انهيار الروبل وحده لن يثني بوتين عن خططه في أوكرانيا

يكاد انزلاق الروبل يكون طفيفاً مقارنة بالتقلبات التي تعرضت لها الليرة التركية في السنوات الأخيرة دون أن يكون لها تأثير يذكر على الزعيم التركي

أوراق نقدية روسية وأمريكية
أوراق نقدية روسية وأمريكية المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتعاظم التكهنات بشأن اندلاع نزاع في أوكرانيا إعلامياً، فلا عجب أن يتجه الروبل الروسي مجدداً نحو أضعف مستوياته مقابل الدولار الأمريكي التي شهدها في 2020، حيث سجل تراجعاً بأكثر من 5% هذا الشهر. يتوعد الغرب تكراراً بعقوبات أشد، ما يجعل حركة التجارة ورأس المال المقيدة بالفعل أصعب ويبرر خروج المستثمرين الأجانب والمحليين.

السؤال هو: هل يثني انهيار الروبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن شن حرب؟ لن يثني مصير الروبل بوتين عن شن هجوم إن قرر ذلك، رغم أن موسكو تنفي تكراراً وجود أي خطة لاقتحام جارتها. سيؤلم انهيار العملة لكن ليس بقدر يفوق بكثير ما يعانيه الاقتصاد حالياً.

بوتين فائز ما دامت هرة شرودنغر حية

تعد روسيا المُصدّر الأكبر للوقود الذي يُتداول بالدولار عموماً. لذا فإن ضعف الروبل سيرفع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي. علّق البنك المركزي بالفعل مشترياته اليومية المنتظمة للدولار، الأمر الذي كان ضئيل الأثر. يكاد انزلاق الروبل مع ذلك يكون طفيفاً مقارنة بالتقلبات التي تعرضت لها الليرة التركية في السنوات الأخيرة دون أن يكون لها تأثير يذكر على الزعيم التركي. قد تكون الإجراءات غير العسكرية الوحيدة الناجحة وقد فصلتها في ديسمبر وهي عزل روسيا والشركات المرتبطة بها عن أسواق الديون وأنظمة الدفع الدولية. لكن الغرب يحجم حتى الآن عن أي عقوبات على أمل أن تنجح المساعي الدبلوماسية.

زعزعة الاقتصاد

يؤدي مع ذلك التدهور السريع للعملة الروسية لزعزعة استقرار الاقتصاد المحلي، الذي يعاني من تضخم مرتفع للغاية، حيث تستورد روسيا العديد من السلع والمواد الغذائية من الخارج. نما الاقتصاد الروسي بنحو 4.3% العام الماضي، ليعكس مسار الهبوط الذي كان عليه في العام الأسبق نتيجة جائحة كورونا ويُتوقع أن يحقق نحو نصف هذا النمو في هذا العام وفي تاليه عند 2.5% تقريباً. الطبع سيكون الحال مجهولاً إن اندلعت حرب. ليس لدى البلد حاجز صد اقتصادي قوي يمكنه الاعتماد عليه، وقد تدفع الصدمة المفاجئة إلى ركود اقتصادي.

المطلوب من واشنطن عزل روسيا عن شبكة "سويفت"

لن يستمتع بوتين برؤية الروبل ينهار أكثر. أعربت روسيا خلال مفاوضات "أوبك +" عن قلقها من أن ارتفاع سعر النفط سيزيد عملتها ضعفاً، رغم ذلك فقد يكون هناك بعض العزاء عبر امتلاء خزائن موسكو بالدولارات جرّاء ارتفاع أسعار النفط بسبب التوترات العسكرية الكبيرة في أوروبا.

يُتوقع أن يرفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة المستهدفة من 8.5% حالياً بمقدار 50 أو حتى 100 نقطة أساس في اجتماعه القادم في 11 فبراير. يجعل ضعف العملة تلك الخطوة أكثر إلحاحاً، وقد يكون هناك رفع بنقطة مئوية أو أكثر مع مرور الوقت. تعني التوقعات بارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 8.7% في يناير أن البنك المركزي يدخل في وضع رفع أسعار الفائدة. تناهز أسعار المنتجين 30%، فحتى كبار منتجي النفط والغاز مثل روسيا ليسوا محصنين من تضخم أسعار الطاقة أو الاختناقات اللوجستية التي يسببها فيروس كوفيد.

الروبل فقد حظوته لدى المستثمرين في ظل التوترات الجيوسياسية

لا يرجح أن حال الروبل، رغم أهميتها إلى حد ما، ستكون وحدها قادرة على تغيير مسار الأحداث العالمية، فالقدرة الروسية على تحمل المعاناة أسطورية. مع ذلك، سيتعين على بوتين حساب تدهور العملة ضمن تداعيات غزوه الشامل لأوكرانيا، التي منها الازدراء الدولي والانهيار الكامل للأسواق المالية الروسية والاقتصاد المحلي برمته. هذا إن كان ما يزال يحسب.