الوقود المستدام يُظهر أن قطاع الطيران بدون أفكار مبتكرة

حكومة سنغافورة ستفرض على شركات الطيران اعتماد الوقود الأكثر صداقة للبيئة بحلول 2026

قمرة القيادة لطائرة "إمبراير إي 195 - إي 2" أثناء معرض سنغافورة للطيران في سنغافورة
قمرة القيادة لطائرة "إمبراير إي 195 - إي 2" أثناء معرض سنغافورة للطيران في سنغافورة المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعد معرض سنغافورة الجوي، الذي ينعقد كل عامين، فرصة لصناعة الطيران لعرض التقدم المحرز في كل شيء، بدءاً من القوة العسكرية وحتى راحة المسافرين. رغم استعراض كثير من الأجهزة والمهارات البهلوانية هذا العام، تبدو المواضيع الرئيسية للحدث المتمثلة في الاستدامة والابتكار جوفاء.

بدأت حكومة سنغافورة الفعاليات بالإعلان أنه اعتباراً من 2026، ستُجبر شركات الطيران على اعتماد وقود الطيران المستدام، المنبعث منه كربون أقل بنسبة 80% من الكيروسين، وأنها ستفرض رسوماً على الركاب لتمويل هذه الخطوة. ذكر وزير النقل تشي هونغ تات أن تكلفة تذكرة الدرجة الاقتصادية من سنغافورة إلى لندن ستزداد بمقدار 16 دولاراً سنغافورياً (12 دولاراً أميركياً) بناءً على التوقعات الحالية، مع تطبيق أسعار أعلى للدرجات الممتازة.

بدلاً من إثارة الضجة، قدمت الصناعة دعماً فاتراً. ولفت ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي، إلى أن "تكلفة التحول نحو الحياد الكربوني ستكون باهظة". فيما قال كريستيان شيرير، الرئيس التنفيذي للطائرات التجارية لدى "إيرباص"، إن الرسوم المفروضة على الوقود المستدام "تسير في الاتجاه الصحيح".

رسوم إضافية للسفر الجوي

رغم أن الضريبة الجديدة في سنغافورة تستهدف تحقيق الاستدامة، فإنها ليست مبتكرة للغاية. فقد وجدت رسوم الوقود الإضافية منذ فترة طويلة، حيث تعتبر وسيلة ملائمة لتمرير الناقلات الجوية تلك التكاليف إلى العملاء، بما يتماشى مع أسعار النفط المضطربة. وغالباً ما تضيف السلطات المحلية والمطارات نفقات إضافية على السفر الجوي تتراوح بين ضرائب المغادرة ورسوم القطاع المُطبقة على كل مسافر.

اضطراب سلاسل التوريد يؤخر تسيير أطول الرحلات الجوية في العالم

هذه الرسوم الإضافية يمكن للناقلات الجوية دعمها. وربما تكون التكلفة الصافية هي نفسها، لكن بهذه الطريقة يمكن لشركة الطيران تحديد سعر أقل للركاب. وهذا البند الإضافي في سعر التذكرة يمثل فرصة لبعض التسويق الجيد.

الأهم من ذلك أن الرسوم ستُستخدم لسد فجوة التكلفة بين وقود الطائرات التقليدي ونظيره المستدام، الذي يعد أكثر تكلفة بثلاث إلى خمس مرات. وتدعم الحكومة تكلفة بناء قدرات الوقود المستدام بشرائها لهذا الوقود الحيوي مباشرة، حيث يجري ذلك عبر تضخيم الطلب بشكل مصطنع، مما يضمن للموردين إيرادات مستقبلية مستقرة لتمويل التوسع. وبدلاً من تحمل شركات التكرير وشركات الطيران كامل التكلفة، تضمن حكومة سنغافورة أن يتحمل المسافرون التكلفة مباشرة.

"إيرباص" تتجه نحو الوقود المستدام

تحرص "إيرباص" أيضاً على التحول إلى الوقود المستدام، فقد أظهرت التزامها بذلك عبر التوجه إلى سنغافورة بطائرة "إيه 350" مزودة بـ35% من مزيج الوقود المستدام.

