محافظ المركزي التركي الجديد يحمل معه خبرة من "أمازون" و"الفيدرالي"

فاتح كاراهان يحل محل حفيظة أركان بعد استقالتها المفاجئة بسبب ما وصفته بحملة تشهير ضدها وضد عائلتها

فاتح كاراهان المحافظ الجديد للبنك المركزي التركي
فاتح كاراهان المحافظ الجديد للبنك المركزي التركي المصدر: البنك المركزي التركي
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

محافظ البنك المركزي التركي الجديد هو خبير اقتصادي تلقى تعليمه في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، ويتولى منصبه الجديد بعد فترة انتقالية سريعة تحوّل معها الاقتصاد الذي يقارب حجمه تريليون دولار، إلى سياسة نقدية أكثر تشدداً.

عُيّن فاتح كاراهان على رأس مسؤولي الهيئة النقدية في الساعات الأولى من يوم أمس السبت ليحل محل حفيظة غاية أركان، أول رئيسة للبنك المركزي في تركيا. وكانت أركان قد استقالت فجأة قبل ذلك بساعات، عبر إعلان على موقع (إكس)، مشيرة إلى حملة تشهير ضدها وضد عائلتها في وسائل الإعلام المحلية.

لا تغيير في السياسات

على الرغم من أن قصر ولاية محافظي البنك المركزي التركي ليس أمراً غريباً في تركيا -حيث شغلت أركان هذا المنصب لثمانية أشهر فقط- فإن المستثمرين يقولون بالفعل إن هذا التغيير يختلف عن التجارب السابقة التي أحدثت اضطراباً في السوق، لأنه لا يحركه تفضيل الرئيس رجب طيب أردوغان لأسعار الفائدة المنخفضة. وقال كل من "جيه بي مورغان تشيس آند كو" و"مورغان ستانلي" إن من المرجح أن يعتمد كاراهان سياسة نقدية أكثر تشدداً من أركان.

كتب فاتح أكسيليك، المحلل في "جيه بي مورغان"، في مذكرة للعملاء: "على الرغم من أن التغييرات المفاجئة في القيادة تزعج المستثمرين، فإننا نرى محافظ البنك المركزي التركي الجديد إيجابياً لخفض التضخم والليرة. نتوقع أسعار فائدة مرتفعةً لفترة أطول مع إجراءات احترازية كلية أكثر صرامةً".

توقعات باتّباع محافظ "المركزي" التركي نفس السياسات التقليدية

كان كاراهان مؤيداً للتشديد النقدي منذ انضمامه إلى لجنة السياسة النقدية في يوليو، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لخصوصية المناقشات الداخلية للبنك. وُلد في عام 1982، وتظهر سيرته الذاتية أنه عمل خبيراً اقتصادياً محترفاً في الولايات المتحدة لأكثر من عقد، إذ عمل في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك و"أمازون دوت كوم" منذ حصوله على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا عام 2012.

وكتب هاندي كوكوك، الاقتصادي في "مورغان ستانلي"، في تقرير بعد التغيير: "على عكس التغييرات السابقة للمحافظين في عامي 2019 و2021، فإن هذا لا يشير إلى تغيير في اتجاه السياسة، أو تفضيل سياسي لأسعار فائدة منخفضة. نتوقع أن يواصل البنك المركزي التركي إطار السياسة النقدية التقليدية الذي يعطي الأولوية لخفض التضخم".

قصر ولاية محافظي البنك المركزي التركي أمر معتاد في تركيا
قصر ولاية محافظي البنك المركزي التركي أمر معتاد في تركيا المصدر: بلومبرغ

شيمشك قائد الاقتصاد التركي

وسارع المسؤولون الأتراك إلى التأكيد على أن السياسات الاقتصادية التي بدأت في عهد أركان والتي وضعت تركيا على مسار أكثر شيوعاً في العام الماضي، سوف تستمر بغض النظر عن التغيير في القيادة، مضيفين أن تعيين كاراهان يعزز التحول إلى السياسات التقليدية. وقبل تعيين كاراهان، قال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، وهو مصرفي سابق في "وول ستريت" يحظى باحترام وثقة المستثمرين على نطاق واسع، إن المحافظ الجديد سيأتي بتوصية منه.

وقال شخص مطلع على الأمر إنه من المتوقع تأجيل خفض أسعار الفائدة حتى نهاية العام الجاري على الأقل تحت قيادة كاراهان للبنك. وكان بعض المحللين يتوقعون أن يبدأ الخفض في وقت مبكر من الربع الثالث.

