الأسهم الأميركية تسجل مستويات قياسية جديدة وسط رهانات الهبوط السلس

تفوّق أرقام الناتج المحلي الإجمالي على التوقعات يعزز آفاق الشركات الأميركية

انعكاس ظل أحد المشاة على لافتة في هونغ كونغ، الصين
انعكاس ظل أحد المشاة على لافتة في هونغ كونغ، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دفع متداولو وول ستريت أسعار الأسهم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق وسط تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من تحقيق الهبوط السلس بحيث تتواصل قوة الاقتصاد الأميركي إلى حد ما ويُظهر التضخم علامات على التباطؤ.

صعدت أسعار الأسهم الأميركية للجلسة السادسة على التوالي، إذ تحدت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأميركي الأخيرة التوقعات القاتمة بحدوث ركود، مما يعزز آفاق الشركات الأميركية. وفي حين أن هذه القوة تعني أن صناع السياسات النقدية لن يتعجلوا لخفض أسعار الفائدة في الربع الأول، فإن توافق مؤشر التضخم الأساسي المتابع عن كثب مع هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% يُعتبر من قبل الكثيرين بمثابة إشارة مشجعة.

نمو الاقتصاد الأميركي يفوق التوقعات في الربع الرابع

قال تشارلز هيبوورث، مدير الاستثمار لدى "جي إيه إم إنفستمنتس" (GAM Investments): "لا توجد مخاوف من الركود هنا، ولجعل الأمور أفضل، لا نرى أي نمو مصاحب في الأسعار المستخدمة في احتساب الناتج المحلي الإجمالي.. فالنمو الأقوى بدون التضخم هو ما يريده الجميع".

أغلق مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) تعاملات الخميس بالقرب من مستوى 4900 نقطة. ارتفع سعر سهم "آي بي إم" (IBM) بسبب توقعاتها الإيجابية المحفزة على الصعود، في حين انخفض سعر سهم "تسلا" 12% بعد طلب إيلون ماسك من المستثمرين النظر إلى ما بعد تباطؤ نمو المبيعات. وزادت حدة الانتقادات الموجهة لـ"بوينغ"، بعدما انتقد رئيس "أميركان إيرلاينز غروب" مصنعة الطائرات بسبب سلسلة من الهفوات المتعلقة بالجودة.

وانخفضت عائدات السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 4.12%. وواصلت عقود المبادلة توقعها بالكامل خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الفائدة في مايو، في حين زاد إجمالي التخفيضات المتوقعة هذا العام إلى حوالي 140 نقطة أساس.

هبط سعر اليورو بعد أن اعتبرت الأسواق التأكيد الضمني من قبل الرئيسة كريستين لاغارد بأن البنك المركزي الأوروبي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في منتصف 2024 تقريباً بمثابة إشارة إلى أن الزيادات السابقة لها تأثير كبير.

الهبوط السلس للاقتصاد الأميركي

أظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسيرش" (22V Research) أن 50% من المشاركين خفضوا توقعاتهم للركود منذ ما قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر. عندما يتعلق الأمر بآفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2024، يتوقع معظم المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع أن يكون متوافقاً أو أقوى من الإجماع.

نما الاقتصاد الأميركي في الربع الرابع بما يفوق التوقعات، إذ غذى تباطؤ التضخم الإنفاق الاستهلاكي، مما توج عاماً قوياً من النمو. ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 3.3%. وصعد مقياس التضخم الأساسي الذي تتم مراقبته عن كثب بنسبة 2% للربع الثاني على التوالي.

"الفيدرالي": مرونة الاستهلاك تدعم الاقتصاد الأميركي وتعوض ضعف التصنيع

قال روب سوانكي، من "كومنولث فاينانشال نتورك" (Commonwealth Financial Network)، إن البيانات يجب أن توفر أدلة كافية لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على موقفهم التيسيري، حتى إذا أبقوا أسعار الفائدة كما هي.

ورغم أن كالي كوكس من "إي تورو" (eToro)، ترى أن الركود ليس أمراً مستبعداً، فإنها قالت إن الاحتياطي الفيدرالي يبدو أنه يحقق هبوطاً سلساً.

ديفيد راسل من "تريد ستيشن" (TradeStation) يقول إن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول "يمكنه أن يهنئ نفسه عندما يحدث السيناريو المثالي".

