الصين تحدد هدفاً طموحاً للنمو في 2024 عند 5% لتعزيز الثقة

توقعات بإطلاق كبار القادة في بكين مزيداً من حزم التحفيز لمواكبة هدف النمو الجديد

الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجلس الشعب الوطني الصيني في قاعة الشعب الكبرى، 5 مارس 2024
الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجلس الشعب الوطني الصيني في قاعة الشعب الكبرى، 5 مارس 2024 المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وضعت الصين هدفاً للنمو السنوي يقدر بنحو 5% في 2024، مما دعم التوقعات بإطلاق كبار القادة في البلاد مزيداً من حزم التحفيز، في إطار محاولاتهم لتعزيز الثقة بالاقتصاد الذي يعاني من تراجع قطاع العقارات والانكماش المستمر.

خلال تقديم رئيس مجلس الدولة، لي تشيانغ، تقرير عمله الأول أمام مجلس الشعب الوطني في افتتاح جلساته يوم الثلاثاء، اعترف تشيانغ بمواجهة ثاني أكبر اقتصاد في العالم لتحديات. وقال أمام آلاف النواب المجتمعين في قاعة الشعب الكبرى في بكين: "تحقيق هذه الأهداف لن يكون سهلاً علينا.. نحتاج إلى دعم سياسي وتضافر الجهود على جميع الجبهات".

يتطابق هدف الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مع نظيره في 2023، والذي توقع الاقتصاديون الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم قبل انعقاد اجتماع مجلس الشعب الوطني أن تكرره بكين في 2024 رغم قاعدة المقارنة الأعلى.

ورجح محللون في استطلاع منفصل أوسع نطاقاً نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.6% هذا العام، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه صناع السياسات وهم يحاولون ترشيد حزم التحفيز الكبيرة.

استعادة الثقة في الاقتصاد الصيني

يتزامن الاجتماع السياسي السنوي الأكثر بروزاً في الصين مع محاولات الرئيس، شي جين بينغ، استعادة الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من أزمة عقارية مطولة ورياح معاكسة ناجمة عن التنافس الجيوسياسي مع الولايات المتحدة. ودعا المستثمرون إلى اتخاذ إجراءات أقوى، مع استمرار المديرين الأجانب في النزوح بعيداً عن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

قال درو طومسون، المسؤول السابق في البنتاغون وزميل أول بكلية "لي كوان يو" للسياسة العامة في سنغافورة: "يأتي تحديد بكين لهدف الناتج المحلي الإجمالي السنوي وسط معاناتها من سوق هابطة بهدف تعزيز الثقة وإبطاء التدهور الاقتصادي. فبدون ضخ حزم تحفيز كبيرة تركز على المستهلك أو سياسات لتحرير السوق، ستستمر الشركات الأجنبية في الصين بمواجهة تحديات".

اقرأ المزيد: لماذا يجب أن يهتم المستثمرون باجتماع مجلس الشعب في الصين؟

لم يتغير سعر اليوان كثيراً داخل أو خارج البلاد صباح الثلاثاء بعد الإعلان عن أهداف النمو الرئيسية في الاجتماع السنوي لأعلى هيئة تشريعية في الصين. وانخفض اليوان محلياً بنحو 1.4% مقابل الدولار الأميركي منذ بداية هذا العام نتيجة الفارق الكبير في أسعار الفائدة بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى تباطؤ الدولة الآسيوية العملاقة.

الصين تخطط لإصدار سندات جديدة

كشفت الصين أيضاً عن خطط لإصدار سندات حكومية مركزية خاصة طويلة الأجل بقيمة تريليون يوان (139 مليار دولار) هذا العام. وقال تقرير تشيانغ إن مثل هذا الإصدار -الذي يعتبر خطوة نادرة لبكين- من المقرر أيضاً أن يتم اتخاذه في السنوات المقبلة من أجل دعم الاستراتيجيات الوطنية الرئيسية.

