روسيا تبقي سعر الفائدة دون تغيير عند 16% قبل الانتخابات الرئاسية

بنك روسيا المركزي يقلل من احتمالات التيسير النقدي وسط استمرار التضخم الملتهب

مقر البنك المركزي الروسي في موسكو
مقر البنك المركزي الروسي في موسكو المصدر: أ. ف. ب/غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أبقى بنك روسيا المركزي أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الأولى منذ يونيو، حيث يتحول بعيداً عن دورة التشديد النقدي التي أدت إلى مضاعفة تكاليف الاقتراض في النصف الثاني من العام الماضي.

ترك صناع السياسات النقدية سعر الفائدة الرئيسي عند 16% يوم الجمعة، في اجتماعهم الأخير قبل انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل، لتتماشى بذلك مع إجماع الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبرغ.

ولم يقدم بنك روسيا أي توجيهات بشأن الاتجاه المحتمل لخطوته التالية في البيان المصاحب لقراره.

توقف تباطؤ معدل التضخم في الشهر الماضي على غير المتوقع، مخلفاً وراءه مستوى من التضخم يتجاوز ضعف المعدل المستهدف البالغ 4% بعد زيادة أسعار الفاكهة والخضراوات.

يمثل ارتفاع تكاليف المعيشة مصدراً للقلق في بلدٍ مثل روسيا، حيث ذكر المشاركون في استطلاع حديث زيادة التضخم في الترتيب الثاني بعد الازمات الصحية الخطيرة ضمن أهم المخاوف التي تهددهم هذا العام. وذلك على الرغم من أن فلاديمير بوتين لا يواجه تحدياً يُذكر في سعيه إلى ولاية رئاسية جديدة بعد عامين تقريباً من غزو أوكرانيا.

كبح التضخم في روسيا

أضاف المركزي في البيان: "عودة التضخم إلى المستوى المستهدف في عام 2024، واستقراره بشكل أكبر بالقرب من 4%، يتطلبان الحفاظ على السياسة النقدية المتشددة في الاقتصاد لفترة طويلة. وعلى المدى المتوسط، لا يزال ميزان مخاطر التضخم يميل نحو الاتجاه الصعودي".

ومن المقرر أن تعلق محافظة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، على القرار في مؤتمر صحفي يُعقد في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر بموسكو.

محافظة المركزي الروسي: نستعد لمزيد من العقوبات

وبعد الاجتماع السابق في ديسمبر، قالت نابيولينا إن صناع السياسات النقدية "اقتربوا من نهاية" دورة رفع أسعار الفائدة، لكنها تعهدت بالحفاظ على تشديد السياسة النقدية طالما كان ذلك ضرورياً لكبح التضخم نحو مستهدفه.

وإلى جانب إعلان سعر الفائدة يوم الجمعة، كشف بنك روسيا أيضاً عن توقعاته المحدثة، حيث أبقى على تقديرات التضخم لهذا العام دون تغيير، وتوقع استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة.

يوضح الاجتماع الأول للمركزي هذا العام التغيرات التي طرأت على طريقة توصل بنك روسيا لقراراته ومبرراته، وذلك كجزء من جهد أوسع لجعل السياسة النقدية أكثر شفافية. ولأول مرة، سيبدأ المركزي بنشر ملخص للمناقشات التي جرت قبيل وأثناء اجتماعات أسعار الفائدة، مع نشر الملخص علانية في يوم العمل السادس بعد كل قرار.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

قال أليكساندر إزاكوف، المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون روسيا: "إن قرار بنك روسيا بإبقاء سعر الفائدة دون تغيير عند 16% يعني أن الاقتصاد الروسي يتجه نحو التباطؤ. ولا توجد حاجة ملحة تدفع المركزي لخفض أسعار الفائدة، حيث ما يزال الاقتصاد محموماً. كما ارتفعت مبيعات التجزئة في ديسمبر بنسبة 10% على أساس سنوي ومعدل البطالة عند أدنى مستوياته في تاريخ روسيا الحديث.

تغير أسعار الفائدة الروسية

في أعقاب زيادة أسعار المستهلكين في العام الماضي، عادت أسعار الفائدة الروسية إلى مستويات لم تشهدها منذ الأشهر الأولى التي أعقبت غزو أوكرانيا في فبراير 2022. ونبهت نابيولينا إلى أنها لا ترى أي فرصة لخفض الفائدة قبل النصف الثاني من عام 2024.

وقال ديمتري بوليفوي، مدير الاستثمار في شركة "أسترا أسيت مانجمنت" (Astra Asset Management)، إن خفض أسعار الفائدة قبل يونيو سيكون محتملاً فقط إذا ثبت أن التضخم تحت السيطرة وتباطأ الطلب المحلي.

ومع زيادة إنفاق الحكومة بكثافة على المجهود الحربي، ساهمت سياسة التيسير النقدي في ارتفاع التضخم على مدى الأشهر الثلاثة الماضية بأكثر مما ساهمت مشكلات جانب العرض المرتبطة بصعوبة الوصول إلى السلع المطلوبة، بحسب "بلومبرغ إيكونوميكس".

كذلك تسبب ضعف الروبل في زيادة أسعار المنتجات من السيارات إلى البيض، وعزز الضغوط الناتجة عن ارتفاع الطلب الاستهلاكي الذي أشعلته زيادة الأجور وطفرة الإقراض.

عودة هبوط الروبل أمام الدولار تُفاقم الضغوط على بنك روسيا

ومن المتوقع أن تستمر الآثار المترتبة على الحرب عقبة أمام تراجع التضخم في ظل ارتفاع الأجور بسبب النقص الشديد في الأيدي العاملة. وعلى الرغم من انخفاض توقعات زيادة الأسعار عند الأسر إلى أقل من 12% في فبراير، فإنها تظل مرتفعة من الناحية التاريخية وتشكل "عقبة أمام بداية دورة تيسير في السياسة النقدية"، وفق تقديرات دونتس.

ارتفع معدل التضخم السنوي بنسبة طفيفة إلى 7.57% خلال الأيام السبعة المنتهية في 12 فبراير، مقارنة مع 7.27% خلال الأسبوع الأسبق، وفقاً لأرقام وزارة الاقتصاد.

وقالت تاثا غوس، الخبيرة الاقتصادية في كومرتس بنك (Commerzbank)، عبر تقرير: "حتى أواخر العام الماضي، كانت التوقعات هي أن رفع أسعار الفائدة قد يستمر لوقت أطول، لكن زخم التضخم تباطأ بشكل واضح منذ ذلك الحين". ومع ذلك، فإن ارتفاع التضخم خلال الشهر الماضي "يُعد سبباً قوياً وراء عدم قيام البنك المركزي على الأرجح بخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب".