"أبل" تعاني من تراجع مستمر في الصين رغم نمو إجمالي المبيعات

عملاقة التكنولوجيا الأميركية تواجه أكثر فتراتها اضطراباً والمنافسة من الشركات المحلية تضيق الخناق عليها

العملاء يصطفون في متجر "أبل" خلال اليوم الأول لبيع هاتف "آيفون 15" في بكين، الصين
العملاء يصطفون في متجر "أبل" خلال اليوم الأول لبيع هاتف "آيفون 15" في بكين، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كشفت شركة "أبل" عن استمرار تراجعها في السوق الصينية خلال الربع الذي شهد موسم العطلات، رغم أن إجمالي مبيعات هواتف "آيفون" فاق التوقعات، بجانب نمو إيرادات الشركة من جديد.

قالت الشركة، في بيان صدر أمس، إن مبيعاتها في الصين انخفضت 13% إلى 20.8 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الذي ينتهي في 30 ديسمبر. وهذا أقل بكثير من توقعات المحللين البالغة 23.5 مليار دولار، كما أنه كان أضعف ربع سنوي سجلته الشركة الأميركية في الدولة الآسيوية منذ الفترة الأولى من 2020.

وقال المدير المالي للشركة، لوكا مايستري، في مقابلة ببرنامج إميلي تشانغ على تلفزيون "بلومبرغ": "لسنا سعداء بهذا الانخفاض، لكننا نعلم أن الصين هي السوق الأكثر تنافسية في العالم".

انخفضت أسهم الشركة بأكثر من 3% في التداولات الممتدة بعد صدور التقرير، وأغلقت عند 186.86 دولار للسهم في نيويورك أمس الخميس، بانخفاض قدره 2.9% هذا العام.

حذر مايستري أيضاً من احتمال عدم استمرار نمو مبيعات "أبل". وأوضح أنه ستكون هناك مقارنة صعبة بين الربع السنوي الحالي والفترة ذاتها من العام السابق، عندما عزز الطلب المكبوت مبيعات "آيفون" بنحو 5 مليارات دولار. في ذلك الوقت، كانت "أبل" تتعافى من قيود سلسلة التوريد الناجمة عن عمليات الإغلاق الوبائي في الصين، وكان المستهلكون متحمسين لشراء هواتف "آيفون".

وأفاد مايستري في مكالمة جماعية: "عندما نتخلص من هذا التأثير على إيرادات العام الماضي، نتوقع أن تكون الإيرادات الإجمالية للشركة وإيرادات هواتف (آيفون) في ربعنا الحالي مماثلة لما كانت عليه قبل عام". وكان المحللون يتوقعون زيادة قدرها 1% في المبيعات خلال هذه الفترة.

أزمة "أبل" في السوق الصينية

تعاني "أبل" من تباطؤ إنفاق المستهلكين في الصين، وزيادة المنافسة، وتوسيع نطاق الحظر الحكومي على التكنولوجيا الأجنبية. في الوقت نفسه، قدمت شركة "هواوي تكنولوجيز" مجموعة جديدة من الهواتف الذكية مدعومة برقائق صينية الصنع خلال العام الماضي، بعدما أدى دخولها على القائمة السوداء الأميركية إلى استبعادها تماماً من السوق. وأدت عودة "هواوي" إلى ارتفاع عمليات الشراء القومية في البلاد، حيث قفزت الشحنات بنسبة 36% في الربع الرابع، بحسب مؤسسة "آي دي سي" (IDC).

هاتف "هواوي" يثبت تخلي الصين عن مورّدي الرقائق الأميركيين

ألقت مشكلات "أبل" في الصين بظلالها على الارتفاع الإجمالي في الإيرادات البالغ 2.1% لتصل إلى 119.6 مليار دولار. وكان المحللون يتوقعون زيادة بنسبة 1% لتبلغ الإيرادات 118 مليار دولار في المتوسط.

وفي ظل هذا النمو، تجنبت "أبل" تسجيل انخفاض في إيراداتها للربع الخامس على التوالي، وهي سلسلة كانت ستكون الأسوأ منذ أزمة التسعينيات. وكانت هواتف "آيفون" نقطة ساطعة خلال هذه الفترة، حيث حققت زيادة قدرها 6% في الإيرادات وتجاوز تقديرات المحللين.

يأتي تقرير الأرباح أيضاً عشية إطلاق "أبل" لنظارتها "فيجن برو" (Vision Pro)، التي تعد أول قفزة تكنولوجية كبيرة للشركة منذ 2015، بينما تتوجه "أبل" إلى الاستثمار في تكنولوجيا غير مألوفة، وهي الواقع الافتراضي وإمكانات الواقع المعزز. وتتيح النظارة البالغة قيمتها 3499 دولاراً للأشخاص مشاهدة مقاطع فيديو ثلاثية الأبعاد وممارسة الألعاب وإجراء اجتماعات تفاعلية أكثر.

"أبل" تنافس في مجال الذكاء الاصطناعي

صرح الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك أيضاً بأن "أبل" ستصدر إعلاناً هذا العام حول ميزات الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد التقارير السابقة التي نشرتها "بلومبرغ". وفي ظل ضخ أقران "أبل" استثمارات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي حالياً، كان المستثمرون ينتظرون بشغف تحديثات الشركة حول هذا الموضوع.

