دعم الوقود.. أزمة ليبية قد تذهب لصناديق الاقتراع

الدبيبة كشف أن بلاده تخسر حوالي 12.4 ميار دولار سنوياً مقابل دعم المحروقات

أنابيب وخزانات وقود في مصفاة الزاوية بالقرب من طرابلس، ليبيا.
أنابيب وخزانات وقود في مصفاة الزاوية بالقرب من طرابلس، ليبيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعتزم المسؤولون في ليبيا اللجوء إلى صناديق الاقتراع لحل أزمة دعم الوقود، بعدما تراجع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة عن قراره بشأن إلغاء هذا البند الذي يلتهم نصف الميزانية.

قال الدبيبة إنه سيطرح مسألة دعم المحروقات في استفتاء عام للمواطنين لحسم القرار النهائي بشأنه، دون أن يتطرق إلى مزيد من التفاصيل.

أكد خلال فعالية أمس أن الحكومة "لن تتخذ قرارها بهذا الصدد إلا بعد استفتاء ومشورة المواطنين، وأن تحظى خطواتها في هذا الملف بدعمهم، بما يضمن حقوقهم، ويقطع الطريق أمام المهربين للوقود الذين ينهبون مقدرات الشعب وخيراته"، وفق بيان صادر عن الحكومة.

"تخسر البلاد 60 مليار دينار (حوالي 12.4 ميار دولار) سنوياً مقابل دعم المحروقات، أي نصف الميزانية السنوية"، وفق الدبيبة، معتبراً أن استفادة المواطن من دعم المحروقات "قليلة جداً" وأن الفائدة الكبيرة تعود على "جيوب المهربين".

المؤسسة الوطنية للنفط: إنتاج ليبيا من الخام لم يتأثر بالفيضانات

"مخاوف ومطالب"

مقترح الدبيبة يثير مخاوف لدى المواطنين وسط مطالب خبراء اقتصاديين بالتدرج وتهيئة الأجواء السياسية المناسبة وحسن اختيار التوقيت الذي تنخفض فيه أسعار الوقود، وتحذيرات من جانب الحكومة المكلفة من مجلس النواب (في الشرق) من تبعات رفع الدعم عن المحروقات.

يخشى المواطنون في ليبيا أن يؤدي رفع الدعم عن الوقود إلى اندلاع موجة غلاء متوقعة، وبالتالي تدهور أحوالهم المعيشية. بلغ متوسط الإنفاق الشهري للأسرة الليبية 3094.5 دينار من بينها 1250.5 دينار على المواد الغذائية، وسجل متوسط الدخل الشهري للأسرة 3383 ديناراً شهرياً، وفق نتائج مسح الدخل والإنفاق الأسري للعام 2022-2023 الذي أجرته مصلحة الإحصاء والتعداد، بعد توقف إعداده ونشره منذ العام 2008.

في نهاية نوفمبر 2023، كشفت دراسة أجراها البنك الدولي أن نحو 80% من الأشخاص الذين شملهم مسح في 12 دولة متوسطة الدخل حول العالم سيؤيدون إصلاح دعم الطاقة مقابل تحسين أوضاع المدارس والمستشفيات والطرق، فيما أشار 30% من المشاركين في المسح إلى أنهم سيؤيدون إصلاح دعم الطاقة بدون الحصول على أي تعويضات.

هل تتخلى عن دعم الطاقة مقابل تحسين الخدمات العامة؟

نتائج المسح، قد توفر للحكومات مسارات قابلة للتطبيق لحشد التأييد الشعبي لإصلاح دعم الطاقة، والذي يمكن أن يكون غير عادل وضاراً بالبيئة، ومكلفاً، وفق المؤسسة الدولية التي قدرت تكاليف دعم الطاقة عالمياً في عام 2022 بـ 1.3 تريليون دولار.

طرح الدبيبة بديلاً لمسألة رفع الدعم عن المحروقات، يتمثل في منح المواطن مبلغاً مالياً أو كوبوناً، دون أن يحدد قيمته. استبقت حكومة الدبيبة خطوتها بإطلاق ما أسمته "الاستعلام الوطني" السبت الماضي، حول "إصلاح سياسة الدعم على المحروقات"، وتضمنت المرحلة الأولى إرسال أكثر من 561 ألف رسالة نصية لهواتف المواطنين، ورابط يُمكنهم من التفاعل مع الأسئلة المطروحة.

يحذر خبراء اقتصاديون من استبدال الدعم النقدي بدعم الوقود قبل مراجعة سياسات توزيع الدخل، والحد من تضخم الإنفاق العام غير الإنتاجي، وسط مطالب بإصلاح الدعم وفق أسس اقتصادية، وأن يكون تدريجياً لا يؤدي إلى الإضرار بفئة عريضة من المواطنين، وتعريض مستوى معيشتهم للتدهور والتعويض العادل للمواطنين من خلال توفير البديل النقدي.

ليبيا تتطلع لزيادة إنتاج النفط إلى أعلى مستوياته في 10 سنوات بنهاية 2023

ليبيا لديها "ثاني أدنى أسعار البنزين في العالم"

أولى صندوق النقد الدولي اهتماماً بمسألة دعم الوقود في ليبيا، وقال في 13 يونيو 2023: "تشكل إعانات الدعم والمنح حوالي ربع الإنفاق، أما الدعم على الوقود فيمثل مشكلة ذات طبيعة خاصة حيث يُباع لتر البنزين بثلاث سنتات أميركية، وهو ثاني أدنى أسعار البنزين في العالم". أشار إلى أن إنتاج الهيدروكربونات سوف يمثل جزءاً أساسياً من المستقبل الاقتصادي في ليبيا، حيث يشكل حوالي 95% من الصادرات وإيرادات الحكومة. واعتبر الصندوق كذلك عبر بيان أصدره في 20 نوفمبر 2023، "من شأن تخفيض الدعم غير الموجه لمستحقيه أن يتيح استخدام الموارد لأغراض الإنفاق الاجتماعي الموجه بشكل أفضل والاستثمارات الإنتاجية".

صندوق النقد: 7 تريليونات دولار دعم الوقود الأحفوري في 2022

سجّل الدعم المقدم للوقود الأحفوري حول العالم، مستوىً قياسياً خلال 2022، بلغ 7 تريليونات دولار، نتيجة المساعدات التي وفّرتها الحكومات للمستهلكين والشركات خلال فترة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية التي أعقبت غزو روسيا لأوكرانيا، وفق صندوق النقد الدولي.

قدر الصندوق أن دعم النفط والغاز والفحم والطاقة بلغ ما يعادل 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذا الرقم يتجاوز ما تنفقه الحكومات سنوياً على التعليم البالغ 4.3% من إجمالي الدخل، ويصل كذلك إلى حوالي ثلثي ما تنفقه على الرعاية الصحية البالغ 10.9%.