10 قضايا قد تغير معالم قطاعي النفط والسيارات في 2024

"إس آند بي غلوبال": تداخل العوامل الجيوسياسية والتقنية والاقتصادية قد يغير معالم القطاعين

مضخات نفط في حوض برميان في ميدلاند بولاية تكساس، تعمل وسط عاصفة ثلجية ضربت الولايات المتحدة الأميركية
مضخات نفط في حوض برميان في ميدلاند بولاية تكساس، تعمل وسط عاصفة ثلجية ضربت الولايات المتحدة الأميركية المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يواجه قطاعا النفط والسيارات في العالم منعطفاً دقيقاً، في ضوء التشابك المعقد بين العوامل الجيوسياسية والتكنولوجية والاقتصادية، إذ يعِد هذا التداخل بتغيير معالم الصناعتين، وفق "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".

تطرقت الوكالة في تقريرها إلى 10 قضايا قد تغيّر معالم أسواق النفط وقطاع السيارات، موضحة التحديات والفرص في المستقبل القريب.

1- استراتيجية "أوبك+"

أمام تحالف "أوبك+" قرار بالغ الأهمية، فهل يواصل خفض الإنتاج أم يدافع عن حصته السوقية، خصوصاً في ظل تصاعد النزاعات المسلحة في المنطقة وارتفاع الإمدادات القادمة من الأميركتين؟

ستتوقف الاستراتيجية على رؤية أعضاء التحالف لعام 2024 وما بعده، مع ارتفاع قدرته الإنتاجية الإضافية إلى نحو 5 ملايين برميل يومياً، تتركز بشكل رئيسي في السعودية والإمارات.

اقرأ أيضاً: تخفيضات "أوبك+" للإمدادات ترفع أسعار النفط 16% بالربع الأول

يشير التقرير إلى أن الضبابية تحيط بتوجه التحالف المستقبلي ووحدته، كما تبين من انسحاب أنغولا من التحالف في مطلع العام الجاري، بعد اختلاف في وجهات النظر بشأن الحصة المحددة لها. وقد أثارت تلك الخطوة آنذاك شكوكاً حول استمرارية خفض الإنتاج، وميزان القوى في سوق النفط العالمية.

ولكن التحالف، مدد في مطلع مارس الماضي خفض الإنتاج حتى يونيو المقبل، سعياً إلى تجنب حدوث فائض بالأسواق العالمية، ولدعم استقرار الأسواق والأسعار.

2- إنتاج النفط في أميركا الشمالية

أصبحت الولايات المتحدة وكندا قوتين مهيمنتين في إنتاج النفط والغاز عالمياً، إذ أنتجتا أكثر من 41 مليون برميل مكافئ نفط يومياً خلال 2023، وارتفع الإنتاج بأكثر من 90% منذ عام 2000.

تجاوز إنتاج الولايات المتحدة من النفط التوقعات بشكل ملحوظ في العام الماضي بنحو مليون برميل يومياً، في ضوء تطوير وزيادة إنتاج النفط الصخري.

من المتوقع ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة بنحو 625 ألف برميل يومياً في 2024، ما يُعتبر أكبر زيادة على مستوى العالم. إلا أن تلك التوقعات تعتمد على أسعار النفط، فانخفاض سعر خام غرب تكساس عن 70 دولاراً للبرميل، قد يعطل الاستثمارات في النفط الصخري نتيجة الالتزامات المالية.

كذلك سيكون إسهام كندا في الإنتاج ملحوظاً رغم استقراره، حيث يُتوقع أن يلبي إنتاج أميركا الشمالية نحو 90% من نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري.

3- طلب الصين على النفط

يتوقع التقرير انخفاضاً ملموساً في طلب الصين على النفط، وتراجعه بنحو النصف من 1.02 مليون برميل يومياً في 2023 إلى 490 ألف برميل يومياً فقط في العام الجاري. ويُعزى ذلك إلى ضعف تعافي الاقتصاد بعد إعادة فتحه مع انتهاء جائحة كورونا، وركود سوق العقارات، والتحول إلى اقتصاد معتمد على الخدمات، وتزايد تبني السيارات التي تعمل بالكهرباء والوقود البديل.

اقرأ أيضاً: مصافي الصين الصغرى تخفض إنتاجها مع فتور الطلب على الوقود

من المتوقع حدوث انخفاض كبير في نمو الطلب المسجل على البنزين والكيروسين على أساس سنوي، ليتباطأ النمو من 680 ألف برميل يومياً، إلى 250 ألف برميل يومياً فقط.

كذلك يُتوقع أن يواجه قطاع البتروكيماويات، الذي مثل قوة دافعة رئيسية للطلب على النفط، تحديات بضغط من المنافسة المحتدمة، وموجة المشاريع الجديدة، ما سيؤدي إلى تجاوز الطلب على المواد الأولية للبتروكيماويات التوقعات السابقة بمعدل طفيف. ويعكس هذا التحول، التغير في مشهد استهلاك الطاقة في الصين.

