عمليات مصادرة الأصول تؤرق أباطرة الأعمال الروس

شركات روسية تطلب من الكرملين ضمانات بعدم التعرض للمصادرة أو لمراجعات الخصخصة

أعواد من المعكرونة أثناء نقلها فوق سير داخل خط إنتاج في مصنع تابع لشركة "باريلا هولدينغ"، موسكو، روسيا
أعواد من المعكرونة أثناء نقلها فوق سير داخل خط إنتاج في مصنع تابع لشركة "باريلا هولدينغ"، موسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسعى شركات روسية للحصول على ضمانات من الكرملين بأنها لن تواجه مصادرة للأصول ومراجعات خصخصة، وسط قائمة متزايدة من حالات تأميم أصول مملوكة لأقطاب الأعمال الروس لعقود.

تشهد روسيا حالات متزايدة من تأميم الأصول المملوكة لأباطرة الأعمال المحليين منذ تسعينات القرن الماضي، مما دفع الشركات إلى طلب ضمانات من الكرملين بأنها لن تواجه مراجعات الخصخصة.

قال أوليغ فيوجين، النائب الأول السابق لمحافظ البنك المركزي الروسي: "بدأت عملية إعادة توزيع الأملاك ببطء. كان بوتين صرح بأن هناك حاجة إلى نخبة جديدة. يجري حالياً فرز النخبة الحالية، وهم أصحاب الأصول البارزون، وذلك على أساس مبدأ الولاء".

بوتين يخصص وحدة للبحث عن أملاك الإمبراطورية الروسية في الخارج

رفع ممثلو الادعاء ما لا يقل عن 55 قضية تهدف إلى تأميم الأصول منذ بدء غزو موسكو أوكرانيا قبل عامين، وفقاً لبحث نشرته صحيفة "آر بي سي" في موسكو خلال ديسمبر الماضي.

ماكفا

أحدث مثال على ذلك هو شركة "ماكفا" (Makfa)، وهي أكبر منتجة للمعكرونة في روسيا. ذكرت صحيفة "كوميرسانت" أمس الجمعة أن الادعاء أقام دعوى أمام المحكمة في تشيليابينسك بوسط روسيا لانتزاع السيطرة على الشركة.

تبلغ القيمة الإجمالية لأصول الشركة 46 مليار روبل (497 مليون دولار)، وتسيطر عليها عائلتا ميخائيل يوريفيتش، الحاكم السابق لمنطقة تشيليابينسك، ونائب الدوما السابق فاديم بيلوسوف.

روسيا تسيطر مؤقتاً على أصول محلية لـ"دانون" و"كارلسبرغ"

خصخصة شاملة

أتاحت عملية الخصخصة الشاملة التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي للعديد من رجال الأعمال الروس جمع ثروات كبيرة. حاول كثيرون منذ ذلك الحين تنويع أعمالهم عبر شراء أصول في أوروبا أو الولايات المتحدة، وتسجيل ممتلكاتهم في الخارج، ولكن الحرب التي شنها الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا قلبت خططهم رأساً على عقب.

بالنسبة إلى "ماكفا"، زعم المدعون أن يورفيتش وبيلوسوف كانا يسيطران ويديران الشركة عندما كانا مسؤولين، وهو أمر محظور بموجب القانون الروسي. ذكرت الصحيفة أن كلاهما غادرا روسيا قبل عدة سنوات بعد فتح قضايا منفصلة متعلقة بالفساد ضدهما، لكنهما استمرا في إدارة أعمالهما من قبرص والمملكة المتحدة. فرضت حكومة المملكة المتحدة عقوبة على بيلوسوف في 2022.

مع فرض العقوبات على أغلب المليارديرات الروس على مدى العامين الماضيين، فإن مصدر القلق التالي يتمثل في طبيعة قرارات الخصخصة التي استمرت لعقود، والتي قد يتم التراجع عنها.


بوتين: لا إلغاء للخصخصة أو تأميم للاقتصاد

الأمر محتدم للغاية حتى أن بوتين ناقشه خلال اجتماع مع موظفي مكتب المدعي العام في 26 مارس.

قال الرئيس الروسي إن الجهود الرامية إلى إعادة "عدد من الشركات الكبيرة والمجمعات العقارية إلى ملكية الدولة" مهمة، في حين حث على أن تكون مثل هذه التحركات قانونية ومبررة.

قال بوتين: "أود أن أوضح موقفي هنا على الفور: نحن لا نتحدث عن أي إلغاء للخصخصة أو تأميم للاقتصاد. لا يمكن أن يكون هناك حديث عن ذلك".

