هل تتخطى هوليوود ما أصابها؟

المشاهدون قد يجدون 2024 مملاً لأن الدراما في مجالس إدارة الشركات ستكون أكثر تشويقاً مما سيُعرض على الشاشات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تعد الإضرابات التي شلت نشاط أغلب استوديوهات هوليوود على مدى معظم العام الماضي بضبط إيقاع قطاع الترفيه، بل كشفت أكبر عيوبه، وهو أنه معطوب.

تواصل قنوات الاشتراك خسارة المشاهدين بالملايين، والإعلانات بمليارات الدولارات، فيما لم تتعاف بعد صناعة الأفلام من آثار جائحة كورونا تعافياً ناجزاً. أمّا خدمات البث الرقمي التي كان يفترض أن تكون حلاً لكل هذه المشكلات، فما تزال تخسر مبالغ طائلة. وبرغم تحقيق النقابات لانتصارات كبرى، عاد الكتّاب والممثلون في نهاية المطاف إلى القطاع الذي ينبغي أن يكون عديد عامليه أقل بكثير.

لم يطرح أي طرف، حتى رئيس "ديزني" التنفيذي بوب إيغر، استراتيجيةً يمكنها أن تقود إلى حقبة جديدة من النمو والازدهار. بدل ذلك، يبدو أن أعظم الابتكارات حتى الآن هو خفض التكاليف ورفع الأسعار.

في المدينة التي تعيش حالة قلق دائم، أخذ السؤال االذي يردده الجميع طابعاً وجودياً: هل سيكون لدي عمل بعد عشر سنوات؟

الجواب البديهي هو نعم، على الأقل بالنسبة لمعظم الأشخاص. إلا أن هوليوود تواجه منافسة متنامية من وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو. يقول المديرون التنفيذيون إن 2024 هو العام الذي سيكتشفون فيه أخيراً كيفية كسب الأموال من خدمات البث، حتى أن كثيراً منهم أكدوا أنهم تخطوا مرحلة ذروة الخسائر، واقتربوا من الربحية.

اقرأ أيضاً: "وارنر براذرز" تجري محادثات للاندماج مع "باراماونت غلوبال"

لكن هل فات الأوان؟ يكافح الجميع ليجد موطئ قدم بين خدمات البث الثلاث أو الأربع التي لا يستغني عنها الناس.

ترزح "باراماونت غلوبال" تحت ضغوط لتتخلى عن خدمة البث التي تحمل اسمهما، فيما تبحث "وارنر براذرز ديسكفري" عن شركاء لمساعدتها على تمكين خدمة البث "ماكس" من مجاراة منافسين من حجم "نتفلكس". حتى أن "أمازون"، العملاقة التي تتخطى من حيث القيمة استوديوهات الأفلام التقليدية مجتمعة، تعمل على تقليص موازنتها. إذاً هذا العام، فإن الدراما الأكثر إثارة قد لا تكون على الشاشات، بل في قاعات مجالس إدارة الشركات.

وعلى الرغم من أن تغيير الحبكة وارد دائماً في عالم هوليوود، ف يما يلي أربعة جوانب قد تتغير فيها هوليوود خلال 2024.

تراجع عدد المسلسلات التي يدمنها المشاهدون

تنافست شركات المرئيات في السنوات الماضية من حيث زيادة إنفاقها. فقد دفعت "بيكوك" 500 مليون دولار على مسلسل "The Office"، فيما أنفقت "إتش بي أو ماكس" 425 مليون دولار على "Friends"، وأكثر من 500 مليون دولار على "South Park"، وكل تلك مسلسلات يُعاد عرضها. كما تعهدت كل شركات المرئيات بتخصيص مليارات الدولارات لبرامج جديدة بغية اللحاق بـ"نتفلكس".

بالإجمال، ارتفع عدد البرامج التلفزيونية ذات النصوص مسبقة الإعداد إلى 599 برنامجاً في 2022، أي ضعف عدد عام 2012.