4- استمرار زخم المركبات الكهربائية

سجل زخم تبني المركبات الكهربائية في الصين نمواً ملحوظاً، مع صعود قياسي لنسبة المركبات الكهربائية بالكامل والسيارات الهجينة القابلة للشحن الخارجي في تسجيل المركبات الخفيفة الجديدة من 3% في مطلع 2020 إلى 38% بحلول نوفمبر الماضي. ويرجع هذا الارتفاع الكبير إلى توفر مجموعة متنوعة من الطرازات منخفضة التكلفة، والإعفاءات الضريبية للمركبات الكهربائية، والتوسع السريع في البنية التحتية للشحن.

أما في أوروبا والولايات المتحدة، فتتزايد الحصة السوقية للمركبات الكهربائية تدريجياً، إذ يواجه انتشارها عقبتين تتمثلان في وجود مجموعة محدودة من طُرز المركبات الكهربائية، والفارق السعري الكبير بينها وبين السيارات التقليدية ذات محرك الاحتراق الداخلي. رغم ذلك، هناك إشارات على تسارع محتمل في تلك المناطق، من بينها زيادة مبيعات المركبات الكهربائية بالكامل المصنعة في الصين في أوروبا، وتوسع شبكة "تسلا" للشحن السريع في الولايات المتحدة.

تشير تلك المستجدات إلى مشهد جديد يمكن أن يكتسب فيه اعتماد السيارات الكهربائية المزيد من الاهتمام خارج الصين، متأثراً بتحولات السياسات والتقدم في البنية التحتية.

5- أسعار السيارات الكهربائية

تتميز الصين بانخفاض أسعار المركبات الكهربائية، إذ يتضاءل الفارق السعري بينها وبين سيارات محرك الاحتراق الداخلي بشكل كبير، مقارنة بغيرها من الأسواق الكبرى. ومصدر هذه الميزة هو استخدام الصين الاستراتيجي لبطاريات الليثيوم وفوسفات الحديد، وانخفاض التكاليف اللوجستية، ومزايا الإنتاج الكبير.

اقرأ أيضاً: هل فعلاً مستقبل السيارات الكهربائية في السوق الصينية؟

تمثل الصين محور سلسلة التوريد العالمية للبطاريات، ما يمنحها ميزة التكلفة المنخفضة في تصنيع المركبات الكهربائية بالكامل. ومن المتوقع أن يؤدي الوجود المتزايد للمركبات الكهربائية المبنية على منصات التكنولوجيا الصينية، إلى ضغوط هبوطية على أسعار السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية على المستوى الدولي، وخاصة في أوروبا.

المشهد الاستثماري يدعم هذا الاتجاه، خصوصاً مع تزايد الاهتمام بالمركبات الكهربائية على حساب السيارات التقليدية. ويعد ذلك بتسريع وتيرة التقدم في التكنولوجيا، وزيادة وفورات الإنتاج الكبير للمركبات الكهربائية الكاملة. رغم ذلك، فتلك التوقعات المتفائلة تواجه تحدياً يتمثل في نقص المواد الخام للبطاريات، ما قد يعيق التقدم تجاه خفض تكلفة المركبات الكهربائية بالكامل، أو حتى يعكس مساره.

6- الطلب العالمي على النفط

أشارت الوكالة في توقعها الأساسي إلى نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 1.5 مليون برميل يومياً في 2024، في انخفاض عن نموه في 2023 والذي سجل حينها مليوني برميل يومياً. وعزت هذا التراجع بشكل أساسي إلى اتجاهات الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في ضوء توقع تباطؤ معدل نمو الناتج الإجمالي الحقيقي من 2.7% في 2023 إلى 2.3% في 2024، ما يعكس ضعف الآفاق الاقتصادية في كل أنحاء العالم.

تمثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو عنصرين رئيسيين في اتجاهات الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فيما تُعد آسيا، بالأخص الصين والهند وجنوب شرق آسيا، ركيزة بالغة الأهمية، إذ تسهم بنسبة 60% من ارتفاع الطلب على النفط.

كما تلعب أسعار النفط دوراً حاسماً في تشكيل الطلب، مع توقع "إس آند بي غلوبال" متوسط سعر خام برنت عند 83 دولاراً للبرميل في السيناريو الأساسي.

تشمل القوى الرئيسية الدافعة للطلب الكيروسين والديزل والبنزين، وتظهر أنماط الطلب تأثيراً واضحاً للعامل الموسمي على المخزونات والأسعار. مع ذلك، فإن الضبابية التي تحيط بعوامل غير متوقعة، مثل تقلب أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية، قد يكون لها أثر كبير على توقعات الطلب، ما يشير إلى انحراف محتمل عن مسار النمو المتوقع.