وذكرت "بلومبرغ نيوز" في وقت سابق أن السلطات الصينية تدرس إصدار سندات من هذه الفئة بقيمة تريليون يوان لتمويل المشاريع. وتمثل هذه الخطوة الإصدار الرابع فقط من نوعه خلال 26 عاماً ماضية، والتي كان آخرها في عام 2020 عندما أصدرت السلطات سندات بقيمة تريليون يوان من تلك الفئة لتمويل الإجراءات المتعلقة بالتصدي لوباء كوفيد.

نائب رئيس الصين يحث الشركات الأميركية على إيجاد مجالات تعاون جديدة

على الجانب الآخر، حددت الصين هدفها الرسمي للعجز المالي عند 3%، رغم ارتفاعه في منتصف عام 2023 إلى 3.8%. وتوضح هذه الخطوة أن السلطات الصينية "تحاول الموازنة بين النمو والوقاية من المخاطر" حسبما قال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال" (Jones Lang LaSalle).

وأضاف: "ستستمر الحكومة المركزية في تحمل عبء العجز في الغالب، إذ ستكثف مدفوعاتها إلى الحكومات المحلية للمساعدة في منع واستبعاد مخاطر الديون المحلية".

التصدي لأزمة سوق العقارات

لأول مرة منذ عام 2019، حُذف شعار الرئيس شي بأن "الإسكان للعيش وليس للمضاربة فيه" من التقرير، وسط محاولات كبار القادة تحقيق الاستقرار في سوق العقارات التي كانت مسؤولة فيما مضى عن توفير ربع الناتج المحلي الإجمالي في البلاد تقريباً. واستخدم المسؤولون هذه العبارة بشكل متكرر منذ عام 2016، حتى أصبحت شعاراً مهماً لبكين للإشارة إلى عزمها على تهدئة تقلبات السوق.

اقرأ المزيد: بنوك الصين تدعم سوق العقارات المتعثرة بـ28 مليار دولار

كما أن تقرير تشيانغ -الذي تم تسليمه إلى آلاف النواب من جميع أنحاء الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة- سيشهد تدقيقاً كبيراً أيضاً للبحث عن أدلة حول خطط السلطات للتحفيز المالي والنقدي، والتي يمكن أن تؤثر على أسعار السلع الأساسية العالمية والتضخم. وكان رئيس الوزراء قد أشار في السابق إلى أن السلطات لن تعتمد على ضخ حزم تحفيز ضخمة لدعم النمو، وذلك في محاولة لتخليص البلاد من النمو المدعوم بالديون.

شفافية البيانات الصينية

يرى تشونغ جا إيان، الأستاذ المشارك بالعلوم السياسية في جامعة سنغافورة الوطنية، أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد التحقق بشكل مستقل من مدى انتشار النمو الاقتصادي الصيني أو تخلخله عبر مناحي الاقتصاد بأكمله، نظراً للقيود الأكبر المفروضة على الوصول إلى البيانات.

الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين ينزلق لأقل مستوى منذ 30 عاماً

وألغت الصين فجأة يوم الاثنين تقليداً استمر ثلاثة عقود يقضي بعقد رئيس مجلس الدولة مؤتمراً صحفياً في مجلس الشعب الوطني، وكان هذا اللقاء يوفر فرصة نادرة للجمهور للتفاعل مع زعيم كبير، ومعرفة المزيد عن القرارات الاقتصادية. ومن المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى إثارة مخاوف المستثمرين حول غياب الشفافية في الصين، وهو ما يزعزع الثقة المتدهورة بالفعل حول وضع السياسات في البلاد.

يشير محللون إلى أن تقرير رئيس مجلس الدولة لي لم يقدم أي مفاجآت كبيرة من شأنها أن تحرك المياه الراكدة بشأن تحول معنويات المستثمرين، أو تعزيز التوقعات الخاصة بضخ حزم تحفيزية كبيرة.

واختتم أليكس لو، الخبير الاستراتيجي للأسواق الكلية في "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities): "لا أتوقع أن تشهد المعنويات دفعة كبيرة لأن رسالة السلطات ظلت دون تغيير إلى حد كبير. كما استبعد ضخ حزمة تحفيز كبيرة نظراً للمخاوف المتعلقة بالديون وعزم البلاد للحفاظ على وتيرة ثابتة ومستدامة للنمو".