روسيا تكثف تشييد بنيتها التحتية وسط آلام الحرب وتداعياتها

المشاريع امتدت من موسكو إلى المدن الجديدة التي ضمتها عقب حرب أوكرانيا

قصر الكرملين (يسار الصورة)، وكاتدرائية البشارة، في موسكو، روسيا
قصر الكرملين (يسار الصورة)، وكاتدرائية البشارة، في موسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كثفت روسيا التي ما زالت حربها في أوكرانيا قائمة منذ عامين، أعمال البنية التحتية التي امتدت من العاصمة موسكو إلى 4 مناطق جديدة انضمت إلى البلاد في خريف 2022.

ووسط تداعيات الحرب وآلامها، ضخت روسيا مليارات الدولارات لتشييد طريق ضخم، واستكمال أطول خط مترو في العالم، رغم انسحاب أغلب الشركات الأجنبية من البلاد والعقوبات التي حدت من قدرتها من الوصول إلى سلاسل الإمداد العالمية.

تشير البيانات إلى أن اقتصاد البلاد تعافى من آثار العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بالتنسيق مع حلفائها من الدول الأوروبية لمعاقبته على الحرب وإضعاف قدرة قواته.

انكمش اقتصاد روسيا في البداية وانخفض الروبل، إلا أنها تعافت في نهاية المطاف ويُتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 2.6% هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن الناتج المحلي الإجمالي الروسي سيكون أقل بنحو 10% في عام 2030 مما كان عليه لولا شن الحرب.

ورغم الأزمة الاقتصادية التي عانت منها روسيا خلال العامين الماضيين إلا أنها تمكنت من تنفيذ عدة مشاريع كبرى في البنى التحتية خلال تلك الفترة،

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على روسيا بعد وفاة نافالني

مشاريع بناء منازل جديدة في ماريوبول

من بين المدن التي قامت روسيا بإعادة إعمارها في العامين الماضين، مدينة ماريوبول الواقعة في جمهورية دونيتسك.

قالت مؤسسة "العميل الوحيد في مجال البناء" (Единый заказчик в сфере строительства) الروسية، إنها تتعاون بشكل وثيق مع الجانب الروسي في بناء منازل سكنية جديدة في ماريوبول.

وقال المكتب الإعلامي للمؤسسة الروسية لـ"الشرق" إنه في صيف 2023 الماضي تم تسليم مشروع جديد في المدينة لإسكان 680 عائلة الذي استغرق عاماً لتشييده، ويُعد ضمن سلسلة من مشاريع مشابهة ضخمة في مجال البنية التحتية في ماريوبول.

وأضافت المؤسسة الروسية أنها تقوم "ببناء 13 مبنى سكنياً متعدد الشقق في مناطق وسط وبريمورسكي والضفة اليسرى في ماريوبول".

"منذ صيف عام 2022، قامت الشركة ببناء 38 مبنى سكنياً في ماريوبول تحتوي على 2000 شقة بمساحة إجمالية تزيد عن 220 ألف متر مربع. الشقق التعويضية في المباني الجديدة هي مخصصة للمواطنين الذين فقدوا مساكنهم في ماريوبول"، وفق المؤسسة.

روسيا تحظر على السفن البريطانية الصيد في مياهها

طرق سريعة جديدة

تشيد روسيا مشاريع جديدة للطرق السريعة، ومن أكبرها طريق "إم–12" الكبير الذي يربط العاصمة الروسية موسكو مع مدينة قازان الروسية الواقعة في جمهورية تاتارستان، وجرى تنفيذ المخطط الأولي له خلال العامين الماضيين.

بافيل ستيبانوف، رئيس قسم النقل البري بمركز الاقتصاد والبنية التحتية الروسي الذي يقدم توصيات وجدوى اقتصادية ودراسة شاملة للحكومة الروسية في بناء مشاريع جديدة، قال إن بناء الطريق السريع بدأ في عام 2020، وبدأ تشغيل الأقسام الأولى في منطقتي موسكو وفلاديمير في خريف عام 2022، وفي سبتمبر 2023، تم افتتاح نصف الطريق (من موسكو إلى أرزاماس). وفي ديسمبر 2023، تم مد الطريق إلى قازان.

أضاف ستيبانوف في حديث لـ"الشرق" أن الطريق كان مخططاً في البداية بطول 810 كيلومترات ليربط مدناً مثل موسكو وفلاديمير وأرزاماس وكاناش حتى قازان وبعض المدن الصغيرة بتكلفة تزيد قليلاً عن 12 مليار دولار، لكن اتُّخذ قرار بمده من موسكو إلى تيومين الواقعة في سيبيريا ليصل طوله عند اكتماله إلى ألفي كيلومتر.

ومن المتوقع حسب ستيبانوف أن تبلغ القدرة الاستيعابية للطريق بين 20 و25 ألف سيارة يومياً، ويصل إلى 30 ألفاً بحلول 2030.

الخط الدائري الكبير لمترو موسكو

في مارس الماضي، دشّن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخط الدائري الكبير لمترو موسكو، وقالت الحكومة آنذاك إنه الأطول في العالم ليتفوق على الخط الصيني.

قال نيكيتا ماكوتسكي، رئيس قسم النقل بالسكك الحديدية بمركز الاقتصاد والبنية التحتية الروسي لـ"الشرق" إن بناء هذا المشروع "بدأ في 2011. تم افتتاح القسم الأول من الخط في عام 2018. وجرى تشغيل الخط بالكامل العام الماضي".

وكشف ماكوتسكي أن تكلفة هذا المشروع بلغت 8.8 مليار دولار، وتبلغ قدرته الاستيعابية 1.3 مليون مسافر يومياً، وخلال عام 2025 حتى 2027 من المتوقع أن ترتفع إلى مليوني مسافر يومياً.

تحديات تنفيذ المشاريع

قال أليكسي زوندريكوف كبير المحللين في شركة "شيربا غروب" (Sherpa Group) الروسية المتخصصة في البنية التحتية لـ"الشرق" إن "المشكلة الرئيسية هي أن إطلاق وتنفيذ مثل هذه المشاريع لا يزال يعتمد بشكل كبير على أموال الميزانية (الفيدرالية في المقام الأول)، ودعم الدولة والخطط الحكومية بشكل عام".

وتابع: "المراجعات والتحديثات للخطط، المتوقعة في عام 2024، تحد من نشاط مستثمري القطاع الخاص في إطلاق المشاريع".

يرى أن العديد من الشركات في الدولة تكيفت الآن على الظروف الجديدة التي تلزمها باستبدال الآلات والمعدات المستوردة والتكيف مع الزيادات الدورية في أسعار مواد البناء. وأضاف: "رحيل المستثمرين الأجانب أو الشركات الأجنبية لم يؤثر على سوق البنية التحتية، فخلال الفترة من 2020 و2022 كان هناك عدد قليل منهم على أي حال".