"إياتا" يتوقع زيادة إنتاج وقود الطيران المستدام 3 أضعاف في 2024

لكن التاريخ يُظهر أن أنواع الوقود الحيوي هذه أقل صداقة للبيئة مما تعتقده الصناعة. فمن الناحية النظرية، يمكن للنفايات مثل زيت الطهي أن تكون مادة خام لوقود الطائرات المستدام الذي يأتي من النباتات بدلاً من الوقود الأحفوري، لكن جمعها ومعالجتها مكلف وغير فعال. لذا فإن الحل الأسهل كان زراعة محاصيل أكثر. يمكن القول إن السياسات الأميركية الرامية لزيادة كمية الإيثانول المستخدم في السيارات كانت أكثر فائدة بالنسبة لمزارعي الذرة الأميركيين من الكوكب، وسط مساهمة الفحم في توليد جزء كبير من الكهرباء المقدمة لمعامل التكرير.

في سنغافورة، من المرجح أن يكون زيت النخيل المحصول المفضل، حيث يعتبر مُلاك الأراضي في ماليزيا وإندونيسيا المجاورتين أكبر المستفيدين. وينبغي أخذ الأثر البيئي والانتهاكات العمالية التي ستؤثر سلباً على الصناعة في الاعتبار. ورغم أننا ننتقد أحياناً تدمير غابات الأمازون المطيرة لإطعام العالم شطيرة برغر، ستكون هناك كارثة إذا بدأ قطاع الطيران في اتباع مسار مماثل في محاولة لتحسين سمعته البيئية.

مع ذلك، هناك سبب يُشعر قادة الصناعة بضرورة فعل ذلك.

تحسينات بيئية في قطاع الطيران

شهد قطاع الطيران بالفعل معظم التحسينات البيئية الممكنة. فقد أصبحت الطائرات أخف وزناً بفضل استبدال الألومنيوم بالمواد المركبة، فيما أدت التعديلات المستمرة على التصميمات إلى جعلها أكثر سلاسة. فعلى سبيل المثال، يؤدي انحناء الجناح إلى أعلى نسبياً إلى تقليل المقاومة ويحد من استهلاك الوقود بنسبة 6.5%، وفقاً لإحدى الدراسات.

هذا الدافع نحو الكفاءة كانت له عواقب مأساوية. فقد حدثت شركة "بوينغ" طائرتها "737" من خلال تزويدها بمحرك أكبر وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود. لكن لضمان التكيف مع هذا الحجم الأكبر بسرعة وضمان ارتفاع مستوى الطائرة عن الأرض بشكل كافٍ، نقلت "بوينغ" المحرك ببساطة للأمام وللأعلى على الأجنحة الحالية لطائراتها. وهذا تسبب في اختلال توازن طائرة "737 ماكس 8"، وهي مشكلة أصلحها صانع الطائرات بإضافة برنامج تحكم في الطيران. ولم يكن الطيارون على علم بالتغييرات، مما أدى إلى وقوع حادثين مميتين على الأقل واضطرت الصناعة للمضي قدماً بحذر أكبر.

إدارة الطيران الفيدرالية تأمر بتعليق تحليق بعض طائرات "بوينغ 737 ماكس 9"

خفض انبعاثات الكربون

رغم أن الشركات المصنعة للطائرات والمحركات تحاول جعل منتجاتها أخف وزناً وأكثر سلاسة وكفاءة في استهلاك الوقود، فإن المكاسب تتضاءل. إذ يتوقف الأمر الآن على كيفية تشغيل شركات الطيران لهذه الآلات الضخمة، مثل خفض أوزان الأمتعة المسموح بها، وإلغاء التسوق المعفي من الرسوم الجمركية على متن الطائرة، وتثبيت عربات طعام أخف وزناً. أو استخدام الوقود المستدام، الذي يقدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي أنه سيوفر معظم تخفيضات انبعاثات الكربون في صناعة الطيران خلال الـ25 عاماً المقبلة.

في الواقع، سيسهم ملء الخزانات بنسبة 6% من الوقود المستدام بحلول 2030 في خفض انبعاثات الكربون بنحو 5%، وهو تأثير أقل من انحناء طرف الجناح، فيما تبدو الخطط طويلة الأمد لرفع نسبة استخدام الوقود المستدام إلى 70% بحلول 2050 غير واقعية دون إزالة الغابات على نطاق واسع.

لكن هذا يعد تسويقاً جيداً. ففي النهاية، تجد شركات الطيران أنه من الأسهل بيع تعويضات الكربون وفرض رسوم الاستدامة بدلاً من إجبار الركاب على تقليل الأمتعة أو إلغاء التسوق المعفي من الرسوم الجمركية على متن الطائرة. واحدة على الأقل من هذه الخطوات تُحسن أوراق الاعتماد المراعية للبيئة للشركة.