دليل لتجار خيارات السفر الجوي لما بعد الجائحة

أحد المسافرين يعبر من أمام أجهزة لتذاكر السفر ولافتات تحمل العلامة التجارية لشركة "أمريكان" للطيران في مطار رونالد ريغان بمدينة أرلنغتون بولاية فيرجينا الأمريكية
أحد المسافرين يعبر من أمام أجهزة لتذاكر السفر ولافتات تحمل العلامة التجارية لشركة "أمريكان" للطيران في مطار رونالد ريغان بمدينة أرلنغتون بولاية فيرجينا الأمريكية المصدر: بلومبرغ
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع بدء انتشار لقاحات فيروس كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، يفكر الأشخاص الذين لم يسافروا خارج ضواحيهم منذ شهور في القيام برحلة.

هناك فرصة هنا لكل من المسافرين من جهة، وشركات الطيران التي تحرص على إقناعهم بالعودة (للسفر) على متن الطائرة من جهة أخرى. وللحصول على أفضل قيمة من الصفقة، من المفيد أخذ بعض الدروس من الأسواق المالية.

بالنسبة للمبتدئين، هناك عدم تناسب حاد في السيولة (نسبة السيولة المتوفِّرة لدى الشركة مقابل التزاماتها المالية) في الوقت الحالي، ومن الأفضل للمسافرين استغلاله. فشركات الطيران في وضع يائس، وفي شركات النقل الجوي المدرجة بالبورصة وحدها، زادت الديون بنحو 124 مليار دولار منذ بداية الوباء، وستحترق عشرات المليارات من الدولارات إضافية قبل أن يبدأ القطاع في العودة إلى الوضع المالي المستقر، والربحية في الربع الأخير من العام الجاري، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا).

من جانب العملاء، لا يمكن أن تكون الأمور أكثر اختلافاً. ففي حين عانى العديد من العمال من البطالة، وانخفاض فترات الدوام بالعمل، فإنَّ الأسر بشكل إجمالي (ولاسيَّما الفئة الديموغرافية الأساسية الأكثر ثراء للسفر الجوي) لديها وفرة كبيرة من المال. كما ادخرت الأسر الأمريكية ما يقرب من 30 تريليون دولار خلال العام الماضي، مع بلوغ معدل الادخار ذروته بأكثر من ثلث الدخل المتاح في أبريل.

وهذا يمثِّل حافزاً هائلاً لشركات النقل الجوي لتحويل هذه الأموال من ميزانيات الأسر إلى ميزانياتها الخاصة، ويعدُّ قرار شركة "يونايتد إيرلاينز هولدينغز إنك" في شهر أغسطس الماضي بإلغاء الرسوم على تغيير الرحلات مثالاً جيداً. وشكَّلت الرسوم الإضافية 2.4 مليار دولار مربحة بشكل خاص من عائدات الشركة البالغة 43 مليار دولار في عام 2019. من خلال إلغاء رسوم التغيير، فإنَّها تتخلى عن هذا الربح طويل الأجل من أجل بعض السيولة قصيرة الأجل.

سيكون هناك الكثير من هذه الأمثلة مع خروج العالم من شرنقة الحجر الصحي.

وقال "أندريا ستينز"، المدير غير التنفيذي والرئيس التنفيذي لوحدة الخطوط الجوية الأسترالية السابقة لشركة "كوانتاتس إيروايز ليمتد" (Qantas Airways Ltd): "يتعيَّن على شركات الطيران خفض الأسعار لتشجيع الناس على وضع خطط طويلة الأجل، وهذا يعني أنَّ الناس لم يعودوا يشترون تذاكر الطيران فقط، فأنت تدفع مقابل الخيارات (مثل تعديل الرحلات)".

إذا كان هذا، فيبدو أنَّ الركاب يشاركون في تجارة عقود مشتقات معقدة، فليس من قبيل المصادفة، إذ تعمل شركات الطيران على بيع سلعة شديدة التلف، وهي تذاكر سفر على مسار وتاريخ محددين. داخل كل جزء من المقصورة، وتختلف هذه الأسعار من الأسعار المرنة بالكامل إلى أرخص الفئات، إذ قد يتحمَّل العميل جميع تكاليف الإلغاء أو التغييرات في الرحلة.

