كيف سيساعد دواء كورونا على إنهاء الوباء إن لم يصل للناس؟

تتعاظم المخاوف من أن التوزيع غير المتكافئ للدواء سيفاقم من تحدي السيطرة على الوباء

رسم تعبيري
رسم تعبيري المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أشعلت شركة "فايزر" حماسة متقدة لدى كشفها عن فاعلية عقارها المضاد لـ كوفيد في نوفمبر، ولقي "باكسلوفيد" (Paxlovid) إشادة العلماء كإنجازٍ بالتصدي للفيروس. تسابق زعماء العالم لضمان إمدادات منه، لكن التفاؤل حول قدرة "باكسلوفيد" على المساعدة في وضع حد سريع للوباء بدأ يتضاءل بعد ثلاثة أشهر من طرحه مع تعاظم المخاوف من أن التوزيع غير المتكافئ سيفاقم من تحدي السيطرة على الوباء.

الصين تنتفض مجدداً لمواجهة تصاعد تفشي "كورونا"

اعتبر خبراء الأدوية أنه من المبكر التكهن حول ما إذا كان مآل توزيع علاج كوفيد هو عدم التكافؤ كما كان حال توزيع اللقاح. قد يستغرق إنتاج وإتاحة كميات ضخمة من العلاج أكثر من عام بسبب عقبات إنتاجية وتنظيمية. فيما استحوذت الدول الغنية على حصة كبيرة من الإمدادات الأولية من "باكسلوفيد"، الذي قلل من الحاجة لدخول المستشفيات والوفاة جرّاء "كوفيد-19" بنسبة 89% في تجارب سريرية، تواجه دول عديدة منخفضة ومتوسطة الدخل انتظاراً قد يكون طويلاً للحصول على بدائل تنتجها شركات أخرى.

قالت بورنا نياوكي أنوك، وهي طبيبة وباحثة في كينيا تعمل مع مبادرة "أدوية الأمراض المهملة" غير الربحية: "سبق أن خضنا في تلك المناقشات بشأن اللقاحات. من المؤسف أننا بحاجة للخوض فيها مجدداً".

وقت ثمين

بات الوقت هو الشيء الوحيد الذي يفتقر العالم إليه فيما يتسبب كوفيد بآلاف الوفيات يومياً. كلما بدأ الفيروس بالتراجع، تظهر متغيرات جديدة أو فرعية، ما يتسبب بارتفاع معدلات الإصابة مجدداً. تسعى منظمات صحية وباحثون وشركات لتسريع إنتاج "باكسلوفيد" بما يفوق المتوقع حالياً، ولخفض تكلفة تصنيعه المرتفعة، نظراً لإدراكهم الدور الحاسم الذي قد يلعبه عقار "فايزر" في القضاء على الفيروس.

قالت جانيت غينارد، مديرة الإستراتيجية في "يونيتيد"، وهي الوكالة الصحية التي تساعد بتنسيق نشر أدوية كوفيد: "نحتاج أن نعرف ما الممكن، وما إذا كان بإمكاننا تسريعه"، حسب غينارد، تعمل "يونيتيد" مع شركاء لتحري كيفية زيادة حصيلة الإنتاج، ومساعدة الدول على تعزيز تحري الإصابات لتوفير العلاج لأكبر عدد من الناس.

"فايزر": الولايات المتحدة تطلب 10 ملايين جرعة إضافية من "باكسلوفيد"

رفعت "فايزر" في ديسمبر هدف إنتاج 2022 إلى 120 مليون رزمة دواء من 80 مليوناً بعد أن أجازته الجهات التنظيمية الأمريكية، ثم وافقت عليه سلطات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها. تتواصل الشركة مع أكثر من 100 دولة، بما فيها دول منخفضة الدخل، لبحث الإمدادات المباشرة. أعلن مسؤولون أفارقة في مارس عن صفقة أولية مع "فايزر"، التي ستبيع زهاء 4 ملايين رزمة من الدواء في إطار اتفاق مع منظمة الإغاثة الدولية "يونيسيف"، رغم أن مناصري قضايا الصحة يقولون إن هذ القدر بالكاد يكفي مع استمرار متغيرات الفيروس بتهديد العالم.

بدائل في ديسمبر

قال تشارلز غور، المدير التنفيذي لتجمع براءات اختراع الأدوية المدعوم من الأمم المتحدة، إنه يُتوقع ظهور أول بدائل عقار "باكسلوفيد" في ديسمبر على أقرب تقدير. وقعت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، اتفاقيات مع ثلاثين شركة لتصنيع الأدوية في مارس حتى يتمكنوا من توفير بدائل نوعية من عقار "باكسلوفيد" لحوالي 95 دولة، تضم نحو نصف سكان العالم. بيّن أن الجهود المبذولة لتوسيع الإمدادات تتحرك "بأسرع ما يمكن من الناحية البشرية، حيث إن هناك مجموعة كبيرة من الأمور التي ينبغي القيام بها، وجميعها تستغرق وقتاً".

