة دمج المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة في قطاع الأعمال والاستثمار.

في مكالمة حول النتائج التي توصل إليها التحالف، قالت رئيسة "منتدى الاستثمار المستدام" في الولايات المتحدة ماريا ليتيني، إن استخدام "منهجية قوية" في التقرير الأخير أسفر عن رقم عام "نشعر أنه أكثر ونستطيع أن نركن إليه".

أعربت ليتيني عن موقفها على خلفية الشكوك التي تحيط بمراعاة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة قائلة إنه يجب على "منتدى الاستثمار المستدام" في الولايات المتحدة، أن "يتولى القيادة في هذا المضمار ويرد على الانتقادات الصحيحة تماماً، بأن تقييم الأصول المستدامة في الولايات المتحدة ربما لم يحدث من خلال رؤية دقيقة وصارمة تحدد مفهوم الاستدامة".

نمو الاستثمار المستدام في بقية العالم

لا تزال الاستثمارات في الأصول المراعية للمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تسجل نمواً في بقية أنحاء العالم، بحسب تقرير "التحالف العالمي للاستثمار المستدام". وقد زادت هذه الاستثمارات بنسبة تجاوزت 20% في كل من كندا وأوروبا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا بين عامي 2020 و2022، غير أن طفرة النمو التي تميزت بها على مدى العقد السابق، يبدو أنها انتهت.

"مصدر" الإماراتية تخطط لطرح سندات خضراء بما يصل إلى مليار دولار

في مكالمة هاتفية مع الصحفيين، قال رئيس التحالف العالمي جيمس ألكسندر، إن الاستثمار في هذا القطاع "يبلغ مرحلة النضج". وأضاف: "نحن نتبنى الآن تعريفاً ناضجاً لما يعتبر مستداماً مقارنة بالفترة الماضية. ونفكر بعناية في كيفية تجنب التمويه الأخضر عن غير قصد في الإجراءات التي نتخذها".

الاهتمام بالاستثمار المستدام ارتفع في فترة الوباء عندما تسببت عمليات الإغلاق في انخفاض أسعار الطاقة ودعمت محافظ الاستثمار التي تجنبت مشروعات الوقود الأحفوري. وعندما انتهت عمليات الإغلاق وعاد النشاط الاقتصادي بقوة مرة أخرى، كشف النظام العالمي الذي أعقب هذه الفترة عن صعوبته بالنسبة إلى كثير من استراتيجيات الاستثمار في المعايير البيئية والاجتماعية.

أسعار الفائدة تضر بأسهم الطاقة النظيفة

انخفض "مؤشر إس آند بي غلوبال" للطاقة النظيفة بنسبة 30% هذا العام، بعدما تضررت اسهم طاقة الرياح والطاقة الشمسية من ارتفاع أسعار الفائدة واختناق سلاسل التوريد. ويظهر أحدث استطلاع أجراه برنامج "ماركت لايف بالس" (Markets Live Pulse) على "بلومبرغ" أن المستثمرين يتوقعون استمرار هذا الهبوط في عام 2024، مع امتداد تأثير المعنويات السلبية إلى منتجي السيارات الكهربائية بما في ذلك شركة "تسلا".

تطبيق اللوائح ذاتها في مختلف الولايات القضائية، يرغم شركات إدارة الأصول على تبرير مزاعم مراعاة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التي لم يتم التحقق منها فيما سبق. ويقول التحالف العالمي في تقريره إن هناك "ضرورة لوضع تعريفات أوضح والتوصل إلى فهم مشترك يتعلق بشروط اعتبار الأصول مستدامة من عدمه".

قالت ليتيني إن قطاع الاستثمار العالمي "يمرّ بمنعطف خطير"، مع مواجهة الولايات المتحدة "تحديات معقدة تتعلق بأسواقها المالية المحلية".

يقول "التحالف العالمي للاستثمار المستدام" في تقريره: "إن استراتيجية الاستثمار المستدام الأكثر شيوعاً على مستوى العالم، تتمثل في انخراط الشركات وتدخل حاملي الأسهم، يليها دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ثم الفحوص السلبية أو النافية".