"سامسونغ" تتحالف مع "غوغل" لتحدي "أبل" في الذكاء الاصطناعي

ارتفعت أرباح الشركة في الربع الأول بنسبة 16% إلى 2.18 دولار للسهم، متجاوزة التوقعات البالغة 2.11 دولار. حقق "آيفون"، وهو أكبر مصدر للإيرادات لدى "أبل"، إيرادات قدرها 69.7 مليار دولار، مقارنة بمتوسط التوقعات بلغ 68.6 مليار دولار.

عوامل دعمت موقف "أبل"

كان إصدار أحدث الهواتف "أيفون 15" بمثابة ترقية أكبر من بعض الطرازات السابقة، حيث أضافت إصداراته مواد فاخرة وميزات جديدة للكاميرا. وكان لدى الشركة أيضاً وقت أفضل لإيصال المنتج للمستهلكين مقارنة بعطلات 2022، عندما أحدثت عمليات الإغلاق الوبائي في الصين اضطرابات في سلسلة التوريد. فهذه المرة لم تحدث مثل هذه المشكلات.

"أبل" تعدل "آيفون" و"أب ستور" لاسترضاء المنظمين في أوروبا

استمر قسم خدمات "أبل"، الذي يتضمن متجر التطبيقات "أب ستور" (App Store) ومنصات البث، في التفوق على الأقسام الأخرى. فقد حقق إيرادات بلغت 23.1 مليار دولار خلال فترة العطلات، بزيادة 11% عن العام السابق. ومع ذلك، كان هذا المبلغ أقل بقليل من توقعات وول ستريت البالغة 23.4 مليار دولار.

انخفاض مبيعات "آيباد"

كذلك، ذكرت "أبل" في نوفمبر أن مبيعات جهاز "آيباد" كانت ضعيفة خلال العطلات. فقد انخفضت إيراداته بنسبة 25% إلى 7.02 مليار دولار، مقارنة بمتوسط توقعات المحللين البالغة 7.06 مليار دولار.

وما زاد الأمر سوءاً أن "أبل" لم تطلق أي طرازات جديدة خلال العام الماضي، وهي أول مرة يحدث فيها ذلك منذ إطلاق "آيباد" في 2010. لكن الشركة تستعد للكشف عن مجموعة جديدة من أجهزة "آيباد" في بداية الشهر المقبل، حسبما أفادت "بلومبرغ نيوز".

حدثت "أبل" تشكيلة حواسيبها في أكتوبر بتقديم ثلاثة طرازات جديدة من "ماك بوك برو" و"أي ماك"، مدعومة بمعالجات "إم 3" (M3) الأسرع. وهذا ساعد على زيادة المبيعات قليلاً إلى 7.78 مليار دولار، لكنها لا تزال أقل من التقديرات البالغة 7.9 مليار دولار.

"آيفون" يتصدر الهواتف الأكثر مبيعاً في الصين رغم التحديات

وانخفضت إيرادات قطاع الأجهزة القابلة للارتداء والمنزل والإكسسوارات للشركة، والذي يشمل ساعة "أبل ووتش" وسماعات الأذن "إيربودز" وجهاز فك التشفير، بنسبة 11% لتصل إلى 11.95 مليار دولار. ولم تحصل هذه المنتجات على تحديثات كبيرة هذا العام، مما قد يكون أثر سلباً على المبيعات. واجهت "أبل" أيضاً حظراً في الولايات المتحدة على مبيعات أحدث ساعاتها الذكية بسبب نزاع حول براءات الاختراع، لكن ذلك حدث بعد موسم التسوق في عيد الميلاد. واضطرت الشركة في النهاية إلى حذف ميزة قياس مستوى الأكسجين في الدم من الأجهزة.

مستقبل "أبل" في الصين

بشكل عام، تواجه "أبل" واحدة من أكثر الفترات اضطراباً منذ أن أصبح كوك رئيساً تنفيذياً للشركة قبل أكثر من عقد. فهي تتعرض لضغوط تنظيمية أكثر من أي وقت مضى، حيث تجبرها قوانين الاتحاد الأوروبي الجديدة على تغيير سياساتها في متجر التطبيقات. كما أن العديد من أكبر أسواقها في مرحلة النضج حتى مع نمو المبيعات في الربع الأخير. وبالرغم من أن نظارات "فيجن برو" قد تتيح أمام الشركة فرصة جديدة، ربما يكون الإصدار الأول من المنتج مكلفاً للغاية وغير عملي بالنسبة لمعظم المستهلكين.

كانت الصين مصدر القلق الأكبر بينما تتجه "أبل" نحو الأرباح. فقد فاز هاتف "آيفون" الخاص بـ"أبل" بحصة سوقية في المنطقة العام الماضي، لكن المبيعات واصلت الانخفاض. وتعد الصين أيضاً موطن مركز التصنيع الرئيسي للشركة، مما يزيد من أهميتها بالنسبة لـ"أبل". قال مايستري في المقابلة: "لا نزال نرى فرصة كبيرة لنا في الصين على المدى الطويل".