لماذا لا تدخل مخاطر الفيضانات في تسعير عقارات السواحل الأمريكية؟

مبان سكنية محاذية للشاطئ في "ساني آيلز بيتش" بولاية فلوريدا الأمريكية يوم 16 فبراير 2022. أظهر تقرير جديد صادر عن علماء المناخ، أن مستويات سطح البحر على طول السواحل في الولايات المتحدة سترتفع حوالي قدم واحدة بحلول عام 2050
مبان سكنية محاذية للشاطئ في "ساني آيلز بيتش" بولاية فلوريدا الأمريكية يوم 16 فبراير 2022. أظهر تقرير جديد صادر عن علماء المناخ، أن مستويات سطح البحر على طول السواحل في الولايات المتحدة سترتفع حوالي قدم واحدة بحلول عام 2050 المصدر: بلومبرغ
Jonathan Levin
Jonathan Levin

Jonathan Levin has worked as a Bloomberg journalist in Latin America and the U.S., covering finance, markets and M&A. Most recently, he has served as the company's Miami bureau chief. He is a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المتوقع أن يدفع ارتفاع مستويات سطح البحر إلى زيادة الفيضانات المدمرة للغاية بمقدار خمسة أضعاف في الولايات المتحدة بحلول عام 2050. لكن دراسة جديدة لأسعار العقارات والمنازل في ولاية فلوريدا الساحلية، تشير إلى أن المشترين يغفلون أو أنهم غير مبالين بهذه المخاطر. يأتي ذلك في الوقت الذي يتعين على الحكومات اتخاذ إجراءات، تضمن موافاة كل شخص بالمعلومات الصحيحة حول هذا التهديد الجسيم.

اقرأ أيضاً: هل يرتفع البحر ويغرق حلم كاليفورنيا؟

أظهرت نتائج الدراسة التي قام بها فريق من الباحثين في "فريدي ماك" (Freddie Mac) بقيادة أجيتا أتريا، أن المنازل المعرضة بشكل مباشر لارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع، لا تنخفض أسعارها مقارنة بالمنازل الأخرى غير المهددة بهذا الخطر. وكانت المنازل الواقعة في مناطق محددة في سهول الفيضانات ذات أسعار مخفضة، ولكن من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو تعويض تكلفة التأمين ضدّ الفيضانات التي لا بد أنها تتحملها إذا تم تمويلها برهن مدعوم من الحكومة، بدلاً من مخاطر مستوى سطح البحر في المستقبل. وتنطبق نتائج الدراسة على العقارات الاستثمارية، بالإضافة إلى الوحدات التي اشتُريت كمساكن رئيسية.

اقرأ المزيد: من أجل حماية البشرية.. هل ستنجح الأقمار الصناعية في قياس تطور ارتفاع

تجاهل المخاطر

بشكل عام، فإن التوجه السائد في السوق لتجاوز مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر، تشكل إشارة خطيرة. هناك حوالي 40% من سكان الولايات المتحدة يعيشون في مقاطعات ساحلية، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، إذ يتوقع الباحثون في الإدارة ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل 10 إلى 12 بوصة (25 – 30 سنتيمتر) بحلول عام 2050، حتى لو تمكّن العالم من خفض غازات الاحتباس الحراري قبل تلك الفترة.

إلا أنه من الواضح أن العديد من مشتري المنازل لا يمتلكون المعلومات المهمة حول هذا الأمر. بالنسبة إلى فلوريدا والعديد من الولايات الأخرى، لا يُفرض على البائعين الكشف عن بيانات الفيضانات السابقة، ناهيك عن إخبار المشترين بأن المنازل تواجه مخاطر ارتفاع منسوب البحر. فقد أظهر تقييم نشره موقع مجلس الدفاع عن الموارد الوطنية، أن فلوريدا تأتي ضمن 21 ولاية تحصل على التصنيف "إف" (F) في الكشف عن بيانات الفيضانات، الذي يعني عدم وجود متطلبات قانونية أو تنظيمية للكشف عن الفيضانات في وقت البيع. حتى في الولايات التي تتطلب الإفصاح عن هذه البيانات، غالباً ما تأتي في ذيل الترتيب، أي عندما يصل المشترون إلى المراحل النهائية من التوقيع على مجموعة المستندات الختامية، وفقاً لمايكل جيرارد، مدير "مركز سابين لقانون تغير المناخ" (Sabin Center for Climate Change Law) التابع لكلية الحقوق في جامعة كولومبيا. أما المستأجرون، فعادة ما يحصلون على حماية أقل مقارنة بالمشترين.