يمكنك تحديد القيمة الأساسية للتذكرة على أنَّها تكاليف شركة الطيران، وهي عادة حوالي 7 سنتات أو 8 سنتات للمسافر الواحد، لكل كيلومتر تقريباً في كل مكان في العالم؛ بالإضافة إلى أيِّ هامش يمكن أن تأمل الشركات في الحصول عليه. علاوة على ذلك، ستدفع زيادة مالية مقابل أشياء مثل السفر في درجة رجال الأعمال، أو الحجز في وقت متأخر، أو أثناء فترات الإجازة، أو الملحقات، مثل: رسوم الأمتع ، أو التمتُّع بمزيد من المرونة لتغيير حجزك.

الأجرة القابلة للاسترداد النقدي بالكامل، هي مثل خيار لشراء تذكرة في تاريخ محدد. وتجاهل تكلفة الفرصة البديلة لاحتجاز أموالك، فهي حرة أيضاً، وهذا احتمال جذاب، فمع وجود الكثير من عدم اليقين بشأن قرارات الحكومات بشأن فتح الحدود، ارتفعت قيمة هذا الخيار بشكل كبير، وهي حقيقة لا تعكسها أسعار التذاكر دائماً، وهذا سبب إضافي لفحص الشروط والأحكام عن كثب، التي يبدو أنَّها ستتحوَّل لصالح العميل، وفقاً لـ"ستينز ".

على سبيل المثال، يمكن الحصول على رحلة ذهاب وعودة على الدرجة الاقتصادية لمدة أسبوعين من سيدني إلى لندن على شركة الخطوط الجوية القطرية في سبتمبر مقابل 1755.70 دولاراً أسترالياً (1345 دولاراً أمريكياً) في الوقت الحالي. هذا على الجانب المنخفض من الأسعار النموذجية؛ إذ تصل إلى أقل من 4 سنتات لكل كيلومتر سفر، ولكنَّها تأتي أيضاً مع ميزة تغييرات غير محدودة، أو استرداد نقدي خلال هذا العام. أولئك الذين يختارون استرداد أموالهم كقسيمة - أي أنَّهم يقدِّمون قرضاً بدون فائدة إلى شركة الطيران بشكل فعال، ويحققون ما هو أفضل- يحصلون على مكافأة بقيمة 10% بالإضافة إلى المبلغ الذي دفعوه.

في أماكن أخرى، تبدو قيمة توفير الخيار بالفعل باهظة الثمن؛ فرحلة العودة مع شركة "كوانتاس" في التواريخ نفسها، لكن بفارق ساعة واحدة إضافية بين سيدني وملبورن، إذ تصل إلى 1044 دولاراً أسترالياً مع حجز أجرة اقتصادية مرنة، وهذا كله ليس أقل بكثير من تكلفة السفر إلى أوروبا والعودة. لكنَّ التخلي عن خيار الاسترداد يعني أنَّك ستدفع 220 دولاراً أسترالياً فقط (ولا يزال بإمكانك استرداد الأموال، إذا جرى إلغاء الخدمة). والأمر متروك للمسافرين، فيما إذا كانوا يرغبون في إنفاق علاوة بنسبة 375% مقابل بعض المرونة - ولكن بالنظر إلى الطريقة التي جرى بها إغلاق حدود الولاية الأسترالية، وإعادة فتحها مراراً وتكراراً خلال هذا فترة تفشي وباء كورونا،

فلا شك أنَّ أولئك الذين لا يرغبون في المخاطرة.

سينظر العديد من الركاب إلى هذه الأنواع من الأمور، ويخلصون إلى أنَّ شركات الطيران تتلاعب بالأسعار. في الحقيقة، هم شركات خاسرة تحاول تحقيق أفضل استفادة وسط هذا المأزق الرهيب؛ نظراً لأنَّ كل شركة طيران في العالم تقريباً تنظر في ترقب إلى إمكانية الإفلاس، وحالة الحجر الصحي التي سببت الفوضوى لهم، التي يمكن أن تستمر حتى عام 2022، فإنَّهم يستخدمون أدواتهم المعتادة للتمييز (بين فئات الركاب) في الأسعار، لمعرفة الأسعار التي سيتحملها السوق.

إذا كان سعرها مرتفعاً للغاية، فسيجري اتهامهم بالاستغلال، وهي ليست فكرة جيدة هذه الأيام، عندما يتلقى الكثير من أموال الإنقاذ الحكومية، والسعر منخفض للغاية؛ إذ سيتوقَّع الركاب أسعاراً مخفَّضة كالمعتاد، مما يجعل من الصعب على شركات النقل الجوي سداد الديون التي جمعوها.

ستشعر أنَّ الحياة، وأنت مسافر عبر الجو في عام 2021، كأنَّها رحلة محفوفة بالمخاطر إلى مقامرة في نادي السفر، ولكنَّ الحياة كشركة طيران ستكون أسوأ من ذلك.