7- إنتاج النفط في أميركا اللاتينية

من المتوقع أن يصل إنتاج أميركا اللاتينية من النفط إلى 9 ملايين برميل يومياً أو أكثر، وهي علامة فارقة لم تُسجل منذ 2016. ويأتي هذا الارتفاع مدفوعاً بمشروعات التطوير الضخمة للحقول البحرية في البرازيل وغيانا، والتحول بعيداً عن الخام الثقيل التقليدي في المكسيك وفنزويلا.

سجلت حقول النفط في المياه العميقة بطبقة ما قبل الملح في البرازيل مستويات إنتاج قياسية، في ضوء زيادة مشاريع المرافق العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ. أما مشروع بايارا في غزيانا، فيتوقع أن يسهم في إنتاج القارة بمقدار 600 ألف برميل يومياً خلال 2024.

اقرأ أيضاً: "إكسون" و"سينوك" تتحدان ضد "شيفرون" في النزاع على نفط غيانا

الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبرازيل وغيانا يعزز دورهما كموردتين رئيسيتين للأسواق الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا. وقد أدت صادرات البلدين دوراً جوهرياً في موازنة مشهد النفط العالمي، لا سيما في ظل الاضطرابات التي ضربت السوق بعد فرض عقوبات على روسيا.

وفي ظل احتمال حدوث توترات جيوسياسية، تتزايد أهمية إنتاج البلدين في الحفاظ على استقرار إمدادات النفط العالمية.

8- موردو النفط المعاقبون

من المتوقع استقرار إنتاج النفط في روسيا وإيران وفنزويلا خلال 2024، في ضوء تمديد موسكو خفض الإنتاج التزاماً بتعهداتها في إطار "أوبك+".

رغم الزيادة المؤقتة في إنتاج إيران نتيجة تخفيف العقوبات الأميركية، قد تعرقل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط زيادة الإمدادات.

تناقض تخفيف العقوبات على فنزويلا مع الآثار طويلة المدى لنقص الاستثمار، ليبلغ الحد الأعلى المتوقع للإنتاج عند 800 ألف برميل يومياً.

كانت إعادة توجيه النفط الخاضع للعقوبات إلى أسواق منطقة آسيا والمحيط الهادئ ملحوظة، إذ صعدت صادرات موسكو إلى آسيا من 36% إلى 86% بعد فرض العقوبات. مع ذلك، انخفضت صادرات إيران وفنزويلا على حد سواء، فيما أصبحت الصين والهند الدولتين المشتريتين الرئيسيتين.

من المرجح أن يستمر هذا التغير في ديناميكيات التجارة، الذي شكلته العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، خلال 2024، ما يعكس التشابك المعقد بين سياسات النفط العالمية وطلب الأسواق.

9- استثمار منتجي النفط في تحول الطاقة

السؤال بشأن مدى كفاية الاستثمار في إمدادات النفط على المدى الطويل دائم. لكن التوقعات بشأن الاستثمار في المنبع أصبحت غامضة على نحو متزايد، نظراً لعدم اليقين بشأن وتيرة التحول في مجال الطاقة وحجمه.

من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي العالمي على الطاقة بمقدار 100 مليار دولار في الفترة 2023-2024، مع نمو النفقات الرأسمالية على المنبع بمقدار 30 مليار دولار. وكما كان متوقعاً، أدى انتعاش أسعار النفط منذ عام 2020 إلى زيادة في الإنفاق على الاستثمار في نشاطات المنبع.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تحذر من تسارع كبير في وتيرة تغير المناخ

التقرير أشار إلى أن السياسات الحكومية وتعهدات الصناعة ستؤثر بشكل حاسم على الاستثمار في المنبع.

فعلى سبيل المثال، اقترحت حكومة كندا في الآونة الأخيرة إطاراً قانونياً لوضع حد أقصى لانبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن قطاع النفط والغاز بالبلاد ثم خفضها. وفي الولايات المتحدة، يوفر قانون خفض التضخم حوافز ضخمة لتطوير تقنيات خفض الانبعاثات.

في قمة المناخ "كوب 28" في الإمارات، قدم قطاع التنقيب والإنتاج العالمي تعهدات رسمية بخفض الانبعاثات الناجمة عن عملياته، والأرجح أن الصناعة ستسرع وتيرة جهودها الرامية إلى خفض انبعاثات الميثان، وتعزيز تقنية احتجاز الكربون، واستغلاله وتخزينه خلال العام الجاري.

10- الانتخابات الرئاسية الأميركية

توجز الانتخابات الأميركية المرتقب إقامتها في نوفمبر المقبل الضبابية الأوسع نطاقاً التي تحيط بدور البلاد على الساحة العالمية. فقد يكون للنتيجة النهائية تبعات هائلة على العلاقات الدولية والسياسات التجارية والالتزامات البيئية، وبالتبعية، ستؤثر على حسابات أسواق النفط وقطاع السيارات في جميع أنحاء العالم.