إسرائيل تبقي الفائدة بلا تغيير مع تزايد القلق من التضخم جراء اقتصاد الحرب

أوراق نقد إسرائيلية من فئة 100 شيكل
أوراق نقد إسرائيلية من فئة 100 شيكل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أبقى البنك المركزي الإسرائيلي أسعار الفائدة من دون تغيير اليوم الاثنين، واختار للمرة الثانية عدم تخفيضها بسبب قلقه من أن التضخم قد يتسارع مرة أخرى مع استمرار الحرب على حركة "حماس".

تركت اللجنة النقدية سعر الفائدة الرئيسي عند 4.5%، في مفاجأة لمعظم الاقتصاديين في استطلاع أجرته "بلومبرغ"، والذين توقعوا تخفيضاً بمقدار ربع نقطة مئوية.

وقلص الشيكل خسائره في البداية بعد الإعلان، قبل أن يتم تداوله على تراجع بنسبة 0.3% مقابل الدولار في الساعة 5:11 مساءً بالتوقيت المحلي.

وخلال حديثه بعد القرار في القدس، أوضح محافظ البنك المركزي أمير يارون أن البنك يحافظ على تحيزه لسياسة التيسير، قائلاً إنه قد يستأنف خفض أسعار الفائدة إذا استقر التضخم.

وأضاف: "لا تزال هناك حالة من عدم اليقين في ما يتعلق بتأثير الحرب على التضخم". مشيراً إلى أنه "من المهم الاستمرار في اتباع سياسة مالية مسؤولة، وتوضيح ذلك في الأسواق التي تراقب النشاط في إسرائيل اليوم أكثر من أي وقت مضى".

اقرأ أيضاً: إنفوغراف: ماذا فعلت حرب غزة باحتياطي إسرائيل من النقد الأجنبي؟

أولويات متنافسة

يعكس هذا التوقف عن خفض الفائدة الأولويات المتنافسة التي تجتذب صناع القرار السياسي مع اقتراب الحرب على "حماس" من شهرها السادس. فعلى الرغم من إدراكه للمخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد بعد الانكماش شبه القياسي في الربع الأخير، إلا أن البنك المركزي حذر من أن الإنفاق الحكومي الكبير كنتيجة للصراع، يمكن أن يقف عقبة أمام المزيد من التيسير النقدي، بالإضافة إلى القلق بشأن تقلبات الشيكل، والأوضاع الجيوسياسية، وخفض التصنيف الائتماني.

وبالحكم على تباطؤ نمو الأسعار في الأشهر الأخيرة، فإن هناك مجالاً واسعاً أمام بنك إسرائيل لتقديم المزيد من التحفيز. ويتوقع قسم الأبحاث في "بنك إسرائيل" أن يتراوح سعر الفائدة بين 3.75% و4% في الربع الأخير من عام 2024، وهي توقعات قال المحافظ أمير يارون إنها قد تتضمن ما يصل إلى أربعة تخفيضات هذا العام.

وكرر البنك المركزي يوم الاثنين توجيهاته التي أطلقها منذ يناير، قائلا إنه "يركز على استقرار الأسواق وتقليل عدم اليقين، إلى جانب ثبات الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي"، وفقاً لبيان مصاحب للقرار.

وأضاف: "هناك قدر كبير من عدم اليقين في ما يتعلق بشدة الحرب ومدتها"، مشيراً إلى أن "تقييم اللجنة هو أنه لا يزال هناك مخاطر مرتبطة بتسارع محتمل للتضخم".

اقرأ أيضاً: حرب غزة تزيد إنفاق إسرائيل الدفاعي 8 مليارات دولار في 2024

توافق مع البنوك المركزية الأخرى

وبتجنبها خفض أسعار الفائدة، فإن إسرائيل تتوافق على نحو وثيق مع سياسات البنوك المركزية العالمية.

أوضح مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مؤخراً أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم لخفض أسعار الفائدة. كما يؤكد العديد من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي أن التيسير النقدي لا يمكن أن يبدأ، إلا بعد تلقي المزيد من البيانات في الأشهر المقبلة.

يسود هدوء نسبي حتى الآن في الأسواق الإسرائيلية، على الرغم من خفض وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين تصنيف إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر، وهو أول خفض للتصنيف السيادي لإسرائيل على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: "موديز" تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني إلى "A2" بنظرة مستقبلية سلبية

منذ هذا القرار، أصبح الشيكل ثاني الأفضل أداءً في سلة مكونة من 31 عملة رئيسية تتبعها "بلومبرغ"، وهو ارتفاع مدعوم بمكاسب أسهم التكنولوجيا العالمية. فيما يتم تداول الشيكل عند مستوى أقوى مما كان عليه قبل الحرب، مرتفعاً بأكثر من 12%، بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ 11 عاماً في أواخر أكتوبر الماضي.

ورغم أن الفارق في أسعار الفائدة بين إسرائيل والولايات المتحدة تقلص مع خفض الفائدة الإسرائيلية في بداية العام، فإن تكاليف الاقتراض الرسمية في إسرائيل تقترب من 2% عند تعديلها وفقاً للتضخم، مقارنة بما هو عليه في كندا، وبفارق أكبر مما هو عليه في الاقتصادات المتقدمة من المملكة المتحدة إلى منطقة اليورو.

تباطأ معدل التضخم السنوي في إسرائيل أو لم يتغير في جميع الأشهر الـ12 الماضية، باستثناء شهر واحد، ليدخل النطاق الذي تستهدفه الحكومة، والذي يتراوح بين 1% و3% للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.

رغم ذلك، فزيادة الإنفاق الحكومي تزيد من خطر ثبات التضخم، خاصة إذا استمر نقص العمالة، حيث يؤدي ارتفاع تكاليف الشحن إلى زيادة الضغوط.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تخفض الفائدة لأول مرة منذ الجائحة رغم مخاطر الحرب

غموض الحرب يعارض تعافي انتعاش الاقتصاد

يمثل المسار المستقبلي للصراع القدر الأكبر من عدم اليقين، وهو ما يبرزه التهديد بأن المعركة قد تمتد على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، حيث يتبادل جيشها إطلاق النار مع "حزب الله" المدعوم من إيران.

ويتناقض التباطؤ الاقتصادي نهاية العام الماضي أيضاً مع علامات الانتعاش السريع التي ظهرت مع بداية العام، خاصة في الاستهلاك الشخصي وسوق العمل التي شهدت انخفاضاً حاداً في معدل البطالة من قفزة أكتوبر الماضي. كما تحول مؤشر مديري المشتريات الإسرائيلي في يناير مرة أخرى إلى التوسع من الانكماش، وفقاً لبنك "هبوعليم".

جيل بوفمان، كبير الاقتصاديين في بنك "لئومي" توقع استئناف تخفيضات أسعار الفائدة لتصل إلى 4.25% في أبريل المقبل، بعد أن تُظهر التوقعات الاقتصادية المحدثة من قبل باحثي البنك المركزي على الأرجح "نمواً معتدلاً نسبياً في عام 2024 وتسارعاً كبيراً في العام التالي".

وأضاف أن "قرار عدم تغيير سعر الفائدة في الوقت الحالي، على الرغم من المؤشرات الواضحة على اقتراب التضخم من النطاق المستهدف لاستقرار الأسعار، فإنه استند بشكل أساسي إلى الدرجة العالية من عدم اليقين بشأن توقعات نطاق الحرب ومدتها وآثارها الاقتصادية".