"عودة" سوق الأسهم الأميركية

من جهته، قال كريس زاكاريلي من "إندبندنت أدفايزر أليانس" (Independent Advisor Alliance): "من الصعب القول بأن الاقتصاد ليس قوياً.. ستواصل سوق الأوراق المالية الصعود طالما بقي الاقتصاد خارج الركود واستمر المستهلكون في الإنفاق -وهذا حتى بدون قيام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة-، ومع ذلك، إذا بدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة، فسيكون ذلك بمثابة رياح إضافية لهذا السوق، والذي يستمر في المفاجأة في الاتجاه الصعودي".

الأسهم الأميركية تحقق مستويات إغلاق جديدة قبل موجة نتائج الشركات

تشير قوة السوق إلى أن المستثمرين راضون عن صمود البيانات الأميركية رغم ارتفاع أسعار الفائدة، وفق فؤاد رزاقزادة من "سيتي إندكس" و"فوركس دوت كوم". وأضاف أنهم واثقون من أننا بلغنا معدلات ذروة الفائدة، وأن تيسير السياسة النقدية سيحدث في نهاية المطاف، وإن كان ذلك في وقت متأخر قليلاً عما كان متوقعاً في البداية".

أغلق مؤشر "إس آند بي 500" تعاملات الجمعة عند أعلى مستوى له على الإطلاق للمرة الأولى منذ عامين، مما يمثل علامة فارقة حاسمة في عودة سوق الأسهم الأميركية. لقد كانت مسيرة مذهلة للأسهم، بسبب انخفاض التضخم واحتمال قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في 2024.

زخم استكمال الصعود

مع تبقي بضعة أيام فقط على نهاية يناير، تخطى مؤشر "إس آند بي 500" بالفعل إجماع وول ستريت حول مستهدفه لنهاية العام. وفي يوم الأربعاء، تجاوز المؤشر مستوى 4867 نقطة، وهو متوسط التوقعات في استطلاع بلومبرغ لمستهدفه​ بعد 11 شهراً من الآن.

مع ارتفاع سوق الأسهم الأميركية إلى مستوى قياسي، فإن السؤال الواضح للعديد من المستثمرين في الوقت الحالي هو مقدار قوة الدفع المتبقية في الصعود الذي بدأ العام الماضي. كلما نهض مؤشر "إس آند بي 500" من سوق هابطة إلى قمم جديدة، كانت العائدات في الأشهر الستة والاثني عشر اللاحقة أعلى بكثير من المتوسط، حسبما أظهرت بيانات بلومبرغ إنتليجنس التي تعود إلى عام 1950.

تحليل بلومبرغ إنتليجنس لأداء السوق بعد بلوغ مؤشر الأسهم الأميركية قمة قياسية جديدة، وجد أن متوسط ​​العائد لمدة ستة أشهر مقبلة بلغ حوالي 9.2% أي أعلى من متوسط ​​العائد البالغ 6.3% لجميع فترات نصف العام التي تعود إلى أكثر من 70 عاماً. كما يظهر نفس النمط في الأداء على مدى 12 شهراً مقبلاً، إذ بلغ متوسط ​​العائد 15% بعد تسجيله قمة جديدة، مقابل 13% فقط في الأطر الزمنية المتلاحقة على مدار العام.

وأضاف رزاقزادة: "الاتجاه السائد صعودي بلا شك، والأسواق تلتزم حالياً بعقلية (الشراء عند الانخفاض)، على الأقل في الوقت الحالي.. ومع ذلك، هناك دلائل على أن الصعود قد يتواصل ولكن بشكل ضعيف عند هذه المستويات. لذلك، هناك احتمالية لبعض عمليات جني الأرباح حول المستويات الحالية".

على صعيد آخر، ارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوياته في ثمانية أسابيع، مدفوعاً بانخفاض المخزونات الأميركية والتحفيز الصيني والهجوم على مصفاة روسية.

أداء أبرز المؤشرات:

  • ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.5% حتى الساعة 4 مساء بتوقيت نيويورك
  • صعد مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.1%
  • تراجع سعر اليورو 0.4% إلى 1.0839 للدولار
  • ارتفع سعر "بتكوين" 0.3% إلى 39891.13 دولار
  • صعد سعر "إيثر" 0.6% إلى 2228.35 دولار
  • ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 2019.19 دولار للأوقية