"بريفان هاورد" تخرج من عباءة مؤسسها الملياردير البريطاني

الملياردير البريطاني آلن هاورد مؤسس شركة "بريفان هاورد"
الملياردير البريطاني آلن هاورد مؤسس شركة "بريفان هاورد" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

منذ أن أسس الملياردير البريطاني آلن هاورد صندوق التحوط التابع لشركة "بريفان هاورد" (Brevan Howard) منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، بات اسمه مرتبطاً به بصورة تلقائية، حتى أصبح ذكر أحدهما مرادفاً لذكر الآخر، إلا أن الرئيس التنفيذي للصندوق قرّر مؤخراً تغيير ذلك.

يعمل آرون لاندي، الذي حلّ محلّ الملياردير في ترؤُّس شركة "بريفان هاورد" منذ أكثر من عام، على تحويل شركة الاستثمار الشهيرة من صندوق تحوُّط بقيادة مؤسسها، إلى شركة خدمات مالية أوسع نطاقاً، ممهداً الطريق لها للبقاء والاستمرارية بعيداً عن اسم الرجل الذي ارتبط اسمه بها على مدى أعوام.

وقال لاندي، 58 عاماً، لـ"بلومبرغ" في مقابلة نادرة: "هذا هدفي باختصار شديد: الاستمرار في إبعاد الشركة عن صندوق التحوط المعتاد الذي يسيطر عليه شخص واحد".

الشركات الاستثمارية بعيداً عن نجومها

وتُعَدّ هذه مهمة كبيرة في صناعة مبنية على الأفراد، فقد فشل معظم العاملين في هذه الصناعة بالتعامل مع خطط تغيير القيادة أو اعتمدوا اعتماداً مفرطاً على شخصية بارزة، مما ترك المستثمرين قلقين بشأن ما سيحدث في حال مغادرة هذا الشخص، أو فقدان لمسته الاستثمارية السحرية.

وهذه مشكلة بارزة، خصوصاً بالنسبة إلى المعاشات التقاعدية والهبات أو التبرعات التي أصبحت الآن من أكبر الداعمين والتي تحتاج إلى إيداع الأموال على مدى فترة أطول.

هاورد يتخلّى عن الإدارة اليومية

وقد ترك هاورد العمليات اليومية في أواخر عام 2019 للتركيز على التداول، وهو يدير حالياً جزءاً من أمواله الخاصة ورأسمال بعض العملاء ونحو عُشر صندوق الشركة الرئيسي الذي تبلغ قيمته 4.7 ​​مليار دولاراً.

ولكنّ عديداً من المتداولين الآخرين في شركة "بريفان هاورد" يديرون أيضاً صناديقهم الخاصة بأصول تزيد على مليار دولار، وهم لا يكسبون عملاء جدداً فحسب، بل يعمدون إلى تخفيف ظاهرة التبعية لأبطال عالم المال والاستثمار، وارتباط النجاح باسم شخص واحد مما يخفّف ظاهرة النجم المنفرد في هذا المجال.

بدوره يترأس ريشي شاه، واحداً من الصناديق التابعة للشركة، الذي جاء بنسبة عائدات بلغت 99% في عام 2020، وهو عام قياسي للشركة، فقد بدأ العملاء العودة إليها، وتضاعفت أصولها إلى 13 مليار دولار، حتى إن شركة "بريفان هاورد" تريد الآن الابتعاد عن توجه الصناعة في خفض الرسوم، من خلال زيادة بعضها.

ويُعد هذا تحولاً دراماتيكياً لشركة كانت تعاني حتى عام 2018. إذ كانت تخسر ثمانية دولارات من أصل عشرة تديرها، أو تعيدها أحياناً لتمثّل جزءاً من عمليات إغلاق الصناديق، بالإضافة إلى سحب بعض عملائها سابقاً أموالهم بعد تحصيلهم سلسلة من العوائد المتواضعة.

ولا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كان المدير التنفيذي لاندي قد نجح في تحقيق هذا التحول النادر، إذ إن هاورد لا يزال يمتلك أغلبية الأسهم في الشركة، إلا أنه يتمتع بحرية أقلّ في تقرير مستقبل "بريفان هاورد".

وصحيح أن لاندي لم يكشف عن تفاصيل خططه خلال مكالمة من منزله عبر تطبيق "زووم"، إلا أن توجهاته المستقبلية باتت واضحة.

مستقبل الشركة بعيداً عن صندوقها الأساسي

أنشأت شركة "بريفان هاورد" عدداً من الهيئات التابعة لها مثل شركة خدمات الأموال "كورمونت" (Coremont) التي تركز على الاستثمارات وتحقيق دخل جديد عن طريق إقراض البنية التحتية للدعم الإداري للمديرين الخارجيين.

كما تجاوز عملها صندوقها الرئيسي، إذ قدّمت منتجات متعددة، بل وفرصاً للاستثمار المشترك.

ومع أن الشركة تخطّط لالتزام جذورها الأصلية ذات القيمة النسبية والمشتقات التجارية، فإن لاندي قال إن التغييرات الجديدة سوف تجعل الشركة أكثر مرونة.

وفي حين أن عدداً قليلاً فقط من الشركات مماثل لشركة "بريفان هاورد" للاسترشاد والمقارنة بها، من أمثال شركة "مارشال وايس" (Marshall Wace) في لندن، وشركة "دي إي شو" (D.E. Shaw) في نيويورك اللتين وسّعتا أعمالهما للتقليل من المخاطر الناجمة عن نجومية المؤسسين الرئيسيين، فإن صناديق التحوط التي تجاوزت فكرة تمجيد الأفراد واعتمدت نهج الفريق للاستثمار تشهد ازدهاراً بالفعل.

