شح الدولار وتراجع الإنتاج يقفزان بسعر حديد التسليح في مصر 78% خلال عام

سعر طن حديد التسليح قفز إلى 48 ألف جنيه "تسليم أرض المصنع" هذا الأسبوع

عاملان يقومان بتحضير رزمة من حديد التسليح لرفعها في ساحة للمعادن في شنغهاي، الصين
عاملان يقومان بتحضير رزمة من حديد التسليح لرفعها في ساحة للمعادن في شنغهاي، الصين المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قفز سعر حديد التسليح في مصر تسليم أرض المصنع بنحو 78% على أساس سنوي ليصل خلال يناير الجاري إلى 48 ألف جنيه للطن، مدفوعاً بضغوط شح العملة الصعبة وتراجع الطاقة الإنتاجية للمصانع بنحو كبير، بحسب مسؤولين في القطاع تحدثوا إلى "الشرق" طالبين عدم الكشف عن أسمائهم.

رئيس إحدى شركات حديد التسليح الكبرى في مصر، قال لـ"الشرق" مشترطاً عدم نشر اسمه، إن "غالبية المصانع الكبيرة تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية حالياً في مصر بسبب صعوبات استيراد المواد الخام اللازمة للعملية الإنتاجية". وأضاف: "نسعّر الدولار عند مستوى 63.5 جنيه مصري.. مين يصدق ده؟".

تعيش مصر أزمة اقتصادية صعبة، تفاقمها التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب شح شديد في السيولة الدولارية لديها بسبب تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات. ويبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، بينما تجاوز السعر في السوق السوداء مستوى 60 جنيهاً.

خفض الجنيه

كل هذه الضغوط ترجّح أن يكون هناك خفض جديد في قيمة الجنيه، وهو ما تترقبه الأسواق، في وقت تتواجد فيه بالبلاد بعثة من صندوق النقد الدولي لمناقشة المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاحات الذي يدعمه الصندوق في مصر، من خلال "تسهيل الصندوق الممدد" البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

مصانع حديد مصرية توقف الإنتاج أو تقلصه بسبب شح الدولار

آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المالية"، عزا زيادة أسعار حديد التسليح خلال 2023 إلى "ارتفاع تكاليف المواد الخام وسط ضعف الجنيه المصري". وأضاف: "لا تنس أن كل خام الحديد يتم استيراده، وكل ذلك يؤثر على السعر مباشرة".

انخفض إنتاج مصر من حديد التسليح خلال 2023 بنحو 4% إلى 8.047 مليون طن، بحسب وثيقة حكومية اطلعت عليها "الشرق"، وأظهرت انخفاض حجم المبيعات أيضاً بنحو 17.7% إلى 6.5 مليون طن.

صعوبات الاستيراد.. والطلب في السوق

يبلغ عدد مصانع حديد التسليح في مصر 14 مصنعاً، أبرزها "مجموعة حديد عز"، و"بشاي للصلب"، و"السويس للصلب"، و"حديد المصريين".

رئيس إحدى الشركات الأخرى لحديد تسليح، قال لـ"الشرق" مشترطاً عدم نشر اسمه: "الدولار هو المحرك الأساسي لسعر الحديد في مصر". وأضاف: "عند استيراد خام من الخارج، ولكي تسمح لنا البنوك بإجراء إيداعات دولارية دون السؤال عن مصدرها، يكون مطلوباً منا التنازل عن حصة تتراوح بين 10% و20% من قيم الإيداعات الإجمالية.. أي أننا إذا أردنا استيراد خامات بـ10 ملايين دولار، فإننا نودع لدى البنك نحو 11 - 12 مليون دولار لفتح الاعتماد المستندي".

على الرغم من أن البيانات الرسمية تشير إلى تراجع مبيعات حديد التسليح في الأسواق خلال 2023، فإن رئيس الشركة أرجع أيضاً ارتفاع الأسعار إلى زيادة الطلب على الحديد من قبل القطاع الخاص والأفراد، وتحديداً خلال الربع الأخير من العام الماضي، بعدما صدر قانون التصالح على البناء والذي تضمّن تسهيلات كبيرة من بينها إجازة التصالح على المباني المقامة على خط التنظيم.

مصر تستهل 2024 برفع أسعار خدمات أساسية وعيونها على صندوق النقد

بدأ المسؤولون المصريون السنة الجديدة بزيادة أسعار عدد من الخدمات الرئيسية، التي فرضت ضغوطاً إضافية على المستهلكين، وذلك في إطار سعي الحكومة إلى زيادة إيراداتها وتعظيم فرصة رفع قيمة حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

ضغوط متزايدة

تأتي الزيادات بعد أقل من شهر على إجراء الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية ثالثة، كاشفاً عن استعداد السلطات حالياً لتحمل بعض ردود الأفعال وهي تتقدم في تنفيذ إجراءات سوف تتسبب بمزيد من الضغوط المؤلمة على المستهلكين.

بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت أسعار المستهلكين في مدن مصر 33.7% خلال ديسمبر الماضي.

وقال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين والمحللين الاستراتيجيين في "كايرو كابيتال"، إن الارتفاعات الكبيرة التي تشهدها أسعار الحديد ناتجة في الأساس عن "ارتفاعات أسعار الحديد عالمياً، وارتفاع سعر الدولار، مع ارتفاع تكاليف النقل مؤخراً بسبب اضطرابات البحر الأحمر, ما نتج عنه زيادة ضخمة في أسعار الحديد".

وأضاف أن "ارتفاعات سعر الحديد لن تتسبب في موجة تضخم كبيرة، بل سيكون التأثير محدوداً وغير مباشر، لأن سلعة الحديد غير استهلاكية، فيما يتم احتساب معدلات التضخم بناءً على أسعار السلع الاستهلاكية".