أوروبا و"المركزي الأوروبي" يبقيان على تبنّي نهج الحمائم

كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي
كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خلال قيام البنك المركزي الأوروبي بمراجعةٍ رئيسيةٍ لتحفيزه الوبائي، قرر بعناية شديدة عدم تبنّي أي من نهج الصقور المتشدّد، الذي تبناه كل من "الاحتياطي الفيدرالي" و"بنك إنجلترا" هذا الأسبوع. كان هذا أكثر سيناريو "حمائمي" من التناقص التدريجي للتيسير الكمي، يمكن لسوق السندات الحكومية الأوروبية أن تتمناه على الإطلاق. وضمن الإطار الزمني الذي تشمله هذه الإجراءات، لن يفكر البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة حتى عام 2024 - على أقرب تقدير.

اقرأ أيضاً: "المركزي الأوروبي" يتجنب "الخروج العنيف" من الأزمة

رئيسة البنك، كريستين لاغارد، كانت تحاول جاهدةً شرح كيف كان مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي متكيفاً، حيث وضع الخطط لإنهاء برنامج التيسير الكمي الوبائي -المعروف باسم "برنامج شراء الطوارئ الوبائية" (PEPP)- في مارس كما هو مخطط له. كان المفتاح هو التأكد من أن البديل الموجود مسبقاً، "برنامج شراء الأصول" (APP) - من ناحية جميع النوايا والأغراض– هو نسخة مشابهة للغاية من "برنامج شراء الطوارئ الوبائية".

اقرأ المزيد: بنك إنجلترا يفاجئ الأسواق برفع سعر الفائدة

التحفيز يبقى جاهزاً

كانت العناصر المفاجئة للمراجعة الرئيسية لـ"البنك المركزي الأوروبي" يوم الخميس، عبارة عن بند الخروج: يمكن إعادة تفعيل "برنامج شراء الطوارئ الوبائية" في حال تعثر الاقتصاد. والتوقيت مرن، لأنه لا يوجد تاريخ انتهاء لـ"برنامج شراء الأصول". وهكذا، قدّم البنك المركزي لنفسه آلية تراجع لإعادة تشغيل حافز أكبر بسرعة في حال تعثر الاقتصاد. لقد تعلّم الدرس من عدم كونه جاهزاً، أو ذا مرونة كافية لخوض أزمات سابقة. وهكذا أصبح التيسير الكمي -الذي كان في يوم من الأيام أداة غير تقليدية للسياسة النقدية- تقليدياً بالكامل، وجزءاً دائماً من البنوك المركزية. على الأقل في منطقة اليورو.

اقرأ أيضاً: "الفيدرالي الأمريكي" يُشدِّد سياسته النقدية حالياً لتجنب الألم الحقيقي لاحقاً

بالإضافة إلى ذلك، جرى تمديد إعادة الاستثمار في الحيازات المستحقة في "برنامج شراء الطوارئ الوبائية" لمدة ستة أشهر أخرى، على الأقل حتى عام 2024. إنها أداة قوية تعادل حوالي 150 مليار يورو (169.5 مليار دولار) إضافية من المشتريات السنوية. بحلول هذا الوقت من العام المقبل، سيظل شراء التيسير الكمي معادلاً لما لا يقل عن 30 مليار يورو شهرياً بمجرد تضمين إعادة الاستثمار. كالعادة، تُركت الوتيرة الفعلية المخطط لها للربع التالي غامضة، لكن محللي "سيتي غروب" يعتقدون بأنها ستبلغ حوالي 50 مليار يورو شهرياً من المشتريات المباشرة، وتتباطأ مرة أخرى إلى 40 مليار يورو في الربع الثاني عندما يبدأ "برنامج شراء الأصول". إنه تناقص تدريجي بالتأكيد، لكنه ذو مسار من نوع التناقص بالغ التدريج.

منطلقات مختلفة

كان العديد من دول اليورو، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، على حافة الركود قبل تفشي الوباء، وهو ما يفسر الاستجابة النقدية والمالية غير العادية لحالة الطوارئ. ولهذا السبب أيضاً، من المفهوم أن يظل العلاج بواسطة التحفيز ثابتاً في مكانه في منطقة اليورو في المستقبل المنظور. تُظهر التوقعات المستقبلية لـ"البنك المركزي الأوروبي" بشأن النمو الاقتصادي العودة إلى وتيرة طبيعية أكثر تشبه مرحلة ما قبل كوفيد، إذ وصلت إلى 1.6% لعام 2024. وقالت لاغارد، إنه من غير العدل مقارنة منطقة اليورو إما بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، لأن كلاً منها بدأ من قاعدة مختلفة تماماً.

ربما الأهم من ذلك، وبشكل متفائل، أن توقعات البنك المركزي الأوروبي للتضخم، تظهر أنه يعتقد أن ارتفاعات الأسعار الحالية ستمر، وأن أسعار المستهلك ستعود إلى ما دون هدف 2% بحلول عام 2023. وقد توقع أن يسجل التضخم في منطقة اليورو 3.2% لعام 2022 هو أقل بكثير مما رصده الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا . ومع بلوغ مؤشر أسعار المستهلك في شهر نوفمبر 4.9% على أساس سنوي، فإن هذه توقعات تعتبر جريئة إلى حد ما، وهي لا تزال من الناحية الفنية أكبر نقلة على الإطلاق، من التوقعات السابقة عند 1.7% في سبتمبر.

أيدت أغلبية كبيرة من 26 عضواً في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الإجراءات المعلنة. لكن الصقور مازالوا ينتظرون حلول وقتهم.

الأمر يحتاج إلى وقت

لم يكن كل الأمر مشرقاً ووردياً. كانت هناك خسارة للمرونة في الاستجابة للوباء مع تغيير اختصارات أسماء البرامج. ارتفعت عائدات السندات اليونانية، لأنها لن تكون جزءاً من "برنامج شراء الأصول"، وهي واحدة من العديد من الأمور المتصلبة التي تم تصميم "برنامج شراء الطوارئ الوبائية" لتصحيحها. ومع ذلك، أوضحت لاغارد أن آلة إعادة الاستثمار "برنامج شراء الطوارئ الوبائية" ستظل تعمل في الخلفية، وهذا سيسمح للبنك المركزي الأوروبي بشراء ديون يونانية بدرجة كافية. وفي الجوهر قالت لاغارد: ثقوا بنا. كما بيعت ديون البلدان الجنوبية الأخرى مثل إيطاليا والبرتغال. لكن ربما يكون هذا مجرد قلق في السوق من أن غطاء الأمان أصبح الآن أصغر. لكن ليس بالضرورة أقل فاعلية. أدت تطمينات لاغارد السلسة إلى ارتفاع عائد الدعم الحكومي.

بشكل عام، كانت خطوة أولى ناجحة لفطام منطقة اليورو عن التيسير الكمي القياسي. ولكن لا داعي للشك في أن البنك المركزي الأوروبي اتبع مرة أخرى بحذر ودون مخاطرة جانب الحمائم، ويبدو أنه مصمم على اتباع نهج مختلف عن الآخرين. سيترك المركزي الأوروبي أمر خفض التحفيز بشكل أسرع للآخرين. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتنشيط اقتصاد اليورو.