لم يرد مكتب المدعي العام على الفور لطلب التعليق أرسلته "بلومبرغ نيوز".

"مرسيدس": مصادرة روسيا للممتلكات تضع المليارات في خطر

تعديلات تشريعية

وضع الاتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال، وهو مجموعة ضغط تضم أكبر الشركات وأباطرة البلاد، تعديلات على التشريعات التي تهدف إلى حماية حقوق أصحاب الأعمال من العودة عن قرارات الخصخصة، حسبما صرح ألكسندر شوخين، رئيس الاتحاد، لوسائل الإعلام في فبراير.

على الرغم من تطمينات بوتين، فإن مثل هذه التحركات "لا تتبعها إجراءات عامة تهدف إلى التأكيد على أهمية مؤسسة الملكية"، وفق ميخائيل فينوغرادوف، رئيس مؤسسة سانت بطرسبرغ للسياسة، والذي أضاف: "لا توجد إرادة سياسية لعرقلة هذه العملية في الوقت الراهن".

من جهتها، قالت ناتاليا زوباريفيتش، المتخصصة في شؤون المناطق الروسية في جامعة موسكو الحكومية، إن هذا العام "سيُظهر حجم العملية. بمجرد أن تنطلق إجراءات مكتب المدعي العام، يصبح من الصعب جداً إيقافها".

نوّهت زوباريفيتش بأنه في كثير من الأحيان تكون الأصول المعنية ضرورية لصناعة الدفاع.

في فبراير، أيّدت محكمة "سفيردلوفسك" الإقليمية ادعاءات المدعين العامين، وأمرت بنقل ثلاثة مصانع إلى ملكية الدولة من المجموعة التي يقودها مصنع "تشيليابينسك للمعادن الكهربائية" (Chelyabinsk Electrometallurgical Plant).

كانت المجموعة، التي تمثل حوالي 80% من إنتاج السبائك الحديدية الروسية، خاضعة لسيطرة عائلة رجل الأعمال يوري أنتيبوف وشريكه التجاري منذ أوائل التسعينات.

موسكو تصادر مصانع فورتوم ويونيبر رداً على تجميد أصول روسية

استرداد توزيعات الأرباح

زادت قيمة المطالبة هذا الأسبوع إلى 105 مليارات روبل، من 25.8 مليار روبل حيث سعى المدعون أيضاً إلى استرداد توزيعات الأرباح.

احتُجز أنتيبوف لفترة وجيزة، لكن أُطلق سراحه بكفالة. ذكرت "آر بي سي" أن أعماله السابقة قد يتم نقلها إلى شركة "روستيك ستيت كورب" (.Rostec State Corp)، التي يرأسها حليف بوتين المقرب سيرجي تشيميزوف.

قالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة "آر. بوليتيك" (R.Politik) للاستشارات السياسية، وزميلة بارزة في مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا"، إن المالكين الذين يعيشون خارج روسيا معرضون لخطر كبير، بما في ذلك إذا صدرت عنهم تصريحات مناهضة للحرب.

سيطرت روسيا أيضاً في ديسمبر على واحدة من أكبر وكالات بيع السيارات في البلاد، والتي كانت مملوكة لعائلة سيرجي بيتروف، وهو أحد المنتقدين الأثرياء للكرملين ويعيش في النمسا حالياً.

يعد أندريه ميلنيشينكو، الذي يحمل جواز سفر إماراتياً، حالة نادرة لرجل أعمال تمكن من تسوية نزاع مع المدعين العامين. سُمح للملياردير بالاحتفاظ ببعض أصول الطاقة بعد أن وافقت شركته على المساهمة في تمويل المشاريع الخيرية التعليمية.

حتى المستثمرون الأقلية ليسوا آمنين. فقد وافقت محكمة في بيرم على مصادرة أسهم أكثر من 2000 مستثمر من الأقلية في مصنع "سوليكامسك" للمغنسيوم، وهو منتج للمعادن الأرضية النادرة، بعد أن أعلنت المحكمة في 2022 أن خصخصته كانت غير قانونية. وتم نقل الملكية إلى شركة "روساتوم" الحكومية.

قال فيوجين: "السلطات تصنّف الأعمال التجارية حالياً من حيث ما إذا كانت لديها ولاء للدولة أم لا. فالشركات التي تعتبر غير مخلصة قد تقرر السلطات نقل أصولها إلى أشخاص آخرين".