فكل من شركتَي "ميلينيوم مانيجمينت" (Millennium Management) و"سيتاديل" (Citadel)، على سبيل المثال، تواجه طلباً وإقبالاً كبيرين، لدرجة أنهما تعتذران عن قبول أي أموال من مستثمرين جدد.

من جهته يقول نيكولاس روث، رئيس قسم الأصول البديلة في بنك "ريل آند ساي" (Reyl & Cie) الخاص، ومقره جنيف، إن "التحول من اسم المالك إلى علامة تجارية ليس بالأمر السهل، وهو أمر لم يتمكن منه سوى عدد قليل من المديرين، إلا أنه قد يؤدي إلى تحقيق مستقبل مستدام بالفعل إذا طُبّق بالطريقة الصحيحة".

ولكنّ خطراً آخر يواجه المستثمرين، هو المسار الذي سلكته الأسماء الكبيرة مثل جون بولسون ومايكل بلات من خلال إعادة رأس المال وتحويله إلى مكتب عائلي. وهو شيء نفَت شركة "بريفان هاورد" نيَّتها أن تفعله في الماضي.

وقد رفض ممثل هاورد، الذي تقدر ثروته الصافية حسب "مؤشر بلومبرغ للمليارديرات" بمليارَي دولار، التعليق على هذا المقال.

بدايات هاورد

أنشأ هاورد وأربعة متداولين آخرين يعملون على مكتب تداول الدخل الثابت في مجموعة "كريدي سويس غروب"، شركة "بريفان هاورد " عام 2002.

ويتكون الشق الأول من اسم الشركة من مجموعة الأحرف الأولى لأسماء المؤسسين، وهم جان-فيليب بلوشي، وكريس روكوس، وجيمس فيرنون، وترافون ناتسيس.

وقد عمل بها المدير الحالي لاندي منذ البداية تقريباً، فقد دخل عالم المال والأعمال بعد حصوله على الدكتوراه في الهندسة من جامعة كامبريدج.

وكان لاندي التقى هاورد لأول مرة في "توكاي بنك يوروب" (Tokai Bank Europe)، وانضمّ إلى شركة "بريفان هاورد" في عام 2003، حيث كان يعمل مديراً للمخاطر ومسؤولاً عن منع حوادث التداول، قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي للشركة.

وقد نجح هاورد، وهو متداول جدّي سريع الكلام، في بناء شركته وتحويلها إلى قوة استثمارية ضخمة.

وتعززت سمعته في عام 2008 عندما بلغت عائدات صندوقه الرائد نسبة 20%، وذلك خلال الأزمة المالية التي قضت على تريليونات الدولارات في الأسواق العالمية.

إلا أن الشركة تعرَّضت بعد ذلك للمتاعب التي بدأ العملاء على أثرها يتركون الشركة، كما انهارت أصولها من ذروة بلغت 40 مليار دولار في عام 2013 ، إلى نحو 6 مليارات دولار قبل عامين.

ثم جاء عام 2017 فبدأت الشركة منح كبار متداوليها فرصة إدارة صناديقهم الخاصة. ويترأس لاندي الآن الجهود المبذولة للتأكد من أن الشركة لن تعاني أبداً من الأضرار التي كادت تجبرها على الانهيار في العقد الماضي.

وقد وظفت الشركة مؤخراً بيتر هورنيك، الذي عيّن في الماضي مديري أموال في شركة "إكسودوس بوينت كابيتال مانيجمينت" (ExodusPoint Capital Management)، بغرض توسيع فريق الشركة واستكشاف المتداولين.

وقال لاندي، الذي يواجه منافسة توظيف صعبة أمام عمالقة مثل شركتي "ميلينيوم" و"سيتادل": "إن الطريقة الوحيدة للحصول على أفضل المواهب هي بذل جهود عظيمة لذلك".

وعلى عكس بعض أقرانه الذين يعيّنون مديري الأموال ويفصلونهم باستمرار، تتمتع شركة "بريفان هاورد" بمستوى أعلى من التسامح.

ويضيف: "ثقافة المخاطرة لدى شركة (بريفان هاورد) ليست متصلبة لدرجة أنك قد تُطرد من وظيفتك إن وصلت إلى مستوى وقف الخسارة".

نجوم إدارة الصناديق

في سوق المال شيء واحد بات يرغب فيه كثير من المتداولين، هو فرصة إدارة صناديقهم الخاصة.

وفي حين يبدو أن العمل التجاري يلقى سحره في ظل البيئة الصعبة لجذب رأس المال وارتفاع نسبة التكاليف، يمكن للمتداولين الذي يحققون أداءً عالياً في شركة "بريفان هاورد " الحصول على فرصة إدارة صناديقهم الخاصة.

ويعود كثير من الفضل في تحول شركة "بريفان هاورد" الجديد، إلى بعض المتداولين النجوم بها، ففضلاً عن شاه، هناك متداولون مثل مينال باثوال، وفاش غولشين، يديرون صناديقهم الخاصة ويجتذبون العملاء للعودة مرة أخرى.

ويقول لاندي: "لا يريد الجميع إدارة صناديقهم الخاصة، لأن الناس يفهمون بالفعل الضغوط المفروضة في هذا المجال، والتي تضطرّهم إلى تقديم إجابات وافية وردود على المستثمرين، والظهور أمام أعين العامة"، وأضاف: "نحن ندعم طموحاتهم".