"فايزر" تكبح توقعاتها لمبيعات لقاح كورونا وسط تنبؤات خافتة

يحتاج منتجو البدائل قبل تصنيع الدواء أن يحصلوا على كميات كبيرة من 38 مكوناً ومادة مساعدة تشتريهم الشركات من موردين حول العالم، وفقاً لشركة "أيرفينيتي" (Airfinity) للتحليلات في لندن، ما قد يؤدي لاختناقات في الإنتاج.

كما يواجه المصنعون خطر خسارة الاستثمارات مع عدم اليقين حول قوة الطلب على "باكسلوفيد"، حسب قول أندرو هيل، الزميل الأقدم في جامعة "ليفربول" البريطانية، الذي أوضح أن تراجع إدخال الناس للمستشفيات لدى الإصابة بمتغير "أوميكرون" قد يصعب على الحكومات تبرير شراء علاج "فايزر". لكن إن ظهر متغير أكثر إثارة للقلق، وأظهرت البيانات أن "باكسلوفيد" لايزال فعَّالاً في مجابهته، "فسيكون امتلاك عقاقير مثل هذه بمثابة هدية من السماء".

تتكون رزمة العلاج من حبتين، إحداهما "نيرماتريلفير"، وهو دواء جديد مصمم لمنع عمل إنزيم رئيسي يستخدمه الفيروس لنسخ نفسه بحيث يصبح قادراً على إصابة الإنسان. الأخرى هي دواء "ريتونافير" المستخدم لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، الذي يساعد على إبطاء تحلل الدواء الأول، ما يمكّنه من البقاء فاعلاً لفترة أطول وبتركيز أعلى. تعتبر المعلومات العامة حول "نيرماترلفير" محدودة نسبياً، لذا كان على المنتجين انتظار التراخيص وإتاحة منتج "فايزر" الأصلي، وفقاً لمتحدث باسم تجمع براءات الاختراع.

أسرع ولكن..

قد يصبح دواء "مولنوبيرافير" (Molnupiravir) المضاد لـ كوفيد من إنتاج شركة "ميرك أند كو" (.Merck & Co) متاحاً على نطاق واسع قبل "باكسلوفيد". كانت الشركة قد وقعت اتفاقيات أولية مع شركات أدوية هندية لتصنيع بدائل بنفس التركيب منذ نحو عام، ثم توصلت لاتفاق لتوسيع توافره عالمياً في أكتوبر. كما أن المنتجين أكثر إلماماً بالعلاج سالف الذكر. لكن لا يبدو أن حبوب "مولنوبيرافير " تتمتع بنفس فعالية "باكسلوفيد" حسب الدراسات، فضلاً عن كونها تنطوي على مخاطر على بعض المرضى.

إدارة الغذاء والدواء الأمريكية قد ترخص حبوب "فايزر" و"ميرك" هذا الأسبوع

قد يأتي أحد حلول معضلة الإنتاج من "مؤسسة الأدوية للجميع" التابعة لجامعة "فيرجينيا كومنولث"، التي تعمل مع "فايزر" بهدف خفض تكاليف المواد الأولية اللازمة لصنع الدواء الى النصف، حسب مؤسسها فرانك غوبتون. يدرس فريق "الأدوية للجميع"، الذي وجد طريقة لخفض تكلفة علاج "ميرك" عبر استبدال مكون ابتدائي واحد، الوصول لحل مماثل مع "باكسلوفيد"، ما يفيد "فايزر" وشركات صناعة بدائله من هذا التقدم. قال غوبتون: "تكمن المشكلة في سلاسل التوريد، لذا نبحث في كيمياء جديدة ومختلفة" للعثور على مواد أقل تكلفة وأكثر توفراً بسهولة.

يدرك مسؤولو الصحة الأفارقة تماماً ما هو على المحك مع التدافع للحصول على أدوية كوفيد. أثار ارتفاع أسعار أدوية فيروس نقص المناعة البشرية ضجة كبيرة قبل أكثر من عقدين من تفشي وباء كورونا، حيث مات الملايين في أفريقيا ودول أخرى لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج.

تقول الباحثة الكينية، نياوكي أنوك: "توطن مرض عالمي في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، أو أصبح مرضاً أفريقياً نتيجة انعدام قدرتنا على الحصول على العلاج المناسب... قد يحدث الشيء ذاته مع كوفيد."