آثار مستقبلية

كما أظهرت دراسة "فريدي ماك" أن أقساط التأمين تؤثر على توجهات الشراء، إذ يميل المشترون في مناطق الفيضانات المحددة إلى خفض قيم العقارات. ولسوء الحظ، لا تزال مناطق الفيضانات الحكومية لا تأخذ بعين الاعتبار الآثار المستقبلية لارتفاع مستوى سطح البحر. وكان جويل سكاتا، محامي قضايا المياه والمناخ في مجلس الدفاع عن الموارد الوطنية، قال لي إن الافتقار إلى خرائط تظهر مستقبل الفيضانات، "أشبه بقيادة السيارة فقط من خلال الاعتماد على مرآة الرؤية الخلفية لديك".

من المعروف أن السياسيين وناخبيهم، غالباً ما يعارضون بيانات تحديد سهول الفيضانات بدافع القلق من أن ذلك من شأنه أن يبخس قيمة العقارات في منطقتهم. يجب على المسؤولين الحكوميين في الولايات والبلديات المعرضة للخطر بدلاً من ذلك، أن يتحلوا بنظرة طويلة الأمد، مفادها: أن الخرائط الدقيقة والمستقبلية من شأنها أن تعزز جهود الاحتواء اللازمة.

من الواضح أن هناك عدداً من التطورات الإيجابية بشأن معالجة ما يسمى بعدم تناسق المعلومات الخاصة بمخاطر الفيضانات على العقارات. فقد تعاونت شركتا "ريلتر. كوم" (Realtor.com) و"ريدفين" (Redfin) مع مؤسسة "فيرست ستريت فاونديشن" (First Street Foundation) غير الربحية، بهدف توفير تقييمات لمخاطر الفيضانات على العقارات، وذلك من خلال مواقعهما على شبكة الإنترنت، حيث أشار ماثيو إيبي، مؤسس "فيرست ستريت" إلى أنه يتطلع إلى توسيع هذا التقييم ليشمل المزيد من الكيانات الحكومية. وقال لي في مكالمة هاتفية يوم الخميس الماضي: "كل ما نسعى إليه هو تزويد الناس بالمعلومات، حتى نطلع الجميع على الوضع". وفي الوقت ذاته، من المقرر أن تصبح هاواي أول ولاية تفرض متطلبات للكشف عن ارتفاع مستوى البحر، وذلك اعتباراً من مطلع شهر مايو المقبل. ويجب أن تحذو بقية الولايات حذوها.

قوانين غير كافية

القوانين التي تفرض الإفصاح عن البيانات ليست كافية وحدها لحل مشكلات المناخ في العالم. فقد أخبرتني أبيغيل فليمنغ، المحامية في قضايا البيئة والأستاذة بكلية القانون في جامعة ميامي، هذا الأسبوع، بأنَّ "المسألة في المتناول للغاية، ونعم، إنها مهمة". وبحسب كلامها، فقد يكون للإفصاح عن بيانات الفيضانات أيضاً آثار سلبية على أسعار المساكن بالنسبة إلى الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وبعضها لا يعيش في المناطق المعرضة للخطر باختياره، ولكن لعدم وجود خيارات أخرى لديه. ولهذا السبب يجب أن تجمع خطط العمل بشأن المناخ بين متطلبات الإفصاح وجهود الاحتواء، والتملك الطوعي للمنازل في المناطق المعرضة للخطر، والمساعدة في إعادة التوطين وتوعية الجمهور حول مخاطر الفيضانات التي تصل إلى الناس، قبل أن يوشكوا على شراء منزل أو استئجاره.

على الرغم من ذلك، من المرجح أن تستمر بعض أجزاء سوق المساكن في تجاهل الواقع. وبصفتي مقيماً في فلوريدا، فقد رأيتُ عن كثب عدد مشتري المنازل الذين توصلوا إلى استنتاجات (بشكل صحيح أم لا) مفادها أن أفق استثمارهم قصير بما يكفي، بحيث لا يكون ارتفاع مستوى سطح البحر مهماً. ومن الممكن أيضاً أن تكون ديناميكيات العرض والطلب على المدى القريب بمثابة تحليلات ساحقة لآفاق المنطقة على المدى الطويل. وشأنها شأن أجزاء أخرى من "حزام الشمس" (أو الولايات الأمريكية الجنوبية)، تشهد فلوريدا تدفقاً من الوافدين الجدد الباحثين عن طقس دافئ على مدار العام وشواطئ جميلة وثقافة نابضة بالحياة. وقد تساعد الضرائب العقارية التي يدفعونها، المجتمعات في النهاية على التكيف مع التحدي المتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر، ولكن من المهم أولاً أن يعترف الجميع بحجم المشكلة ونطاقها، وهذا يشمل سوق المساكن.