استقالة رئيسة "المركزي" تجدد الضغوط على الليرة التركية

ومن المنتظر أن يكون أول ظهور علني لكاراهان في منصبه الجديد في 8 فبراير في أنقرة، حيث سيطرح توقعات جديدة للتضخم ويتلقى أسئلة من المراسلين والمحللين أثناء عرض تقرير التضخم الفصلي.

وقال إيمري بيكر، مدير "أوراسيا غروب" (Eurasia Group) في أوروبا: "نتوقع أن يصدر كاراهان بياناً قوياً لدعم السياسات النقدية المتشددة والعمل بشكل وثيق مع شيمشك. ترقيته أقل أهمية من حقيقة أن شيمشك سيظل مسؤولاً بقوة عن قيادة الاقتصاد التركي ورسم مسار السياسة العامة".

رأي بلومبرغ إيكونوميكس... "لا نتوقع تحولاً كبيراً في سياسة البنك المركزي بعد تغيير الإدارة. وفي الواقع نعتقد بأن البنك المركزي من المرجح الآن أن يرفع أسعار الفائدة إذا ساءت توقعات التضخم. نتوقع أن يواصل البنك أيضاً تشديد السياسة في ظل كاراهان من خلال أدوات بديلة وتنظيم مصرفي بالإضافة إلى خطوات السيولة التي تهدف إلى امتصاص المعروض الزائد من الليرة في السوق". — سيلفا بحر بازيكي، خبيرة اقتصادية

خبرة اقتصادية كبيرة

أما في "أمازون"، فإن الوقت الذي قضاه كاراهان خبيراً اقتصادياً كبيراً أتاح له إجراء أبحاث تتعلق بـ"العمالة وكفاءة المخزون وغير ذلك"، وفقاً لموقعه الشخصي على الإنترنت. وتشير سيرته الذاتية المنشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي إلى أنه بدأ حياته المهنية خبيراً اقتصادياً في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك عام 2012، ثم انتقل لاحقاً للعمل كمستشار للسياسة النقدية ورئيس فريق دراسات سوق العمل والمنتجات حتى 2022.

وحصل كاراهان على شهادة جامعية من جامعة بوغازيجي المرموقة في تركيا في الرياضيات والهندسة الصناعية، وعمل أستاذاً مساعداً في جامعتي نيويورك وكولومبيا، ولديه طفلان عمرهما 5 و13 سنة.

وهو أيضاً ابن شقيق السفير التركي المنتهية ولايته لدى الولايات المتحدة، مراد مرجان.

أردوغان يدعم محافظة "المركزي" بعد مزاعم بتدخّل عائلتها في شؤون البنك

طُرح اسم كاراهان كنائب محتمل لشيمشك في وزارة الخزانة خلال إصلاح السياسة الذي بدأ بعد فوز أردوغان بفترة ولاية ثالثة كرئيس في مايو، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات. وقال أحد الأشخاص إن خبرته في الاقتصاد الكلي جعلته أكثر ملاءمة للبنك المركزي.

كما عملت أركان، المحافظة المنتهية ولايتها، فترات طويلة في الولايات المتحدة مديرةً تنفيذيةً في مصارف منها "غولدمان ساكس غروب" وفيرست ريبابليك بنك"، حيث ترقت إلى منصب الرئيس التنفيذي المشارك. وغادرت البنك الأخير الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقراً له قبل نحو عام ونصف العام من إفلاسه.

تحول حاد في السياسة

وإلى جانب شيمشك ولجنة السياسة النقدية المحدثة، قادت أركان تحولاً حاداً في السياسة الاقتصادية لاقى ترحيباً من المستثمرين، حيث رفعت سعر الفائدة لكبح التضخم الجامح. ورفع البنك المركزي في عهد أركان أسعار الفائدة بمقدار 3650 نقطة أساس تراكمية إلى 45%.

ومن المتوقع أن تعلن تركيا أن التضخم لا يزال مرتفعاً عند نحو 65% في يناير، وفقاً للتقدير المتوسط في استطلاع بلومبرغ لآراء اقتصاديين. ويشير المسح الأخير للتوقعات الذي أجراه البنك المركزي إلى انخفاض التضخم إلى 42.1% في نهاية العام، بالقرب من أعلى نطاق توقعات البنك الصادر في نوفمبر والذي يتراوح بين 30 إلى 42%.