لكن تلك الأيام ولّت، إذ تعتزم "ديزني" مثلاً خفض النفقات بقدر ملياري دولار هذا العام. كما أن "باراماونت" و "وارنر براذرز ديسكفري" دخلتا مرحلة ضبط النفقات. حتى "نتفلكس" نفسها التي ضخّمت الفقاعة العظمى لخدمات البث، لم ترفع ميزانيتها الخاصة بالمحتوى منذ سنتين. وبحسب توقعات الخبراء في القطاع، فإن إجمالي عدد البرامج التلفزيونية ذات النصوص مسبقة الإعداد ستنخفض هذا العام إلى 400.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف: كيف نجحت "نتفلكس" في زيادة أعداد المشتركين؟

المزيد من مسلسل "Suits"

تصدّر مسلسل الدراما القضائية (Suits) قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة لعام 2023، على الرغم من عدم عرض أي حلقة جديدة منه منذ عام 2019. وحدث ذلك بعدما أعادته "نتفلكس" إلى الحياة (ربما لأن إحدى نجماته أصبحت عضوة سابقة في عائلة مالكة). ألهم نجاح المسلسل البحث عن إنتاج عظيم آخر مشابه، تعمل شخصياته جماعياً للتغلب على تحديات.

هذا مؤشر آخر إلى أن خدمات البث ستشبه أكثر فأكثر ما كان عليه التلفزيون منذ خمسين عاماً. إذ تتجنّب الشبكات التلفزيونية المسلسلات الأصلية عالية المخاطرة التي قد تدرّ لها أرباحاً طائلة، وتركز أكثر على البرامج مضمونة النجاح والسهلة، مثل إنتاجات تستند إلى مسلسلات معروفة، تدور أحداثها في مرحلة زمنية سابقة أو لاحقة للمسلسل الأصلي أو نسخ جديدة من تلك المسلسلات، من أمثال (Bridgerton) و(Wednesday) و(The X-Files).

الذكاء الاصطناعي لن يحلّ مكان المبدعين

بدأت كبرى شركات المرئيات مباشرةً بعد انتهاء إضراب الكتّاب، بسؤال الخبراء والاستشاريين الإداريين عن أفضل طرق استخدام الذكاء الاصطناعي، وكان جوابهم أنه سيسهم في خفض 20 إلى 30% من التكاليف.

برغم الضجيج المثار حول احتلال الذكاء الاصطناعي مكان كتّاب السيناريو والممثلين، تبيّن أن منفعته الأساسية تكمن في خفض التكاليف في مجالات أقل سحراً، مثل مرحلة ما بعد الإنتاج والتسويق.

يُسهّل الذكاء الاصطناعي أموراً شتى مثل الدبلجة وإعادة التصوير والمشاهد التشويقية والخطاب التسويقي. لكن هذا لا يعني أنه يمكن للقطاع التخلّي عن حذره، فالخطر الأكبر على المواهب في هوليوود ليس ناجماً عن احتمال استخدام "ديزني" للذكاء الاصطناعي بغية تقليص الوظائف، ولكن خطر استخدام جهة خارجية مواد محمية بحقوق النشر من أجل إنتاج برامج ناجحة من دون أن تدفع الأموال لأحد.

اقرأ أيضاً: تراجع أرباح ديزني مع ارتفاع تكاليف البث وضعف الإعلانات

حاجة ماسة لتأثير تايلر سويفت

أدّت إضرابات العام الماضي إلى تأخير بعض أضخم الإنتاجات المنتظرة لعام 2024، مثل فيلمي "سنو وايت" و"كابتن أميركا" من "ديزني"، وفيلم "Mission: Impossible" التالي من "باراماونت"، ما يعني أنه سيتوجب على دور السينما أن تبذل جهداً أكبر.

لقد أشارت معظم التوقعات إلى انخفاض مبيعات التذاكر بأكثر من 25% مقارنة بما كانت عليه في فترة ما قبل الوباء، بواقع تراجع بنحو 11 مليار دولار.

ولكن الدرس الذي تعلمته هوليوود العام الماضي هو أنه في الأوقات الصعبة، عليها اللجوء إلى تايلر سويفت وبيونسيه، فالأفلام الوثائقية عن حفلاتهما تحوّلت إلى فعاليات لا تُفوّت وبأسعار مقبولة لدور سينما "إيه إم سي" (AMC).

لقد تفوّق فيلم الإثارة والجريمة المحافظ "Sound of Freedom" على فيلمي "Mission: Impossible" و"Indiana Jones" في الصالات الأميركية، وحقق 248 مليون دولار عالمياً. ستحدد الأشهر المقبلة ما الذي سيحوّله هذا القطاع إلى حدث سينمائي لا يُفوّت.