بلومبرغ: "G42" أبرمت اتفاقاً سرياً مع أميركا قبل صفقة مايكروسوفت

الشركة الإماراتية ستضمن استمرار حصولها على التكنولوجيا الأميركية نظير تصفية استثماراتها في الصين

شعار "مايكروسوفت" على جهاز كمبيوتر محمول
شعار "مايكروسوفت" على جهاز كمبيوتر محمول المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعلنت "مايكروسوفت" صباح اليوم الثلاثاء عن شراكة مع "جي 42" (G42) بعد مفاوضات سرية بين الحكومة الأميركية والشركة التي يقع مقرها في أبوظبي، حيث وافقت الشركة على تصفية استثماراتها في الصين والتحول إلى استخدام التكنولوجيا الأميركية.

"جي 42"، وهي شركة قابضة ينصب تركيزها على الذكاء الاصطناعي، عقدت محادثات مع مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأميركية، وتوصل الطرفان إلى اتفاق في العام الماضي، وفق أشخاص مطلعين على المحادثات، وأضافوا أنه بموجب الاتفاق، وافقت الشركة على تقليص تواجدها في الصين، وإلا كانت ستواجه احتمال اتخاذ واشنطن إجراءات عقابية في حقها.

مثلت المحادثات جزءاً من جهود أوسع نطاقاً تبذلها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بهدف كبح التقدم التكنولوجي للصين، وحشد الدعم في أنحاء العالم.

يدير "جي 42" الشيخ طحنون بن زايد، صاحب النفوذ الواسع في العائلة الحاكمة لأبوظبي، ويبدو أن الشركة ستصبح قوة عظمى للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.

رئيس أوبن إيه آي: الإمارات يمكن أن تصبح بيئة لاختبار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

قال الرئيس التنفيذي للشركة، بنغ شياو، لـ"بلومبرغ" في فبراير إن الشركة ستتخارج من استثماراتها في الصين، إلا أن التفاصيل وراء هذا القرار لم يُكشف عنها النقاب.

وتواصل مسؤولون أميركيون، على رأسهم مسؤولو مكتب الصناعة والأمن، مع الإمارات بعد موافقة مجلس الأمن القومي الأميركي، وأطلعوا التنفيذيين في الشركة بأن عليهم الاختيار بين الولايات المتحدة والصين.

تفاصيل المفاوضات بين الإمارات وأميركا

شملت المفاوضات مع مكتب الصناعة والأمن شياو، والشيخ طحنون، والسفير الإماراتي للولايات المتحدة يوسف العتيبة، والمحامي المخضرم في مكتب "بول هاستينغز" (Paul Hastings) للمحاماة مارتي إدلمان، الذي يشغل منصب المستشار القانوني لشركة "جي 42".

ورفض ممثل عن مكتب الصناعة والأمن التعليق. فيما قال المتحدث باسم "جي 42" في بيان إن قرار تصفية الاستثمارات ينبع عن رغبة "في الشراكة مع الشركات الأكثر تقدماً في تقنية الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، وبصفة خاصة بالولايات المتحدة، إضافة إلى أوروبا في بعض الحالات".

واستطرد أن "العوامل الجيوسياسية تؤثر على كل الشركات العالمية، بما يشمل شركتنا"، وأن التعاون مع "مايكروسوفت" وشريكتها "أوبن إيه آي" (OpenAI) "مثّل لنا فرصاً حقيقية للتحول الاقتصادي والتقني. بالتأكيد استدعت تلك الفرص الابتعاد عن العلاقات مع الصين، والمعدات والخدمات الصينية، وما زلنا نجري هذا التحول بطريقة يمكن التحقق منها".

ضمان الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية

مقابل التخارج من الاستثمارات في الصين، حصلت "جي 42" على ضمانات بأن تحظى بإمكانية وصول مستمرة إلى التكنولوجيا الأميركية التي تشغّل الذكاء الاصطناعي، بحسب أحد المطلعين على الأمر، بما يشمل الرقائق التي تصنعها شركة "إنفيديا". وأضاف آخر أن الاتفاقية كان لها كلفة كبيرة على "جي 42"، إذ سيتوجب عليها إزالة بعض التقنيات الصينية من أنظمتها.

أبوظبي تؤسس شركة للاستثمار بالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات

ساعدت خطة التخارج أيضاً في وضع أساس لاستثمار "مايكروسوفت" 1.5 مليار دولار في "جي 42"، في إطار اتفاقية أُعلن عنها صباح اليوم الثلاثاء. وتنص الاتفاقية -من بين بنود أخرى- على انضمام رئيس "مايكروسوفت" براد سميث إلى مجلس إدارة "جي 42"، واستخدام الأخيرة خدمة "أزور" السحابية التابعة لصانعة البرمجيات الأميركية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. تمثل الاتفاقية استكمالاً لشراكة قائمة، وتم التوصل إليها بعد التشاور مع حكومتي الإمارات والولايات المتحدة.

تُعد "جي 42" أكبر شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات، وخضعت لتدقيق الكونغرس الأميركي خلال الشهور الماضية، بعد مطالبة مشرع بارز بفرض عقوبات عليها بسبب علاقتها مع شركتي "هواوي تكنولوجيز" و"بيجينغ جينوميكس إنستيتوت" (Beijing Genomics Institute) الصينيتين المدرجتين على القائمة السوداء، ونفت الشركة بشكل قاطع وجود "علاقات مع الحكومة الصينية ومجمعها الصناعي العسكري".

جاء الاتفاق مع الإدارة الأميركية بعد تحذيرات من وزارة الخارجية وجهات أخرى بأن إدراج "جي 42" على قائمة سوداء للتصدير سيسفر عن كارثة في العلاقات الأميركية الإماراتية.

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط

تسعى الشركة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في كل المجالات، من الطب إلى استكشاف الفضاء، وتُعد من أثمن الأصول لدى الشيخ طحنون. وقال المتحدث باسمها إن المسؤولين الأميركيين لم يهددوا بعقوبات خلال المحادثات.

زارت وزيرة التجارة الأميركية، جينا رايموند، الإمارات في مارس الماضي لمناقشة التقدم الذي أحرزته "جي 42" في الابتعاد عن الصين، ضمن موضوعات أخرى، وفق بعض المطلعين على الأمر.

يُعد الاتفاق المثال الأحدث على تزايد اهتمام واشنطن بالطموحات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات في الشرق الأوسط، حيث تتنافس السعودية والإمارات على التحول إلى مركزين رئيسيين للتكنولوجيا.

الإمارات تطلق "جيس".. منافس عربي لـ"ChatGPT"

كما وسّعت وزارة التجارة الأميركية نطاق قيود التصدير على تكنولوجيا أشباه الموصلات في العام الماضي، وفرضت في الفترة الحالية الحصول على ترخيص لبيع الرقائق المتقدمة والأدوات المتطورة إلى دول يخشى المسؤولون أن تستخدمهم الصين وسطاء للالتفاف على القيود الأميركية، ويقع عدد من تلك في الشرق الأوسط. كما خضعت صناديق سيادية في المنطقة لتدقيق لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بسبب علاقاتها مع الصين.

إلا أن الشركات والمديرين التنفيذيين الأميركيين، ومنهم "مايكروسوفت" وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، يفضلون المنطقة. وعززت تلك الشركات حضورها في الشرق الأوسط في الوقت الذي تستثمر فيه الصناديق السيادية مليارات في التكنولوجيا المتطورة.